جريدة الصباح: 30 في المائة من مجموع النزاعات القضائية لإدارة أملاك الدولة طرفها مؤسسات إدارية عمومية




مدير أملاك الدولة تحدث عن كلفة احتلال عقارات الدولة والحاجة إلى "نموذج اقتصادي" للعقار وتطوير القوانين



قال عمر فرج، مدير أملاك الدولة، إن محاور إستراتيجيته ترتكز على ثلاثة عناصر أساسية، تهم معرفة العقار الخاص للدولة، بشكل دقيق ومحدد، وتحفيظ الرصيد العقاري للدولة، ثم أخيرا تثمين العقار. وأفاد فرج، في حوار خص به «الصباح» أن الاحتياطي العقاري للدولة في تضاؤل تدريجي، بالمدن الكبرى والمتوسطة نتيجة الطلب المتزايد لتلبية الحاجيات في مجالات التجهيزات العمومية والبنيات التحتية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، مضيفا أن هذا الواقع يتطلب «إعادة تكوين الرصيد العقاري للدولة خلال السنوات المقبلة»



، ما يفرض الحاجة إلى إطار استباقي لتحديد الوعاء العقاري لإنجاز مشاريع الدولة، وضرورة إلى النظر في الترسانة التشريعية لحماية وتثمين العقار العمومي.وكشف مدير أملاك الدولة، أن حجم احتلال الملك الخاص للدولة، يبلغ 300 ألف هكتار، مشيرا إلى أن 80 ألف هكتار من هذا العقار يحتله الخواص، ما يعني أن الدولة تخسر حوالي 150 مليار درهم جراء وضعية الاحتلالات التي طالت أملاكها. وفي ما يلي نص الحوار:



نص الحوار



ما هي إستراتيجية المديرية في مجال تثمين عقار الدولة؟



مسألة تثمين العقار هي واحدة من المحاور الأساسية لهذه الإستراتيجية، وتهم أولا، معرفة العقار الخاص للدولة وتحفيظه ثم تثمينه. بخصوص معرفة العقار بشكل محدد ودقيق، وطبيعته القانونية ومجالات استخداماته وتنطيقه داخل هذه المجالات، هذه قضية أساسية، لأنه لا يمكن تشكيل عقار بدون معرفة حجمه، ونوعية التخصيص العقاري. وهذه الإشكالية لا يمكن الإجابة عنها إلا من خلال مدخلين، الأول يتعلق بجودة المعلومة حول العقار، حتى يتسنى اتخاذ القرار سواء على الصعيد التقني أو الاستراتيجي، والثاني، جودة المناطق، حيث يوجد العقار، لأن من خلال هذه المعادلة يكمن إعادة تشكيل العقار.

في هذا المجال قمنا بعمل دؤوب لمعرفة العقار الخاص للدولة، مكن من إدخال 20 ألف هكتار ضمن أملاك الدولة. وتطلب هذا الأمر توقيع اتفاقية شراكة مع الوكالة العقارية، لمساعدة الدولة على تثمين العقارات وتحديدها بناء على نظام معلومات جغرافي يضبط حجم العقارات التابعة للدولة. وهذه العملية من شأنها مساعدة المستثمرين على وضع مشاريع، وفق معايير تحددها الإدارة، بالنظر إلى طبيعة هذا النشاط الاستثماري ودفتر التحملات.

أما بخصوص تحفيظ الرصيد العقاري للدولة، فلا بد من الإشارة إلى أن هذا الرصيد يبلغ نحو 1.555.500 هكتار، منها 54 في المائة محفظة و45 في المائة موضوع مطالب التحفيظ. وينقسم هذا الرصيد، من حيث وضعيته، إلى 68 في المائة ملكا قرويا، و25 في المائة ملكا شبه حضريا، و7 في المائة حضري. نعمل اليوم، على توفير الحماية القانونية لهذا الملك، وكذا حمايته من الاحتلال من طرف الفاعلين، سواء الخواص أو المؤسساتيين، ذلك أنه من أصل أكثر من مليون و500 ألف هكتار، حجم الوعاء العقاري من الملك الخاص للدولة، توجد 300 ألف هكتار محتلة، من طرف العموم والخواص.

بطبيعة الحال، لا نملك الوسائل لمراقبة أملاك الدولة على الصعيد الوطني، لأننا نشتغل بقوانين قديمة وإمكانيات محدودة. ولذلك نقترح اليوم، في إطار المخطط التشريعي للدولة، تشريعات تضمن للدولة تحقيق هدفين، حماية الملك الخاص للدولة، وضمان تدبير سلس للعقار في مجال الاستثمارات، هذا المخطط من شأنه أن يتجاوز تبعات التشريع الفرنسي، باعتبار أن إدارة أملاك الدولة كانت من أوائل المرافق الإدارية التي أحدثت في عهد الحماية الفرنسية.

هل نفهم من خلال هذه الإستراتيجية، أنها تصب في تحقيق رهان تثمين العقار الخاص للدولة؟

مهمة إدارة أملاك الدولة، هي توفير عقار للدولة في إطار شروط اقتصادية معقولة، فالدولة في حاجة مستمرة للعقار من أجل توفير المرافق والخدمات العمومية، وكذا الاستثمارات المنتجة والبرامج الاجتماعي. لأجل ذلك يجب أن تتوفر الإدارة على وسائل عملية تساعدها على توفير العقار، وفق "نموذج اقتصادي"، يجمع بين توفير العقار للدولة تثمينه، بما يساعد على اقتناء عقار جديد .

بالعودة إلى مسألة تثمين الملك الخاص للدولة، فإن هذا المحور يشكل أحد الرهانات الرئيسية للمديرية من أجل توفير اعتمادات تمكنها من إعادة تكوين هذا الرصيد الاستراتيجي، الذي يشكل رافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وقد شرعت المديرية في مباشرة مجموعة من الأوراش البنيوية من بينها، فتح ورش لمراجعة مسطرة الخبرة العقارية يرمي إلى تنميط وتوحيد نموذج محضر الخبرة على أساس معايير موضوعية لتحديد قيمة الأملاك على أساس عناصر المقارنة والمعايير المكملة المرتبطة بالوضعية القانونية للعقار، ومستوى تجهيزه، والارتفاقات المنصبة عليه، والتي تؤثر سلبا أو إيجابا على قيمته الحقيقية.

ويهدف هذا الإجراء إلى مواكبة التطورات التي عرفتها الحياة الاقتصادية والاجتماعية وتعزيز الشفافية لجعل الأثمنة المعتمدة لتعبئة العقار العمومي قريبة من حقيقة السوق العقارية وإعطاء رؤية واضحة حول الأهمية الاقتصادية للرصيد العقاري في إطار المخطط المحاسبي للدولة.



نزع الملكية يتطلب وجود مشروع محدد لمرفق عمومي



ما هي الصعوبات التي تعترض هذه الإستراتيجية بشأن بإعادة تشكيل عقار الدولة؟



أود أن أشير، إلى أن الاحتياطي العقاري للدولة في تضاؤل تدريجي، خاصة على مستوى المدن الكبرى والمتوسطة نتيجة الطلب المتزايد لتلبية الحاجيات في مجالات التجهيزات العمومية والبنيات التحتية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، الأمر الذي يطرح بحدة موضوع إعادة تكوين الرصيد العقاري للدولة خلال السنوات المقبلة.

شخصيا، أميز بخصوص الصعوبات التي تعترض إعادة تشكيل الرصيد العقاري بين إكراهات ذاتية وخارجية. فبخصوص الصعوبات الذاتية: لم تتمكن المديرية بعد من ضبط دقيق للرصيد العقاري الشاغر والقابل للتعبئة، وذلك لمجموعة من الأسباب منها، إشكالية الاحتلال بدون سند ولا قانون، والارتفاع المضطرد لملفات النزاعات المعروضة على القضاء، وبطء عمليات تصفية الوضعية القانونية لجزء كبير من الأملاك، بالإضافة إلى غياب نظام معلوماتي يسمح بمعرفة دقيقة للرصيد العقاري.

أما بخصوص الصعوبات الخارجية، فهي تشمل غياب برمجة على المدى المتوسط، تسمح بمعرفة حاجيات مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية من العقار، وضعف الموارد المالية اللازمة لإعادة تكوين الرصيد العقاري للدولة إذ أصبح من الصعب تصور لجوء الدولة بشكل كلي إلى اقتناء عقارات الخواص بسبب ارتفاع قيمتها نتيجة المضاربات العقارية، الأمر الذي يقتضي إيجاد مقاربة مندمجة تأخذ بعين الاعتبار الأرصدة العقارية المسيرة من طرف كل الإدارات العمومية.

إدارة أملاك الدولة طرف في منازعات قضائية بشأن احتلالات أملاكها. هل تملك الإدارة بيداغوجية بديلة لحل هذه الملفات؟

في البداية لا بد من الإشارة إلى الكم الكبير من ملفات النزاعات القضائية والتي يفوق عددها 5000 ملف، الأمر الذي يجعل تدبيرها أمرا عسيرا. أمام هذا الوضع، قامت المديرية بصياغة مقاربة جديدة لتدبير النزاعات القضائية التي تهم الأملاك الخاصة للدولة. تعتمد هذه المقاربة على ثلاثة معايير في تصنيف القضايا موضوع النزاع، وهي معيار القيمة، أي الاستناد إلى القيمة المالية للعقار، ومعيار مساحة الأملاك المعنية، ثم أخيرا درجة الخطورة على الملكية، وذلك بالنظر إلى موضوع الدعوى ومدى تهديده لملكية الدولة للعقار.

بالموازاة مع ذلك تم اتخاذ مجموعة من التدابير في شأن هذه المنازعات القضائية، وذلك بالتنسيق مع وزارة العدل للإسراع في البت في مجموعة من القضايا المعروضة منذ عشرات السنين خاصة في قضايا التحفيظ العقاري، والرفع من مهنية المديرية لتحسين مستوى الدفاع عن مصالح الدولة. كما تشمل هذه التدابير اللجوء إلى المساعدة القانونية من طرف محامين بالنسبة لفئة من الملفات التي تكتسي أهمية خاصة على المستويين الاقتصادي أو الاستراتيجي، وتفضيل مقاربة التراضي لحل بعض النزعات كلما كان ذلك ممكنا.



ما هو تقييمكم اليوم لهذا التوجه الاقتصادي للعقار؟



بالتأكيد، ساهمت تعبئة عقارات الدولة خلال العشر سنوات الأخيرة 2002-2012، في خلق اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة، وفي إنعاش الاستثمار الداخلي والأجنبي بمختلف القطاعات. كما مكنت من إنجاز السياسات القطاعية للحكومة، وانعكست إيجابا الرفع من الناتج الداخلي الخام والمداخيل الجبائية للدولة. وحتى يتم تتبع هذه المشاريع بشكل فعال للاستفادة من مزاياها من حيث الاستثمار وخلق مناصب الشغل، تم إحداث لجنة وزارية برئاسة وزير الاقتصاد والمالية تنكب على دراسة مشاريع الاستثمار المتعثرة، وتعمل اللجنة على إيجاد الحلول المناسبة لتجاوز العراقيل التي تعترض هذه المشاريع، وتنكب على إحصائها واتخاذ القرار المناسب بشأنها، من خلال إيجاد حلول للمشاكل الإدارية، ومنح أجل إضافي للمستثمر أو فسخ العقد واسترجاع العقار عند الاقتضاء.



تثير قضية نزع الملكية التي تباشرها الدولة جدلا، في بعض الحالات، ألا يتطلب الإصلاح إعادة النظر في هذا النظام؟



أعتقد أنه آن الأوان، لفتح نقاش عمومي حول هذا الموضوع، بما يضمن البحث عن حل وسط بين تحقيق المنفعة العامة للدولة وحماية الحق في الملكية للأفراد، بوصفه حقا دستوريا. هذا النقاش يفترض أن يشارك فيها المجتمع المدني والإدارات المعنية والمؤسسة التشريعية.

في الوضعية الحالية، نزع الملكية يتطلب وجود مشروع محدد لمرفق عمومي، والدولة لا تستفيد من حق نزع الملكية إلا لفائدة إنجاز هذه النوعية من المشاريع، ولا يمكن أن تقوم بنزع الملكية لتشكيل الاحتياطي العقاري، وهذا أمر يتطلب إعادة النظر لمصلحة الأجيال المقبلة، بجعل مبدأ المنفعة العامة خيار استراتيجي، ضمن سياسة مندمجة هي موجودة اليوم ضمن سياسات المدينة التي تباشرها وزارة الإسكان وسياسة المدينة. إن تحقيق هذا التطور يقتضي تطوير الترسانة القانونية لمنح هذه الاختصاص لفائدة المديرية. هذه وجهة نظري، تلزمني، أدافع عنها من منطلق التفكير في النموذج الاقتصادي والقانوني للعقار.



إعادة تشكيل أملاك الدولة



لا شك، أن الذي يمنح قيمة لعقار الدولة هو مخطط التهيئة، لأنه يخطط للاستعمالات الخاصة بهذا العقار، وهو أمر يحقق القيمة المضيفة لأملاك الدولة في مناطق وجودها. لا نطلب أن يكون لعقار الدولة الامتياز ولكن فقط أن تحقق مخططات التهيئة داخل المدن نوعا من العدالة العقارية بين أملاك الدولة وأملاك الخواص، وألا تبقى أراضي الدولة دائما مجالا للاستعمالات السلبية.

في مجال تثمين العقار، فتحنا ورشا مع المديرية العامة للتعمير للتنسيق معها عند إعداد مخططات التعمير وتصاميم التهيئة لتفادي التخصيصات المعمارية السلبية للملك الخاص والاستفادة من التخصيصات ذات القيمة المضافة، بالإضافة إلى تطوير نماذج جديدة لتعبئة العقار العمومي (المبادلات، المساهمة في رأس المال...)، وذلك لمواكبة بعض المشاريع الكبرى، مثل المدينة الجديدة لزناتة، والقطب الحضري لمازاكان. في هذا المشروع الذي جرى توقيعه مع المكتب الشريف للفوسفاط، أسسنا شركة مشتركة تعود بالمداخيل على مالية الدولة وتضمن استعمالا جيدا للعقار، من خلال شراكة عمومية، بمنطق رابح-رابح. إذن، القصد الأساسي، من تنزيل هذه الإستراتيجية هو إعادة تشكيل عقار الدولة وتثمينه في ظل اقتصاد يقوم على تنافسية المنتوج العقاري.



30 في المائة منازعات قضائية مع الإدارات



المديرية تعتمد مقاربة مختلفة باختلاف الحالات المعروضة عليها ونوعية المحتلين، ذلك أن جزءا كبيرا من بعض المدن، مبني فوق العقار الخاص للدولة، وهناك إدارات تحتل ملك الدولة، وكذا الجماعات المحلية، وبالتالي فإن كل حالة من هذه الحالات تتطلب مقاربة مختلفة لحل هذه المنازعات. هناك أيضا، الخواص الذين يحتلون أكثر من 80 ألف هكتار من حجم العقار الخاص للدولة.

نتوفر اليوم على مقاربة مختلفة لتدبير النزاعات القضائية، وقد سجلنا أن 30 في المائة من مجموع النزاعات القضائية لإدارة أملاك الدولة طرفها مؤسسات إدارية عمومية. في بعض الملفات نجلس مع هذه المؤسسات لأجل إجراءات رضائية لمثل هذه الخلافات القضائية، وقد باشرنا إجراءات مع إدارة المياه والغابات فتوصلنا إلى اتفاقات لتسوية جميع النزاعات. وباشرنا المنهجية نفسها مع مصالح وزارة الداخلية والتجهيز..

من الملفات القضائية، وجدنا 600 ملف يطالب أصحابها بالخروج من الشياع، وطلبت، حينها، أن ننهج مسطرة القسمة بالتراضي، قبل اللجوء إلى القضاء، وهو ما تحقق فعلا، باستثناء الحالات الشاذة التي لم يتم الاتفاق بشأنها.



العقار وسياسة الأوراش الكبرى



بلغ حجم العقارات التي تم تسخيرها خلال المدة الممتدة من 2012-2002 لإنجاز مشاريع الاستثمار في أهم القطاعات المنتجة، ما يناهز 156.600 هكتار. وقد همت هذه المساحات القطاعين الاقتصادي المنتج والفلاحي. بخصوص القطاع الأول تمت تعبئة نحو 61.500 هكتار، توزعت بين ميدان الطاقة المتجددة (27.000 هكتار)، وإنعاش السكن الاجتماعي ومحاربة السكن غير اللائق (15.000 هكتار)، وتهيئة المحطات السياحية، في إطار «المخطط الأزرق»، (11.500 هكتار)، ثم تخصيص 6700 هكتار في قطاع الصناعة لتهيئة مجالات للاستقبال من مناطق صناعية ومجالات للتكنولوجيا الحديثة، وأخيرا تم تخصيص 1.300 هكتار في قطاعات مختلفة، منها التعليم والصحة والخدمات.

أما على مستوى الشراكة الفلاحية، فقد تمت تعبئة حوالي 95.189 هكتار برسم الأشطر الثلاثة من هذه العملية، وبلغ العدد الإجمالي للمشاريع الفلاحية 534 مشروعا باستثمار قدره 22 مليار درهم موزعة على الشكل التالي:



§ 163 مشروعا بمساحة 41.157 هكتارا في الشطر الأول

§ 117 مشروعا بمساحة 35.032 هكتارا في الشطر الثاني

§ 254 مشروعا بمساحة 19.000 هكتار في الشطر الثالث



نشتغل اليوم، على تعبئة نحو 17.000 هكتار برسم الشطر الرابع خلال السنة الحالية وذلك بتنسيق مع وكالة التنمية الفلاحية.







via MarocDroit موقع العلوم القانونية http://www.marocdroit.com/جريدة-الصباح-30-في-المائة-من-مجموع-النزاعات-القضائية-لإدارة-أملاك_a3222.html