برز منذ بداية جانفي 2011 الكثيرة من الإضرابات و الاعتصامات مما حدا ببعض أصحاب المؤسسات إلى توجيه وجهتها نحو بلدان أخرى للاستثمار بها. كما أن بعض المؤسسات العمومية و الخاصة لازالت تشهد إلى اليوم توترات في مناخها الاجتماعي إلى حد الوصول إلى إضرابات جوع.
و إذا حاولت الجهات الإدارية المختصة فض تلك النزاعات بين الطرفين المتنازعين فإنها تصطدم بتباين في المواقف حيال أسباب تلك النزاعات بحيث يصعب التوفيق بينها و مرد ذلك أن كل طرف يسعى إلى إبراز عدم جدية و صدق موقف الطرف الآخر فصاحب المؤسسة يحاول من جهته أن يبرز أن النزاع الذي تمر به المؤسسة مفروض عليه من قبل العمال فيما يتمسك الطرف العمالي بعدم تحمله مسؤولية النزاع و الذي ينسب نشوبه إلى المؤجر. و يظهر هذا التباين في جميع المجالات بما في ذلك وسائل الإعلام المرئية أو المكتوبة. إلا أننا لم نقرأ بحثا أو تصريحا حول أسباب فشل الوصول إلى اتفاق بين طرفي النزاع الشغلي سواء كان النزاع فرديا أو جماعيا و سأحاول في هذا الركن تقديم وجهة نظري الخاصة حول الأسباب الحقيقية لفشل التفاوض في النزاعات الشغلية.
1) يغلب على عقلية طرفي النزاع سواء العمال أو ممثليهم من جهة و صاحب المؤسسة من جهة أخرى منطق الربح و الخسارة في أي نزاع. حيث أن كل طرف يسعى إلى «ربح» الطرف الآخر أي هزمه دون تفهم وضعية الطرف الآخر.
2) عدم المصداقية و الإفصاح بالحقيقة و الذي يؤدي بدوره إلى سحب الثقة حيث نرى اليوم و أن كل طرف يجانب الحقيقة والواقعية و هو الشيء الذي يتسبب في ردة فعل الطرف الآخر بالتشبث بموقفه
ويكون بالتالي عدم المصداقية سببا من أسباب التوتر أثناء التفاوض و على العلاقات الشغلية المستقبلية فالمؤجر مثلا يصبح متخوفا من العمال و هؤلاء بدورهم متخوفون من مؤجرهم و بالتالي يصبح كل طرف يفكر أثناء التفاوض باستحالة استمرار العلاقة بينه و بين الطرف الآخر. كما يعتقد كل طرف أن الاعتراف بالخطإ أثناء الجلسة التفاوضية قد يستغلها الطرف الآخر لفرض رأيه. فما نسمعه اليوم أثناء التفاوض وأن كل طرف يعلم مسبقا أن الطرف الآخر سيقدم له معطيات مغلوطة وهو ما لا يخدم في حد ذاته استمرار العلاقة الشغلية و بقاء عنصر الثقة قائما بينهما.
3) عدم الإنصات الجدي من قبل الطرفين حيث يقاطع كل طرف الطرف الآخر دون تمكينه من إتمام
و بلورة فكرته حول موضوع النزاع.
4)تتميز جلسات التفاوض بضياع وقت طويل بشأن مواضيع لا علاقة لها غالبا بأصل النزاع.
5) إضاعة وقت طويل عند بداية أخذ الكلمة حيث يسعى كل طرف إلى تمجيد موقفه و أفكاره أو المنظمة التي ينتمي إليها كما أن الأطراف لا تؤيد مواقفها بمعطيات علمية أو مؤيدات قانونية بل تكتفي بتصريحات شفاهية لا يمكن إثباتها أو اعتمادها كمصدر موثوق.
6) قلة و عدم دراية و مهارة الأطراف في تسوية الصراعات و النزاعات الشغلية.
via MarocDroit موقع العلوم القانونية http://www.marocdroit.com/تونس-جريدة-البيان-ما-هي-أسباب-فشل-التفاوض-في-النزاعات-الشغلية-؟_a3224.html
0التعليقات :