بقلم: بدر الدين بن محمد بنعودة الإجازة في القانون الخاص 2012 . بالكلية متعددة التخصصات تــــازة.
تـــقـــديــــم:
تندرج هاته المقالة في إطار المستجدات التي تعرفها المنظومة التشريعية، ولعل من أبرز هاته المستجدات هو إلغاء محاكم الجماعات والمقاطعات وتعويضها بقضاء القرب وذلك وفق ما جاء في الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى السادسة والخمسين لثورة الملك والشعب(20 غشت 2009)، الذي حث فيه على اعتماد خريطة وتنظيم قضائي عقلاني. وعليه،فالسؤال المطروح هو: ما الغاية من هذا القانون وما هو الجديد الذي أتى به؟ وللإجابة على هذا السؤال ارتأيت أن أقسم هاته المقالة إلى مبحثين: المبحث الأول: نظرة حول محاكم الجماعات والمقاطعات. المبحث الثاني: مستجدات قضاء القرب. المبحث الأول: نظرة حول محاكم الجماعات والمقاطعات: كانت تنظم هاته المحاكم بمقتضى ظهبر شريف رقم:1.74.393 بتاريخ 24 جمادى الثانية 1394 الموافق ل15 يوليوز 1974 والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 3220، وما يميز هاته المحاكم هي أنها تختص في الدعاوى الشخصية*1 والمنقولة*2 وكذا في طلبات الوفاء بالكراء و طلبات فسخ عقود الكراء غير التجارية شريطة أن لا يتجاوز قيمة النزاع 1000درهم واستثناءا تمدد القيمة إلى 2000 درهم في حالة اتفاق الأطراف أمام الحاكم. لكن السؤال المطروح من هو الحاكم الذي يبت في النزاع؟ بالرجوع إلى القانون السالف الذكر نجد شروط الحاكم في الفصل الخامس وهي:
وبناء عليه، فكر المشرع المغربي في إيجاد حل لهذا المشكل الذي عمر طويلا وغير هذا القانون بقانون رقم 42.10 المتعلق بقضاء القرب. * المبحث الثاني: مستجدات قضاء القرب إن الغاية من إلغاء محاكم الجماعات والمقاطعات وتعويضها بقضاء القرب هي إعادة النظر في التنظيم القضائي وفي مكوناته من حكام ومحاكم ولعل التسمية تعطي المعنى الواضح في تقريب القضاء من المواطن في إطار القضاء في خدمة المواطن، وعليه، فإن المشرع المغربي بإحداثه لقضاء القرب يهدف إلى إحداث إطار قضائي مؤهل لمعالجة المنازعات والمخالفات البسيطة بما يستوجب من سهولة الالتجاء إليه. ويتميز هذا القانون أولا من حيث الشكل؛ بأنه يتضمن 20 مادة، ومقسم إلى بابين: الباب الأول مخصص للتأليف والباب الثاني ينص على الاختصاص والمسطرة. ولعل المتتبع للشأن القانوني يلاحظ الفرق الجوهري والواسع بين القانونين؛ أقصد محاكم الجماعات والمقاطعات وقضاء القرب، فمن حيث الهيئة التي تبت في النزاع فإنه غير اسم الحاكم بالقاضي، ومن هنا يستنتج أنه لم يعد مشكل في التكوين فكلمة القاضي لا تعطى لأي شخص وإنما للأشخاص الذين يتوفرون على الإجازة في إحدى التخصصات التالية:( القانون الخاص أو الشريعة الإسلامية) زد على ذلك أنهم يجتازون المباراة بنجاح ويلجون المعهد العالي للدراسات القضائية بالرباط لمدة سنتين وبالتالي لم يعد مشكل التكوين مطروحا على عكس حكام الجماعات والمقاطعات الذين يمكن أن يكون مستواهم الدراسي متدني جدا ولا يتوفرون على أي تكوين يفيدهم في التعامل مع القضايا المطروحة لديهم، فكيف يمكن لهذا الحاكم أن يبت في النزاع بشكل سليم؟ هذا من جهة، و من جهة أخرى فإن مسألة تكليف الحاكم كانت عن طريق هيئة تنتخب عليه في حين أن القاضي الذي يعين في المحكمة الابتدائية يكلف من طرف رئيس هاته المحكمة بالبت في النزاعات المعروضة على أقسام قضاء القرب إما في الجماعات المحلية الواقعة بالدائرة الترابية لهذه المحاكم أو أقسام قضاء القرب بمراكز القضاة المقيمين بالجماعات المحلية الواقعة بالدائرة الترابية لمراكز القاضي المقيم. وتتألف أقسام قضاء القرب من قاض أو أكثر وأعوان لكتابة الضبط أو الكتابة، كما أن المسطرة تكون شفوية ومجانية ومعفاة من الرسوم القضائية . ناهيك عن أن المشرع المغربي حدد اختصاص قضاء القرب، وهذا في نظري هو المهم لأنه يحدد المجال الذي يمكن لقضاء القرب أن يبت فيه وذلك بالنظر في الدعاوى الشخصية والمنقولة التي لا تتجاوز قيمتها 5000 درهم باستثناء النزاعات المتعلقة بمدونة الأسرة والعقار والقضايا الإجتماعية والإفراغات وإذا توفرت هاته الشروط فإن الجلسة تنعقد بقاض منفرد بمساعدة كاتب للضبط وبدون حضور للنيابة العامة وذلك بعد ثمانية أيام من إيداع الملف أو التصريح شفويا أمام كاتب الضبط في محضر موقع،بعدها يقوم القاضي بمحاولة الصلح بين الطرفين في حالة ما إذا تعذر الصلح على القاضي فإنه يبت في موضوع الدعوى داخل أجل 30 يوما بحكم غير قابل لأي طعن عادي أو استثنائي باستثناء طلبات الإلغاء للأسباب الواردة في المادة التاسعة من قانون 42.10 على سبيل الحصر. إلا أن المشرع المغربي أغفل في المادة السابعة من قانون 42.10 عبارة" وطبقا للقانون" واكتفى بأن الأحكام تصدر باسم جلالة الملك وهذا ما يخالف منطوق الدستور وبالضبط في الفصل 124 الذي ينص على ما يلي:" تصدر الأحكام وتنفذ باسم الملك وطبقا للقانون" علما أن قانون قضاء القرب صدر بعد الدستور الجديد لسنة 2011 . خـــاتــــمـــــة: لقد شهدت المملكة المغربية تطورا مهما في مجال التشريع أذكر على سبيل المثال: مدونة الأسرة، مدونة الشغل، المسطرة الجنائية، المسطرة المدنية، القانون العقاري،... وقد حظيت منظومة العدالة باهتمام ملكي خاص نظرا لأنها تعد ركيزة كل مجتمع ديموقراطي وهذا ما يستشف من خلال خطاب جلالة الملك ل20 غشت 2009. إن التنمية والإستثمار يتوقفان على العدالة، والعدالة هي حجر الزاوية لبناء الديموقراطية،وقديما قالوا :" العدل هو أساس الملك". وهو أيضا:" أساس الحضارة وأساس الأمن وأساس الإستمرار"1 الهوامش
*1 الدعاوى الشخصية: يقصد بها تلك التي يكون موضوعها المطالبة بحق شخصي.د. عبد الكريم الطالب،الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية، مطبوعات المعرفة مراكش ، الطبعة الخامسة أبريل 2009،ص 21.
*2الدعاوى المنقولة: هي التي تنصب على المنقولات دون العقارات والمنقول كما هو متعارف عليه ما سمح بطبيعته أن ينقل من مكان لآخر دون أن يحدث تغيير في هيأته.د.عبد الكريم الطالب،مرجع سابق، ص 21.
3عبد الله الشرقاوي، جريدة العلم 9/2/2010 منشور على الرابط التالي:
http://cherkaoui2006.maktoubblog.com/1607553/%D9%82
ينظم هذا القانون بمقتضى الظهير الشريف رقم 1.11.151 الصادر في 16 من رمضان 1432 والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 5975.*
المرحوم الحسن التاني،في خطابه أمام رجال القضاء، سنة1982 ،منشور بمجلة الأمن الوطني،ص 6، عدد 128/19821
المصدر Maroc droit | |||
0التعليقات :