من إنجاز الباحثين محمد اشهيهب وأيوب العثماني
مقدمة
إن حماية المستهلك أصبحت مسألة ضرورية لما عرفته المعاملات الإقتصادية والتكنولوجيات من تطور خاصة وأن المستهلك يعتبر الحلقة الأساسية في تحريك عجلة التنمية الإقتصادية وذلك من خلال العقود التي يبرمها لسد حاجياته، الشيء الذي لم تعد الشريعة العامة قادرة على احتوائه، لعلة أن فلسفة ق.ل.ع تقوم على مبدأ سلطان الإرادة الذي يمنح للأطراف الحرية الكاملة في التعاقد وتضمين عقودهم ما شاءوا من الشروط والبنود، على اعتبار أنهم على نفس الدرجة من القوة والتجربة.
إذا كان المشرع قد وعى بأن فترة إصدار ق.ل.ع والظروف المحيطة به آنذاك لم يعد لها أساس متينا وحصن حصين لحماية المستهلك فإنه سارع إلى إصدار قانون 31.08 المتعلق بتدابير حماية المستهلك بدل الاعتماد على نصوص متفرقة سواء في القانون الجنائي، القانون التجاري أو قانون الالتزامات والعقود ....
ومن هنا تتجلى أهمية الموضوع في المقاربة القانونية بين قواعد حماية المستهلك و المبادئ العامة لقانون الالتزامات والعقود، وذلك لظهور عقود جديدة ومستحدثة لم يكن لها وجود إبان إصدار قانون الالتزامات والعقود أسفرت عن وجود طرفين أحدهما قوي له من الإمكانيات ما يسمح بتطويع مفاصيل العقد لصالحه والآخر ضعيف – المستهلك - لا حول ولا قوة له سوى قبول التعاقد أو العدول عن ذلك.
ومن هنا يمكن طرح إشكالية أساسية متجسدة في مدى تأثير قانون 08.31 على قانون الالتزامات والعقود ؟
وهل النظريات العامة لق.ل.ع كفيلة بتحقيق التوازن العقدي بشكل من شأنه حماية المستهلك؟ أم أن هذه النظريات قاصرة عن ذلك ؟
لمعالجة هذه الإشكاليات وغيرها آثرنا أن نعتمد التقسيم التالي :
المبحث الأول : تأثير قانون حماية المستهلك على القواعد العامة للإلتزامات والعقود
المبحث الثاني : :مدى حماية المستهلك من خلال احكام الإلتزامات على ضوء قانون 31.08 وق. ل.ع
المبحث الأول : تأثير قانون حماية المستهلك على القواعد العامة للإلتزامات والعقود
يتطلب الحديث عن حماية المستهلك في قانون الالتزامات والعقود البحث في نظرياته عن مدى استجابتها لحماية الطرف الضعيف في العلاقة التعاقدية وذلك ما سنعمل عليه من خلال التطرق في مطلب أول إلى - مبدأ سلطان الإرادة بين ق ل ع وحماية المستهلك- على أن نعرج في مطلب ثان للحديث عن تأثير قانون 31.08 على عيوب الإرادة.
المطلب الأول: مبدأ سلطان الإرادة بين ق ل ع وحماية المستهلك
إذا كان كل التزام عقدي يقوم مقام القانون بالنسبة لطرفيه شريطة أن يكون صحيحا (حسب المادة 230 من ق ل ع )هذا يعني أن ما انشأته إرادتين لا يموت و لا يعدل إلا بتلك الإرادتين، وهو ما يصطلح بمبدأ سلطان الإرادة،هذا الأخير الذي تنطوي تحت لوائه مجموعة من المبادئ الأخرى المعبرة عن سيادة و سمو الإرادة و لعل من أمثلة هذه المبادئ مبدأ العقد شريعة المتعاقدين (فقرة أولى )بالإضافة إلى مبدأ القوة الملزمة للعقد (فقرة ثانية )كما يجب ألا ننسى أن العقد في ظل هذه المبادئ لا يلزم إلا طرفيه (الفقرة الثالثة )كل هذه المبادئ تأثرت نوعا ما بمجيء قانون 31-08 المتعلق بحماية المستهلك كيف ذلك؟
فقرة أولى:تأثير قانون 31-08 على مبدأ العقد شريعة المتعاقدين
إذا كان العقد هو توافق إرادتين على إحداث أثر قانوني ، فهذا يعني أن أطرافه قد تفاوضت ،حول مضامينه مسبقا قبل تضمينها فيه، وهو ما يعني وجود نوع من التوازن العقدي بين أطرف العقد، و هو ما نجد القضاء يسعى إلى تكريسه كلما أتيحت له الفرصة فقد قررت محكمة الاستئناف التجارية بفاس[1] في قرار لها مايلي "العقد شريعة المتعاقدين و منه فإن كلا منهم ملزم ما تم الاتفاق عليه في حدود التزام كلا منهم تحت طائلة شروط العقد الجزائية"، لكن التطورات الاقتصادية و التكنولوجية أبت إلا أن تفرز لنا أطراف علاقة متفاوتة في المراكز القانونية، طرف المستهلك غالبا ما يكون تحت رحمة طرف القوي يملك السلطة و القدرة على تطويع مفاصيل العقود، الشيء الذي يجعل الطرف الضعيف المقبل على التعاقد مغلوب على أمره، وهو ما يجعل من الحديث عن سموا مبدأ العقد شريعة المتعاقدين مجرد كلمات منقوشة على أوراق لا تجد لها مكانا في الواقع العملي، هذا كله جعل من ضرورة تدخل المشرع و لو على حساب مبدأ العقد شريعة المتعاقدين.
هذا التدخل جاء عبر عدة مقتضيات من خلال قانون حماية المستهلك حيث فرض مجموعة من البيانات التي يجب أن يتضمنها العقد الشيء الذي جعل المبدأ الأخير يتأثر وقد يصبح مستقبلا يحمل تسمية العقد شريعة المتعاقدين تحت مراقبة المشرع.
الفقرة الثانية : تأثير قانون 31-08 على مبدأ القوة الملزمة للعقد
إذا كان عموما مبدأ القوة الملزمة للعقد يعني العقد الذي أبرم بين طرفين يعتبر بمثابة قانون ينظم علاقتهما، و بما أنه لا يجوز التحلل من التزام يفرضه القانون فكذلك لا يجوز تحلل من التزام أنشأته إرادة حرة[2].
و هذه القوة الملزمة للعقد تمنع أي تدخل خارجي من أي شخص أخر غير الأطراف، بمن فيهم تدخل المشرع لإضافة التزام أو إنقاصه، واستنادا إلى ذلك فإن المستهلك متى أبرم عقدا للحصول على السلعة أو خدمة استهلاكية معينة، إنما يلتزم بذلك العقد و بتنفيذه أيا كانت الظروف، حتى ولو كانت السلعة أو الخدمة لا تفي بالغرض الذي يسعى إليه أو لا تفيده أصلا.
و هو ما يجعنا نتساءل والوضعية هاته عن: كيف للمستهلك كفرد عادي غالبا ما لا يتوفر على القدرة الفنية والقانونية والوقت الكافي للتفكير في جميع ما يبرمه من عقود وصفقات للاستهلاك؟ أم يكن من الارحم به منحه حق العدول عن تنفيذ العقد في حالات معينة؟
هكذا ومن باب محاولة إعادة التوازن لأطراف العلاقة العقدية تدخل المشرع عبر قانون حماية المستهلك مؤثرا على مبدأ القوة الملزمة للعقد و أقر له الحق في الرجوع كلما قدر أن الخدمة أو السلعة التي تعاقد من أجلها لا تفي بالغرض[3] المطلوب.
الفقرة الثالثة :تأثير قانون 31-08 على مبدأ النسبية أثار العقد
بالرجوع إلى الفصل 228 من ق ل ع نجده يقرر أن أثار العقد لا تنسحب إلا على أطرافه بمعنى أن الأطراف هم من ينتفعون أو يضرون بآثار العقد و أن هذه الآثار لا تضر ولا تنفع الغير بشيء إلا في الحالات المذكورة في القانون، وهو ما يجعل من العقد يكون نسبي في تطبيق أثاره ولا يمكن مواجهة الأغيار بمقتضياته، بيد أن طبيعة العملية الاستهلاكية عادة ما تحتمل وجود أكثر من طرف مما يحول دون إمكانية تمديد أثر العقد إلى طرف أجنبي تطبيقا لمبدأ نسبية أثار العقد، هذا القول أبان عن خطورته وعجزه عن حماية بعض المتدخلين الذين لم يكونوا أطرافا في العقد المبرم .
فمثلا لو اشترى زيد جهاز حاسوب من بائع (عمر) فقام أخ زيد باستعمال ذلك الحاسوب فتعرض هذا الأخير للانفجار بسبب عيب فيه مما تسبب في أذى لأخ زيد و بالتالي لن يكون بمقدوره الرجوع على البائع على اعتبار أنه أجنبي عن العقد، تطبيقا للقواعد العامة .
كل هذا جعل المشرع يتدخل بمقتضيات أكثر حماية تجعلنا نقول أنها أثرت بالفعل على القواعد العامة، لتجاوز عجزها هكذا نجد المشرع عبر قانون 31-08 يعرف في مادته الثانية المستهلك هو " كل شخص طبيعي أو معنوي يقتني أو يستعمل ..." أي أن المشرع وسع من نطاق حماية المستهلك سواء أكان طرفا في العقد أو أجنبيا عنه تمردا على مبدأ نسبية أثار العقود.
و بناء عليه يعد هاجس توفير الحماية الضرورية للمستهلك هو ما دفع المشرع إلى سن مقتضيات تتكفل بتحقيق المبتغى، إلا أنها أثرت بالملموس على المبادئ المقررة في القواعد العامة.
المطلب الثاني: تأثير قانون 31.08 على عيوب الإرادة
لما كان التراضي ركن من أركان العقد، فقد خصه المشرع بتنظيم مفصل وذلك من خلال عيوب الرضا، التي يجوز لأي متعاقد شاب إرادته عيب من هذه العيوب أن يطالب بإبطال العقد، وهذا ما يجعلنا نتساءل عن مدى تمسك المستهلك بعيوب الرضا المنصوص عليها في قانون الالتزامات والعقود لتحقيق التوازن العقدي؟
الفقرة الأولى: مدى تأثير الغلط على حماية المستهلك
غني عن البيان أن الغلط هو وهم يصور للمتعاقد الواقع على غير حقيقته، ويدفعه إلى التعاقد نتيجة لهذا التصور الخاطئ، حيث أن المتعاقد ما كان ليتعاقد لو علم الحقيقة مسبقا أو أنه كان سيتعاقد وفق شروط أخرى غير التي تعاقد بها تحت تأثير الغلط[4].
فبالرجوع إلى ق.ل.ع نجده ينظم أحكام الغلط في الفصول 40 إلى 45 حيث أنه لا ينفذ العقد إذا وقع الغلط في ذات المتعاقد أو في صفة من صفاته وكانت تلك الصفة السبب الوحيد أو الرئيسي في التعاقد[5].
وأمام ظهور عقود حديثة شديدة التعقيد بل وصعبة على فهم ودراية الشخص العادي[6]، فإنه من السهل توقع ما يحصل بين متعاقد مهني محترف وآخر عادي غير متخصص، الأول لديه من الخبرة ما يجعله قادر على تطويع مفاصيل العقد لصالحه، والثاني الذي هو المستهلك لا يملك سوى القبول بشروط العقد أو العدول عن إبرامه. الإشكال المطروح في هذا الصدد متجسد في مدى إمكانية التمسك بالغلط لتحيق حماية المستهلك؟
في هذا الإطار قرر القضاء الفرنسي موقفا متشددا في قبول الدفع بالغلط من قبل شخص محترف على أساس أنه يفترض فيه قدر من الحرص لدى المحترف يدفعه إلى الحصول على المعلومات الضرورية التي تجنبه من الوقوع في الغلط، أما إذا تعلق الأمر بالمستهلك غير المحترف فإن القضاء الفرنسي يبدي تساهلا في القبول بالغلط خاصة في مجال عقود الإذعان[7].
وعليه يمكن القول أن الغلط كعيب من عيوب الإرادة يبقى قاصرا عن حماية المستهلك، وتأكيدا لذلك قضت محكمة التمييز الفرنسية برفع إبطال عقد شراء جهاز تلفزيون وقع مشتريه في غلط متعلق بالدولة التي أنتج فيها الجهاز[8].
وإذا كانت نظرية الغلط التي اعتد بها المشرع المغربي أبانت عن قصورها في حماية رضا المستهلك، فإن قانون 31.08 جاء بمقتضى إيجابي يمكن القول معه أنه قادر على حماية المستهلك حيث نص الفصل 70 منه على أنه "إذا أبرم في شأن الخدمة بعد البيع عقد مستقل وجب على المورد أن يبين كتابة وبوضوح حقوق المستهلك" تجنبا لوقوعه في الغلط.
هكذا إذن يتبين أن نظرية الغط وفقا للقواعد العامة تظل محدودة وقاصرة على أن تكون وسيلة ناجعة في تحقيق حماية المستهلك خاصة أنه يترتب على إعمال الغلط إبطال العقد في وقت يكون معه المستهلك محتاجا إلى التعاقد للحصول على السلع والخدمات.
الفقرة الثانية: أثر الغبن في حماية المستهلك
إذا كان الفصل 39 ق.ل.ع المستعرض لعيوب الإرادة لم يذكر الغبن بل اقتصر على الغلط والتدليس والإكراه، فإن الفصلان 55 و56 من ق.ل.ع حصر حالاته في اقترانه بتدليس، وقوع القاصر أو ناقص الأهلية ضحيته بشرط زيادة الفرق بين الثمن والقيمة الحقيقية للشيء عن الثلث.
إن الغاية من التنصيص على نظرية الغبن هي المحافظة على التوازن بين ما يعطيه المتعاقد وما يأخذ الطرف الآخر، إذ يعتبر الغبن آلية قانونية أوجدها المشرع المدني من أجل الاعتماد عليها من الطرف المغبون لإعادة التوازن العقدي، إلا أن هذا الهدف سرعان ما انصهر في نار حمراء أساسها وعقيدتها الفصلان 55 و56 المحددة لحالات المطالبة بإبطال العقد نتيجة الغبن، خاصة إذا علمنا أن المستهلك قد يكون ضحية عدم التوازن العقدي فيتعاقد بشروط مجحفة، وفي هذه الحالة لا يمكنه الاستناد على الغبن لإعادة التوازن إلى العقد ما لم يكن قاصرا أو ناقص الأهلية أو ضحية تدليس[9].
وجدير بالذكر أن الاعتماد على مبدأ سلطان الإرادة ضيق كثيرا من دائرة الغبن بالمفهوم التقليدي إلا أنه ومع تطور الحياة الاقتصادية وظهور التكنولوجيات الحديثة وما نتج عن ذلك من زعزعة لمبدأ سلطان الإرادة جعل المشرع يتدخل لإعادة التوازن للعقد حماية للطرف الضعيف – المستهلك –، وهذا ما نتج عنه ظهور نظرية جديدة للغبن اصطلح عليها بالغبن الاستغلالي، فهل تستطيع نظرية الغبن في حلتها الجديدة ولباسها الجديد أن تكون كفيلة بحماية المستهلك؟
يقصد حسب الفقه بالغبن الاستغلالي أن يقدم المتعاقد على استغلال طيش المتعاقد الآخر أو هواه الجامح أو حاجته الملحة أو عدم خبرته أو جهله ويحمله على إبرام تصرف يلحق به غبنا فاحشا.
ولما كان المستهلك في الغالب طرفا ضعيفا في العلاقة العقدية إذ لا تكون له الخبرة الكافية التي تجعله على بينة بالسلعة أو الخدمة المتعاقد بشأنها مما قد يسقطه في غبن فاحش، وأمام غياب نص قانوني لنظرية الغبن الاستغلالي فإنه يمكن للمستهلك الاستناد إلى المادة 54[10] من ق.ل.ع لإبطال العقد الذي يحتوي على الشروط التعسفية.
وعلى الرغم من أن هذه النظرية تبدو ملائمة لحماية المستهلك، فإن خصوصيتها وشروط إعمالها يحدان من ذلك خاصة تلك المتعلقة بصعوبة إثبات استغلال المتعاقد للمستهلك لضعف فيه ناتج عن حاجته أو عدم خبرته[11]...
وهكذا ومن خلال مقارنة نظرية الغبن وفق القواعد العامة في حماية المستهلك يتضح أنها عاجزة عن تحقيق الحماية المنشودة (المادة 59 من قانون 31.08).
الفقرة الثالثة: مدى تأثير التدليس والإكراه على حماية المستهلك
التدليس هو إيقاع المتعاقد في غلط يدفعه إلى التعاقد والتدليس لا يجعل العقد قابلا للإبطال إلا للغلط الذي يولد في نفس المتعاقد[12].
طبقا للقواعد العامة يجب توافر ثلاث شروط للمطالبة بإبطال العقد:
استعمال المدلس لوسائل احتيالية كالكتمان والكذب وإذا كان المشرع في الفصل 52 ق.ل.ع نص صراحة على أن الكتمان يعد تدليسا، فإنه أغفل الإشارة إلى الكذب، وهذا على خلاف كل من التشريع المدني الفرنسي[13] والمصري[14] اللذين لم ينصا على الكتمان كسبب من أسباب التدليس وإنما اشترطا مجرد وسائل احتيالية.
وفضلا عن استعمال المدلس وسائل احتيالية كشرط مادي، لا بد من توافر الشرط المعنوي المتعلق بتوافر نية التظليل لتحقيق الهدف غير المشروع من جانب المدلس، وأن تكون تلك الوسائل دافعة للتعاقد.
وعليه فإن الوسائل الاحتيالية التي قد يتعرض لها المستهلك متمثلة في الإعلانات والترويج المبالغ فيه للسلع أو الخدمات التي تدفعه إلى التعاقد أو السكون عن بعض عيوبها وفي هذا الصدد ينص الفصل 21 من قانون 31.08 "يمنع كل إشهار يتضمن بأي شكل من الأشكال ادعاء أو بيانا أو عرضا كاذبا".
وهكذا لا يعتد بالتدليس إلا إذا كان حاسما في صدور الرضا من عدمه ونحو ذلك لو عرض موردا سلعة على المستهلك مشيرا إلى أنها تحمل علامة تجارية معروفة على عكس الحقيقة، أو تم اقتناءها من طرف المستهلك ليس على أساس تأكيدات المنتج بل لشدة انجذابه للسلعة، فهنا والحالة هاته لا يمكن اعتبار المستهلك ضحية تدليس لكونه لم يتعاقد بفعل احتيال المنتج وإنما لشدة إعجابه بالسلعة.
الإشكال الذي يطرح في هذا الصدد هو مدى إمكانية تخويل المستهلك المدلس عليه الصادر من الغير والذي قد يستفيد منه المورد من المطالبة بإبطال العقد؟
يذهب بعض الفقه[15] في هذا الإطار إلى القول بأن تفضيل مبدأ سلطان الإرادة يقتضي حتما تخويل المدلس عليه حق طلب الإبطال سواء كان التدليس صادر شخصيا من المتعاقد أو من الغير طالما استفاد المتعاقد الآخر – الذي هو المورد في مقامنا – من تدليس هذا الغير، إلا أنه وبترجيح مبدأ استقرار المعاملات فيقتضي حرمان المستهلك ضحية التدليس من حق المطالبة بالإبطال، ولن يبقى له سوى الحق في المطالبة بالتعويض من هذا الغير على أساس المسؤولية التقصيرية.
والملاحظ أن المشرع المغربي وفق بين المبدأين وخول للمدلس عليه – المستهلك – طلب إبطال العقد إذا كان المتعاقد الآخر متواطئا مع الغير وكان هذا المتعاقد عالما بهذا التدليس وسكت عن الإفصاح عنه[16]، هذا فضلا عن أن المشرع المدني منح للمستهلك الذي مورس عليه تدليس ثانوي (عارض) أي الذي لا يهم جوهر الالتزام بل أحد توابعه مجرد التعويض[17]. إذ يمكن القول بأن هذا الحكم إذا ما طبقناه على وضعية المستهلك ما كان ليصب في مصلحته لو كان التعويض مقترن بإبطال الشرط التعسفي وإعادة التوازن للعقد.
الإكراه وحماية المستهلك
إذا كان المشرع المدني لم يعط تعريفا لعيوب الإرادة الأخرى، فإنه اختار تعريف الإكراه وهكذا فقد جاء في الفصل 46 ق.ل.ع أن "الإكراه إجبار من غير أن يسمح به القانون يحمل بواسطته شخص شخصا آخر على أن يعمل عملا بدون رضاه".
وعليه فلقيام الإكراه يجب توافر ثلاث شروط:
المبحث الثاني :مدى حماية المستهلك من خلال أحكام الإلتزامات على ضوء قانون 31.08 وق. ل. ع
سنتعرض لأحكام الضمان بين قانون حماية المستهلك والقواعد العامة (كمطلب أول) على أن نعالج في (مطلب ثان) خصوصيات بعض الالتزامات في كل من قانون 31.08 و ق. ل .ع .
المطلب الأول:أحكام الضمان بين قانون حماية المستهلك و القواعد العامة.
سنقسم الحديث في هذا المطلب إلى فقرتين الأولى سنخصصها لضمان العيوب الخفية و الثانية لضمان التعرض.
الفقرة الاولى : ضمان العيوب الخفية.
في كل مرة نتحدث عن ضمان العيوب الحفية نتساءل أولا عن مفهوم العيوب الخفية، هكذا ودون الخوض في جو النقاشات الفقهية التي عرفتها الساحة لمحاولة تقديم تعريف لهذه المؤسسة، فهو يعني عموما أي -العيب الخفي- هو تلك الآفة العارضة التي تعد دخيلة عن الخصائص المميزة للشيء أو ذلك الخلل أو النقص الذي يوجد في شيء المبيع بصورة غير مألوفة [19].
و ليكون العيب موجب لضمان وجب استجماعه لمجموعة من الضوابط التي تعد في مجملها :
- أن يكون خفي حسب الفصل 569 من ق ل ع
- أن يكون مؤثرا حسب الفصل 549 من ق ل ع سواء في القيمة أو المنفعة
- أن يكون قديما حسب الفصل 552 من ق ل ع
هكذا و باستجماع العيب لشروط السالفة الذكر يحق لكل ذي مصلحة رفع دعوى أمام القضاء للمطالبة بحقه وهذه الدعوى هي التي ستأكد لنا تأثير مقتضيات قانون الاستهلاك على القواعد العامة، فإذا كنا نعلم مسبقا أن البينة على المدعي هي قاعدة أصلية في ق ل ع حسب الفصل 554 من ق.ل.ع، فإن قانون الاستهلاك جعل عبئ الإثبات ملقى دائما على المورد سواء أكان مدعي أو مدعى عليه وذلك إيمانا من المشرع أن القواعد العامة لا تشكل ملاذا أمنا للمستهلك مما يؤكد بالملموس تأثير مقتضيات قانون 31-08 على القواعد العامة .
كما أننا نلمس تأثير أخر هذه المرة على مستوى أجال رفع الدعوى فإذا كانت القواعد العامة تحدد أجل 365 يوم بالنسبة للعقارات وأجل 30 يوم للمنقولات والحيوانات فإن المشرع تدخل عبر قانون الاستهلاك وقام برفع هذه الآجال لتصبح سنتين بالنسبة للعقار و سنة بالنسبة للمنقولات الفصل 65 من ق ح.م "لا يجوز الاتفاق على تقصير الآجال..."
و صفوة القول في هذه النقطة هو أن هاجس حماية مصلحة المستهلك كطرف ضعيف هي القاعدة التي جعلت المشرع ينص على مثل هذه المقتضيات التي كان ثأتيرها بالغ الأهمية على القواعد العامة .
الفقرة الثانية : ضمان التعرض
إذا كان المقصود بالتعرض هو كل ما يعكر حيازة المبيع، وهو ما يجعل البائع ملزم بضمان التعرض لتمكين المشتري من حيازة المبيع بدون وجود أي عائق يحول دون ذلك، هذا وتجب الإشارة أن هذا التعرض يمكن ان يصدر من فعل البائع المادي أو القانوني كما قد يكون صادرا هذه المرة من فعل شخص أخر غير البائع، هذا النوع الأخير يستلزم توفر شروط معينة للاعتداد به وهي بشكل مختصر :
- أن يكون التعرض الصادر من الغير قانونيا (لا مادي ).
- أن يكون التعرض قد صدر فعليا لا مجرد الخشية من وقوعه .
- أن يكون الحق الذي يدعيه الغير سابقا على البيع أو لاحق عليه بفعل البائع .
و مثاله إدعاء الدائن المرتهن أن الرهن واقع قبل التصرف الصادر لصالح المشتري عملا بمقتضى الفصل 534 الذي ينص " يلتزم البائع أيضا بقوة القانون بأن يضمن للمشتري الاستحقاق الذي يقع ضده بمقتضى حق كان موجودا عند البيع "
و هو ما يعني أن التعرض القانوني الذي يقع بعد إتمام البيع لا يلتزم البائع بضمانه اللهم إذا كان هو المتسبب فيه مثال :
بيع المنقول مرتين و يقوم بتسليم المبيع لمشتري ثان حسن النية حيث يستطيع هذا الأخير أن يعطل حق المشتري الأول و ذلك لاحتجاجه أمامه بقاعدة " الحيازة في المنقول سند لملكية " لكن السؤال المطروح هنا هو ماذا لو كان المشتري والحالة هاته عالم وقت التعاقد أن خطر إستحقاق ملكية المبيع وارد أو أن هناك تكليف للغير ظاهر يثقله ؟
الجواب عن هذا يقتضي التمعن جيد في مقتضيات ق ل ع وفحص مقتضيات ق.ح.م للوقوف عند مدى ثأتير قواعد قانون 31-08 على القواعد العامة
بالعودة إلى مقتضيات ق ل ع نلاحظ مند الوهلة الأولى غياب لأي نص يعالج مشكلة حسن أو سوء نية المشتري في ممارسة دعوى الضمان التعرض الصادر عن الغير.
لكن يمكن الارتكان لمقتضيات الفصل 536 ق ل ع و الذي يؤكد عدم أحقية المشتري بالرجوع على البائع بدعوى ضمان متى كان المبيع مثقل بارتفاق قانوني إذا كان طبعا التكليف ظاهرا إلا إذا ضمن البائع عدم و جوده لكن الاستثناء هو ما تقرره مقتضيات المادة 59 من ق ح م و ذلك كلما تعلق الأمر ببيع منتوجات أو سلع أو خدمات، إذا تبين أن البائع استغل ضعف أو جهل المستهلك، فله حق استرجاع المبالغ المؤداة بخصوص السلع و تعويضه عن الأضرار التي حلت به[20].
المطلب الثاني: خصوصية الالتزامات وفق قانون 31.08
إن ظهور عمليات التصنيع الحديثة وما ترتب عنها من بروز ونمو عقود الإذعان، أدت إلى جعل اختلال بارز بين أطراف العقد، فلا يستطيع المستهلك أن يكون ندا للمهني، وأمام قصور النظريات التقليدية لقانون الالتزامات والعقود عن توفير الحماية اللازمة لهذا المستهلك تدخل المشرع عبر نصوص خاصة كقانون 31.08 و24.09 ليقرر حقوقا للمشتري تعتبر من صميم الالتزامات الملقاة على عاتق البائع، كالالتزام بالإعلام (فقرة أولى) والالتزام بالتحذير (فقرة ثانية).
الفقرة الأولى: الالتزام بالإعلام
بادئ ذي بدء يجب القول بأن الالتزام بالإعلام هو بيان وإباحة بأمور معينة حسب معاجم السلطة وهو في عقد البيع كشف وإدلاء بمعلومات تتعلق بالمبيع، وتهم المتعاقد قبل إقدامه على التعاقد حتى يكون رضاه مستنيرا وواضحا[21].
هكذا إذن فإن الالتزام بالإعلام مضمونه تنوير المستهلك حول المنتوج باعتباره شرطا ضروريا لتحقيق الشفافية في السوق وما لذلك من أثر على السير العادي للمنافسة الحرة، فالالتزام بالإعلام قد يكون سابق على إبرام العقد وهو ما يصطلح عليه "بالالتزام قبل التعاقدي بالإعلام" كما قد يكون أثناء إبرام العقد.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا الالتزام تعرض له المشرع المدني من خلال أحكام البيع بشكل غير مباشر من خلال الفصل 556 ق.ل.ع الذي نص على أنه "إذا كان البائع يعلم عيوب المبيع أو يعلم خلوه من الصفات التي وعد بها، أو لم يصرح بأنه يبيع بغير ضمان ويفترض هذا العلم موجودا دائما إذا كان البائع تاجرا أو صانعا وباع منتجات الحرفة التي يباشرها".
وفي نفس المضمار ينص الفصل 82 ق.ل.ع "من يعط عن حسن نية.... بيانات وهو يجهل عدم صحتها لا يتحمل أية مسؤولية اتجاه الشخص الذي أعطيت له".
هكذا إذن يتبين أن المشرع المدني أشار إلى الالتزام بالإعلام بشكل غير مباشر بما لا يسعف من تحقيق الحماية اللازمة للمستهلك، إلا أنه يمكن الاستناد إلى الفصل 231 ق.ل.ع من طرف القضاء واستخراجه منه وذلك بقراءة النص قراءة واسعة، علما أن القضاء الفرنسي استند إلى الفصل 1135 المقابل للفصل 231 من ق.ل.ع وعمل على تفصيله واستخرج منه عدة التزامات من بينها الالتزام بالإعلام والالتزام بالتحذير.
ولئن كانت مقتضيات القانون المدني غير كفيلة بحماية المستهلك فإن المشرع المغربي جاء بقانون حرية الأسعار والمنافسة ونص من خلال الفصل 47 و52 منه صراحة وبشكل مباشر على الالتزام بإعلام المستهلك.
ولم يقف المشرع عند هذا الحد وإنما قام بإلباس هذا الإعلام ثوب الإجبار من خلال قانون 31.08 في القسم الثاني والثالث منه[22]، بحيث يلتزم بمقتضاه الطرف الأكثر خبرة والأوفر علما بإمداد الطرف الآخر قبل أو أثناء إبرام العقد بالمعلومات والبيانات المتعلقة بهذا العقد.
وبعيدا عن تضارب الآراء الفقهية حول طبيعة الالتزام بالإعلام فإنه يمكن القول أنه التزام فرضته حقائق واقعية، أساسها وعقيدتها وضعية المستهلك غير المتخصص الذي يكون في الغالب جاهلا لمكونات المنتوج وخطورته أحيانا.
من خلال ما سبق يتضح أن الالتزام بإعلام المستهلك بكل ما يتعلق بالمنتوج المراد التعاقد بشأنه إنما جاء ليكون تكملة لعيوب الرضا[23] وضمان المساواة في العلم بين المتعاقدين فضلا عن تحقيق التوازن العقدي وذلك نتيجة ظهور عقود استهلاكية جديدة تنامت معها ظاهرة الشروط التعسفية.
هذا وإن كان الالتزام بالإعلام يجد أساسه في مبدأ حسن النية (231 ق.ل.ع) وكذلك اعتباره من مستلزمات العقد، فإن التشريع المدني أشار إليه بطريقة محتشمة يبقى ضمنها المستهلك في وضعية لا تمكنه من الحماية اللازمة والتي ضمنتها له القوانين الخاصة خاصة قانون 31.08 و24.09 وغيرهما.
في هذا الإطار نرى أن قواعد ق.ل.ع قاصرة في تقرير الحماية اللازمة للمستهلك مما جعل قانون حماية المستهلك يؤثر على القواعد الشامخة لقانون الالتزامات والعقود رغم اعتباره الشريعة العامة وذلك عبر تعطيل النظريات الكلاسيكية التي لا يمكنها في ظل علاقة تعاقدية يتجاذبها طرفان، أولها قوى قادر على تطويع مفاصيل العقد لصالحه والآخر لا يملك سوى الانصياع وقبول التعاقد بالشروط المفروضة عليه أو العدول عن ذلك مما سيؤثر لا محال على إشباع حاجياته الضرورية.
وهذا ما جعل المشرع المغربي يضيف التزاما آخر أكثر قوة من الالتزام بالإعلام على عاتق المهني اتجاه المستهلك، يصطلح عليه بالالتزام بالتحذير.
الفقرة الثانية: الالتزام بالتحذير وحماية المستهلك
بادئ ذي بدء نسجل أن الالتزام بالتحذير التزام أقوى من الإعلام لكنه لا يصل إلى درجة المشورة[24].
لئن كان قانون الاستهلاك عالج الالتزام بالإعلام بشكل مفصل ودقيق يمكن القول معه أنه آلية حمائية للطرف الضعيف في العلاقة العقدية، فإنه أشار بشكل ضمني للالتزام بالتحذير من خلال الفقرة الثانية من المادة الثالثة، والمادة 21 وكذا المواد من 65 إلى 70 من قانون 31.08، مع الإشارة إلى أن قانون 24.09 تطرق للالتزام بالتحذير بشكل صريح.
إذا كان المنتج ملزم بالالتزام بالإعلام فإن هذا لا يمنع من وجود التزامات أخرى على عاتقه تفرض عليه ضرورة احترامها لما قد ينجم عن إغفالها أو إهمالها من عواقب وخيمة على المستهلك، وإذا كان الالتزام بالتحذير غالبا ما يكون لصيقا بواجب الإعلام فإن كلا منهما مستقل عن الآخر وهذا يتضح من خلال اختلاف المنتوج، إذ هناك من السلع ما تقتضي عند اقتنائها من طرف المستهلك أن يعلمه بكيفية استعمالها وكذا التحذير منها نظرا للخصوصيات التي تتكون منها، وحماية المستهلك في هذا الإطار لن تتأتى إلا من خلال تحذيره من مخاطر الشيء المبيع، ومن خلال الرجوع لقانون الالتزامات والعقود نجده قاصرا عن هذه الحماية حيث أنه لم يتضمن ضمن مقتضياته التزام البائع أو المورد بتحذير الطرف المتعاقد معه، لكن مع ذلك يمكن استخلاصه من قواعد ضمان العيوب الخفية ابتداء من الفصل 549 وما بعده ق.ل.ع[25].
في هذا الصدد يمكن أن نتساءل عن مدى إلزام المنتج في ظل قانون 31.08 بالالتزام بتحذير المستهلك؟
كما سبقت الإشارة إلى قانون 31.08 لم ينظم الالتزام بالتحذير بشكل صريح وإنما عالجه بشكل ضمني[26]، لذلك يمكن القول أن قانون حماية المستهلك لا يوفر هو الآخر الحماية اللازمة للمستهلك، تلك الحماية التي تجعله يتعاقد وهو في وضعية مطمئنة لكونه يعلم مسبقا أن قانون 31.08 ضامن لحقوقه اتجاه المنتج، لكن قانون حماية المستهلك وإن لم ينظم الالتزام بالتحذير بشكل صريح فإنه أكثر حماية من قانون الالتزامات والعقود، هذا الأخير يظل قاصر على تحقيق وضمان تلك الحماية التي يرمي من أجلها المستهلك، وإن كان البعض يستند على الفصل 231 من ق.ل.ع من تنفيذ العقد بحسن النية، علما أن القضاء الفرنسي عمل على تفصيل الفصل 1135 من القانون المدني الفرنسي المقابل للفصل 231 من ق.ل.ع المغربي واستخرج منه جل الالتزامات بما فيها الالتزام بالتحذير.
وجدير بالذكر أن الالتزام بالتحذير منظم بشكل دقيق ضمن قانون 24.09 الذي نص في البند الثالث من المادة 5 على أن "تقديم المنتوج وعنونته والتحذيرات المحتملة...".
وحتى يفي الالتزام بالتحذير بالغرض المرجو منه يجب أن تتوفر فيه بعض الخصائص منها:
أن يكون التحذير واضحا، وأن يكون كاملا شاملا، وهذا ما قد يحدث في الدول ذات اقتصاد السوق المتقدمة التي توفر للمستهلك كل إمكانيات الاختيار، لكن بالرجوع إلى الدول التي تبنت منهج اقتصاد السوق مؤخرا كالمغرب، فإنه يعد ضربا من الخيال الاعتقاد بأن المستهلك في إطار منظومة اقتصاد السوق موجه دون أدنى شك إلى منتجات ومنتجات أكثر تحقيقا لرغبات المستهلك[27]، فعدم التوازن العقدي يدفع بعض المحترفين إلى تسويق منتوجات مشكوك في نوعيتها ويضعها في السوق في الفرصة المتاحة.
فضلا عما سبق يتعين أن يكون التحذير ظاهرا وملاصقا للمنتجات لا منفصلا عنها لتجنب ما قد يحدث من مخاطر.
تضح مما سبق أن الالتزامات المستحدثة من التزام بالإعلام والتحذير وغيرهما أصبحت ملازمة لعقد البيع ولم يعد في كافة الأحوال إعمال مقتضيات الفصل 231 من ق.ل.ع المؤكد على حسن النية في التعاقد[28]، خاصة وأن قانون حماية المستهلك تعرض للالتزام بالتحذير الذي يعد متمما ومكملا للالتزام بالإعلام وكذا قانون 24.09 الذي تعرض بشكل صريح للالتزام بالتحذير.
وهذا ما يجعلنا نؤكد أن قانون حماية المستهلك لم يتضمن مقتضيات منظمة للالتزام بالتحذير بشكل صريح قد لا يؤدي وظيفته الأساسية التي خرج من أجلها إلى الوجود ألا وهي حماية المستهلك، لكن هذا لا يعني أنه لم يوفر له أية حماية بل أن هذه الحماية نسبية، وهو نفس الأمر بالنسبة لقانون الالتزامات والعقود الذي لم يوفر حماية للمستهلك من خلال الالتزام بالتحذير وإن كان البعض يناشد القضاء من أجل السير على نهج القضاء الفرنسي والعمل على تفصيل الفصل 231 المتعلق بتنفيذ العقد بحسن نية واستخراج التزام البائع أو المنتج بتحذير المستهلك.
نشير في هذا الصدد أن قانون الالتزامات والعقود قاصر عن حماية المستهلك من خلال النظريات والمبادئ التقليدية خاصة بعد ظهور منتوجات جديدة أدت إلى ظهور قوانين خاصة نتج عنها التزامات مستحدثة غير مألوفة لدى ق.ل.ع مما يجعله متجاوزا في حماية المستهلك إن صح التعبير.
خاتمة
تأسيسا على ما تقدم، يتضح بجلاء أن المبادئ العامة لقانون الالتزامات والعقود يمكن الرجوع إليها كلما غاب نص قانوني خاص باعتبارها شريعة عامة، فإذا كانت عمومية مبدأ سلطان الإرادة، نظرية عيوب االرضا، أحكام ضمان العيوب الخفية والنظريات التقليدية الأخرى تسمح بتوظيفها كأساس لحماية كل متعاقد ضعيف المركز القانوني أو الاقتصادي أو الفني مثل المستهلك، فإن الجمود الذي يلفها يحول دون إمكانية مسايرة مقتضياتها للتطورات التعاقدية الجديدة، مما حتم على المشرع تجاوزها -ولو بشكل نسبي- من خلال صياغة مجموعة من النصوص القانونية التي عملت على التدرج في تعزيز حماية المستهلك1 ليتوج هذا المسلسل التشريعي بمولود قانوني جديد خاص بالشريحة الاستهلاكية دون أن ننسى تدخل المشرع مرة أخرى لتتميم قانون الالتزامات والعقود بالقانون 24.09 المتعلق بسلامة المنتوجات والخدمات2 الهادف إلى تنظيم سلامة المنتجات والخدمات المعروضة على المستهلكين في الأسواق، والذي بمقارنته مع فصول قانون الالتزامات والعقود يبدو غير منسجم وإياها، فكان من الأحرى على المشرع إعادة النظر في قانون الالتزامات والعقود بجميع مقتضياته دون حشوه بالتعديلات التي تجعل منه وحدة غير متناسقة مما قد يأثر على طبيعته كشريعة عامة.
ومع ذلك، فإننا لا ننكر إسهام بعض مبادئ قانون الالتزامات والعقود في حماية المستهلك -ولو لم يقصد المشرع ذلك- مثل: "الإمهال القضائي" الذي قلص قانون 31.08 من نطاقه بدل توسيعه، وإمكانية مراجعة القاضي للتعويض الاتفاقي إذا كان مجحفا أو نتاج شرط تعسفي في حق المستهلك.
لائحة المراجع
قرار محكمة فاس التجارية ،عدد 26 بتاريخ 6 يناير 2005 ملف عدد 548-04 منشور في www.cacfes.ma تاريخ الإطلاع يوم 26/5/2015
[1] الفصل 230 ق ل ع " التزاما التعاقدية المنشأة على وجه صحيح تقدم مقام القانون...."
[1] الفصل 49 من ق ل ع " ...يجوز للمستهلك التراجع داخل أجل أقصاه 7 أيام إبتداءا من تاريخ الطلبية أو الالتزام بالشراء ...."
[1] - عبد القادر العرعاري، "مصادر الالتزامات – الكتاب الأول – نظرية العقد"، الطبعة الثالثة، 2013، دار الأمان، الرباط، ص 138-139.
[1] - الفصول 40 – 41 – 42 ق.ل.ع.
[1] - منير قاسم صلاح الحلاني، "حماية المستهلك بين القوانين العامة والخاصة"، أطروحة دكتوراه في القانون الخاص، 2013/2014.
[1] - منير قاسم، م س، ص 34.
[1] - Cass. Civ. 22 Nov 1977, RTD. Com 1979, P 310, obs hensrd.
أورده منير قاسم، ص 34.
[1] - حكيمة بن مشيش، "حماية المستهلك بالمغرب بين القواعد العامة والمستجدات"، رسالة الماستر في القانون الخاص، كلية الحقوق، سلا، 2011/2012، ص 59.
[1] - نص الفصل 54 ق.ل.ع على أنه: "أسباب الإبطال المبنية على حالة المرض والحالات الأخرى المشابهة متروكة لتقدير القضاة".
[1] - حكيمة بن مشيش، م س، ص 60.
[1] - عبد الرزاق السنهوري، "الوسيط في شرح القانون المدني الجديد"، المجلد الأول، مصادر الالتزام، دار النهضة العربية، القاهرة، الجزء الأول، الطبعة 3، سنة 1981، ص 341.
[1] -
[1] -
[1]- محمد الشرقاني، "النظرية العامة للالتزامات (العقد)"، مطبعة سجلماسة ، الزيتون، 2003، ص 120.
[1]- الفصل 52 ق.ل.ع.
[1]- الفصل 53 ق.ل.ع.
[1]- محمد الشرقاني، م س، ص 125.
[1]محمد العروصي ، المختصر في بعض العقود المسماة عقد البيع و المقايضة و الكراء ،طبعة 2014 مطبعة مرجان الصفحة 200
[1] محمد العروصي :م س ص 185-186-187
[1] - محمد العروصي، "الالتزام بالإعلام خلال مرحلة تكوين عقد البيع"، الطبعة الثانية، 2012، مطبعة وراقة سجلماسة، ص 21.
[1]- خصص قانون 31.08 الباب الأول من القسم الثاني للالتزام العام بالإعلام من المادة 3 إلى المادة 11، والباب الثاني من المادة 12 إلى 14 خصصها للإعلام بآجال التسليم، ثم أفرد المواد 15 إلى 20 من القسم الثالث لحماية المستهلك من الشروط التعسفية.
[1]- الفحصي وفاء، "إشكالية الالتزام بالإعلام في عقود الاستهلاك"، رسالة الماستر في القانون الخاص، 2008/2009، ص
[1] - محمد العروصي، م س، ص 175.
[1] - محمد العروصي، م س، ص 175.
[1]- المادة 3 والمادة 21 والمواد من 65 إلى 70 من قانون 31.08.
[1]- زوبير أرزقى، "حماية المستهلك في ظل المنافسة الحرة"، مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون، فرع المسؤولية المهنية، 2011، ص 147.
[1]- محمد العروصي، م س، ص 175.
الفهرس
مقدمة...................................................................................1
المبحث الأول : تأثير قانون حماية المستهلك على القواعد العامة للإلتزامات والعقود.....................................................................................2
المطلب الأول: مبدأ سلطان الإرادة بين ق ل ع وحماية المستهلك...........2
فقرة أولى:تأثير قانون 31-08 على مبدأ العقد شريعة المتعاقدين...........2
الفقرة الثانية : تأثير قانون 31-08 على مبدأ القوة الملزمة للعقد...........3
الفقرة الثالثة :تأثير قانون 31-08 على مبدأ النسبية أثار العقد..............4
المطلب الثاني: تأثير قانون 31.08 على عيوب الإرادة............................5
الفقرة الأولى: الغلط وحماية المستهلك...............................................5
الفقرة الثانية: الغبن وحماية المستهلك................................................6
الفقرة الثالثة: مدى تأثير التدليس والإكراه على حماية المستهلك..................8
المبحث الثاني :مدى حماية المستهلك من خلال أحكام الإلتزامات على مستوى قانون 3.108 وق. ل. ع................................................10
المطلب الأول:أحكام الضمان بين قانون حماية المستهلك والقواعد العامة..11
الفقرة الاولى : ضمان العيوب الخفية.........................................11
الفقرة الثانية : ضمان التعرض................................................12
المطلب الثاني: خصوصية الالتزامات وفق قانون 31.08....................13
الفقرة الأولى: الالتزام بالإعلام...................................................14
الفقرة الثانية: الالتزام بالتحذير وحماية المستهلك.............................16
خاتمة ............................................................................18
via MarocDroit - موقع العلوم القانونية http://ift.tt/1MdxkLK
مقدمة
إن حماية المستهلك أصبحت مسألة ضرورية لما عرفته المعاملات الإقتصادية والتكنولوجيات من تطور خاصة وأن المستهلك يعتبر الحلقة الأساسية في تحريك عجلة التنمية الإقتصادية وذلك من خلال العقود التي يبرمها لسد حاجياته، الشيء الذي لم تعد الشريعة العامة قادرة على احتوائه، لعلة أن فلسفة ق.ل.ع تقوم على مبدأ سلطان الإرادة الذي يمنح للأطراف الحرية الكاملة في التعاقد وتضمين عقودهم ما شاءوا من الشروط والبنود، على اعتبار أنهم على نفس الدرجة من القوة والتجربة.
إذا كان المشرع قد وعى بأن فترة إصدار ق.ل.ع والظروف المحيطة به آنذاك لم يعد لها أساس متينا وحصن حصين لحماية المستهلك فإنه سارع إلى إصدار قانون 31.08 المتعلق بتدابير حماية المستهلك بدل الاعتماد على نصوص متفرقة سواء في القانون الجنائي، القانون التجاري أو قانون الالتزامات والعقود ....
ومن هنا تتجلى أهمية الموضوع في المقاربة القانونية بين قواعد حماية المستهلك و المبادئ العامة لقانون الالتزامات والعقود، وذلك لظهور عقود جديدة ومستحدثة لم يكن لها وجود إبان إصدار قانون الالتزامات والعقود أسفرت عن وجود طرفين أحدهما قوي له من الإمكانيات ما يسمح بتطويع مفاصيل العقد لصالحه والآخر ضعيف – المستهلك - لا حول ولا قوة له سوى قبول التعاقد أو العدول عن ذلك.
ومن هنا يمكن طرح إشكالية أساسية متجسدة في مدى تأثير قانون 08.31 على قانون الالتزامات والعقود ؟
وهل النظريات العامة لق.ل.ع كفيلة بتحقيق التوازن العقدي بشكل من شأنه حماية المستهلك؟ أم أن هذه النظريات قاصرة عن ذلك ؟
لمعالجة هذه الإشكاليات وغيرها آثرنا أن نعتمد التقسيم التالي :
المبحث الأول : تأثير قانون حماية المستهلك على القواعد العامة للإلتزامات والعقود
المبحث الثاني : :مدى حماية المستهلك من خلال احكام الإلتزامات على ضوء قانون 31.08 وق. ل.ع
المبحث الأول : تأثير قانون حماية المستهلك على القواعد العامة للإلتزامات والعقود
يتطلب الحديث عن حماية المستهلك في قانون الالتزامات والعقود البحث في نظرياته عن مدى استجابتها لحماية الطرف الضعيف في العلاقة التعاقدية وذلك ما سنعمل عليه من خلال التطرق في مطلب أول إلى - مبدأ سلطان الإرادة بين ق ل ع وحماية المستهلك- على أن نعرج في مطلب ثان للحديث عن تأثير قانون 31.08 على عيوب الإرادة.
المطلب الأول: مبدأ سلطان الإرادة بين ق ل ع وحماية المستهلك
إذا كان كل التزام عقدي يقوم مقام القانون بالنسبة لطرفيه شريطة أن يكون صحيحا (حسب المادة 230 من ق ل ع )هذا يعني أن ما انشأته إرادتين لا يموت و لا يعدل إلا بتلك الإرادتين، وهو ما يصطلح بمبدأ سلطان الإرادة،هذا الأخير الذي تنطوي تحت لوائه مجموعة من المبادئ الأخرى المعبرة عن سيادة و سمو الإرادة و لعل من أمثلة هذه المبادئ مبدأ العقد شريعة المتعاقدين (فقرة أولى )بالإضافة إلى مبدأ القوة الملزمة للعقد (فقرة ثانية )كما يجب ألا ننسى أن العقد في ظل هذه المبادئ لا يلزم إلا طرفيه (الفقرة الثالثة )كل هذه المبادئ تأثرت نوعا ما بمجيء قانون 31-08 المتعلق بحماية المستهلك كيف ذلك؟
فقرة أولى:تأثير قانون 31-08 على مبدأ العقد شريعة المتعاقدين
إذا كان العقد هو توافق إرادتين على إحداث أثر قانوني ، فهذا يعني أن أطرافه قد تفاوضت ،حول مضامينه مسبقا قبل تضمينها فيه، وهو ما يعني وجود نوع من التوازن العقدي بين أطرف العقد، و هو ما نجد القضاء يسعى إلى تكريسه كلما أتيحت له الفرصة فقد قررت محكمة الاستئناف التجارية بفاس[1] في قرار لها مايلي "العقد شريعة المتعاقدين و منه فإن كلا منهم ملزم ما تم الاتفاق عليه في حدود التزام كلا منهم تحت طائلة شروط العقد الجزائية"، لكن التطورات الاقتصادية و التكنولوجية أبت إلا أن تفرز لنا أطراف علاقة متفاوتة في المراكز القانونية، طرف المستهلك غالبا ما يكون تحت رحمة طرف القوي يملك السلطة و القدرة على تطويع مفاصيل العقود، الشيء الذي يجعل الطرف الضعيف المقبل على التعاقد مغلوب على أمره، وهو ما يجعل من الحديث عن سموا مبدأ العقد شريعة المتعاقدين مجرد كلمات منقوشة على أوراق لا تجد لها مكانا في الواقع العملي، هذا كله جعل من ضرورة تدخل المشرع و لو على حساب مبدأ العقد شريعة المتعاقدين.
هذا التدخل جاء عبر عدة مقتضيات من خلال قانون حماية المستهلك حيث فرض مجموعة من البيانات التي يجب أن يتضمنها العقد الشيء الذي جعل المبدأ الأخير يتأثر وقد يصبح مستقبلا يحمل تسمية العقد شريعة المتعاقدين تحت مراقبة المشرع.
الفقرة الثانية : تأثير قانون 31-08 على مبدأ القوة الملزمة للعقد
إذا كان عموما مبدأ القوة الملزمة للعقد يعني العقد الذي أبرم بين طرفين يعتبر بمثابة قانون ينظم علاقتهما، و بما أنه لا يجوز التحلل من التزام يفرضه القانون فكذلك لا يجوز تحلل من التزام أنشأته إرادة حرة[2].
و هذه القوة الملزمة للعقد تمنع أي تدخل خارجي من أي شخص أخر غير الأطراف، بمن فيهم تدخل المشرع لإضافة التزام أو إنقاصه، واستنادا إلى ذلك فإن المستهلك متى أبرم عقدا للحصول على السلعة أو خدمة استهلاكية معينة، إنما يلتزم بذلك العقد و بتنفيذه أيا كانت الظروف، حتى ولو كانت السلعة أو الخدمة لا تفي بالغرض الذي يسعى إليه أو لا تفيده أصلا.
و هو ما يجعنا نتساءل والوضعية هاته عن: كيف للمستهلك كفرد عادي غالبا ما لا يتوفر على القدرة الفنية والقانونية والوقت الكافي للتفكير في جميع ما يبرمه من عقود وصفقات للاستهلاك؟ أم يكن من الارحم به منحه حق العدول عن تنفيذ العقد في حالات معينة؟
هكذا ومن باب محاولة إعادة التوازن لأطراف العلاقة العقدية تدخل المشرع عبر قانون حماية المستهلك مؤثرا على مبدأ القوة الملزمة للعقد و أقر له الحق في الرجوع كلما قدر أن الخدمة أو السلعة التي تعاقد من أجلها لا تفي بالغرض[3] المطلوب.
الفقرة الثالثة :تأثير قانون 31-08 على مبدأ النسبية أثار العقد
بالرجوع إلى الفصل 228 من ق ل ع نجده يقرر أن أثار العقد لا تنسحب إلا على أطرافه بمعنى أن الأطراف هم من ينتفعون أو يضرون بآثار العقد و أن هذه الآثار لا تضر ولا تنفع الغير بشيء إلا في الحالات المذكورة في القانون، وهو ما يجعل من العقد يكون نسبي في تطبيق أثاره ولا يمكن مواجهة الأغيار بمقتضياته، بيد أن طبيعة العملية الاستهلاكية عادة ما تحتمل وجود أكثر من طرف مما يحول دون إمكانية تمديد أثر العقد إلى طرف أجنبي تطبيقا لمبدأ نسبية أثار العقد، هذا القول أبان عن خطورته وعجزه عن حماية بعض المتدخلين الذين لم يكونوا أطرافا في العقد المبرم .
فمثلا لو اشترى زيد جهاز حاسوب من بائع (عمر) فقام أخ زيد باستعمال ذلك الحاسوب فتعرض هذا الأخير للانفجار بسبب عيب فيه مما تسبب في أذى لأخ زيد و بالتالي لن يكون بمقدوره الرجوع على البائع على اعتبار أنه أجنبي عن العقد، تطبيقا للقواعد العامة .
كل هذا جعل المشرع يتدخل بمقتضيات أكثر حماية تجعلنا نقول أنها أثرت بالفعل على القواعد العامة، لتجاوز عجزها هكذا نجد المشرع عبر قانون 31-08 يعرف في مادته الثانية المستهلك هو " كل شخص طبيعي أو معنوي يقتني أو يستعمل ..." أي أن المشرع وسع من نطاق حماية المستهلك سواء أكان طرفا في العقد أو أجنبيا عنه تمردا على مبدأ نسبية أثار العقود.
و بناء عليه يعد هاجس توفير الحماية الضرورية للمستهلك هو ما دفع المشرع إلى سن مقتضيات تتكفل بتحقيق المبتغى، إلا أنها أثرت بالملموس على المبادئ المقررة في القواعد العامة.
المطلب الثاني: تأثير قانون 31.08 على عيوب الإرادة
لما كان التراضي ركن من أركان العقد، فقد خصه المشرع بتنظيم مفصل وذلك من خلال عيوب الرضا، التي يجوز لأي متعاقد شاب إرادته عيب من هذه العيوب أن يطالب بإبطال العقد، وهذا ما يجعلنا نتساءل عن مدى تمسك المستهلك بعيوب الرضا المنصوص عليها في قانون الالتزامات والعقود لتحقيق التوازن العقدي؟
الفقرة الأولى: مدى تأثير الغلط على حماية المستهلك
غني عن البيان أن الغلط هو وهم يصور للمتعاقد الواقع على غير حقيقته، ويدفعه إلى التعاقد نتيجة لهذا التصور الخاطئ، حيث أن المتعاقد ما كان ليتعاقد لو علم الحقيقة مسبقا أو أنه كان سيتعاقد وفق شروط أخرى غير التي تعاقد بها تحت تأثير الغلط[4].
فبالرجوع إلى ق.ل.ع نجده ينظم أحكام الغلط في الفصول 40 إلى 45 حيث أنه لا ينفذ العقد إذا وقع الغلط في ذات المتعاقد أو في صفة من صفاته وكانت تلك الصفة السبب الوحيد أو الرئيسي في التعاقد[5].
وأمام ظهور عقود حديثة شديدة التعقيد بل وصعبة على فهم ودراية الشخص العادي[6]، فإنه من السهل توقع ما يحصل بين متعاقد مهني محترف وآخر عادي غير متخصص، الأول لديه من الخبرة ما يجعله قادر على تطويع مفاصيل العقد لصالحه، والثاني الذي هو المستهلك لا يملك سوى القبول بشروط العقد أو العدول عن إبرامه. الإشكال المطروح في هذا الصدد متجسد في مدى إمكانية التمسك بالغلط لتحيق حماية المستهلك؟
في هذا الإطار قرر القضاء الفرنسي موقفا متشددا في قبول الدفع بالغلط من قبل شخص محترف على أساس أنه يفترض فيه قدر من الحرص لدى المحترف يدفعه إلى الحصول على المعلومات الضرورية التي تجنبه من الوقوع في الغلط، أما إذا تعلق الأمر بالمستهلك غير المحترف فإن القضاء الفرنسي يبدي تساهلا في القبول بالغلط خاصة في مجال عقود الإذعان[7].
وعليه يمكن القول أن الغلط كعيب من عيوب الإرادة يبقى قاصرا عن حماية المستهلك، وتأكيدا لذلك قضت محكمة التمييز الفرنسية برفع إبطال عقد شراء جهاز تلفزيون وقع مشتريه في غلط متعلق بالدولة التي أنتج فيها الجهاز[8].
وإذا كانت نظرية الغلط التي اعتد بها المشرع المغربي أبانت عن قصورها في حماية رضا المستهلك، فإن قانون 31.08 جاء بمقتضى إيجابي يمكن القول معه أنه قادر على حماية المستهلك حيث نص الفصل 70 منه على أنه "إذا أبرم في شأن الخدمة بعد البيع عقد مستقل وجب على المورد أن يبين كتابة وبوضوح حقوق المستهلك" تجنبا لوقوعه في الغلط.
هكذا إذن يتبين أن نظرية الغط وفقا للقواعد العامة تظل محدودة وقاصرة على أن تكون وسيلة ناجعة في تحقيق حماية المستهلك خاصة أنه يترتب على إعمال الغلط إبطال العقد في وقت يكون معه المستهلك محتاجا إلى التعاقد للحصول على السلع والخدمات.
الفقرة الثانية: أثر الغبن في حماية المستهلك
إذا كان الفصل 39 ق.ل.ع المستعرض لعيوب الإرادة لم يذكر الغبن بل اقتصر على الغلط والتدليس والإكراه، فإن الفصلان 55 و56 من ق.ل.ع حصر حالاته في اقترانه بتدليس، وقوع القاصر أو ناقص الأهلية ضحيته بشرط زيادة الفرق بين الثمن والقيمة الحقيقية للشيء عن الثلث.
إن الغاية من التنصيص على نظرية الغبن هي المحافظة على التوازن بين ما يعطيه المتعاقد وما يأخذ الطرف الآخر، إذ يعتبر الغبن آلية قانونية أوجدها المشرع المدني من أجل الاعتماد عليها من الطرف المغبون لإعادة التوازن العقدي، إلا أن هذا الهدف سرعان ما انصهر في نار حمراء أساسها وعقيدتها الفصلان 55 و56 المحددة لحالات المطالبة بإبطال العقد نتيجة الغبن، خاصة إذا علمنا أن المستهلك قد يكون ضحية عدم التوازن العقدي فيتعاقد بشروط مجحفة، وفي هذه الحالة لا يمكنه الاستناد على الغبن لإعادة التوازن إلى العقد ما لم يكن قاصرا أو ناقص الأهلية أو ضحية تدليس[9].
وجدير بالذكر أن الاعتماد على مبدأ سلطان الإرادة ضيق كثيرا من دائرة الغبن بالمفهوم التقليدي إلا أنه ومع تطور الحياة الاقتصادية وظهور التكنولوجيات الحديثة وما نتج عن ذلك من زعزعة لمبدأ سلطان الإرادة جعل المشرع يتدخل لإعادة التوازن للعقد حماية للطرف الضعيف – المستهلك –، وهذا ما نتج عنه ظهور نظرية جديدة للغبن اصطلح عليها بالغبن الاستغلالي، فهل تستطيع نظرية الغبن في حلتها الجديدة ولباسها الجديد أن تكون كفيلة بحماية المستهلك؟
يقصد حسب الفقه بالغبن الاستغلالي أن يقدم المتعاقد على استغلال طيش المتعاقد الآخر أو هواه الجامح أو حاجته الملحة أو عدم خبرته أو جهله ويحمله على إبرام تصرف يلحق به غبنا فاحشا.
ولما كان المستهلك في الغالب طرفا ضعيفا في العلاقة العقدية إذ لا تكون له الخبرة الكافية التي تجعله على بينة بالسلعة أو الخدمة المتعاقد بشأنها مما قد يسقطه في غبن فاحش، وأمام غياب نص قانوني لنظرية الغبن الاستغلالي فإنه يمكن للمستهلك الاستناد إلى المادة 54[10] من ق.ل.ع لإبطال العقد الذي يحتوي على الشروط التعسفية.
وعلى الرغم من أن هذه النظرية تبدو ملائمة لحماية المستهلك، فإن خصوصيتها وشروط إعمالها يحدان من ذلك خاصة تلك المتعلقة بصعوبة إثبات استغلال المتعاقد للمستهلك لضعف فيه ناتج عن حاجته أو عدم خبرته[11]...
وهكذا ومن خلال مقارنة نظرية الغبن وفق القواعد العامة في حماية المستهلك يتضح أنها عاجزة عن تحقيق الحماية المنشودة (المادة 59 من قانون 31.08).
الفقرة الثالثة: مدى تأثير التدليس والإكراه على حماية المستهلك
التدليس هو إيقاع المتعاقد في غلط يدفعه إلى التعاقد والتدليس لا يجعل العقد قابلا للإبطال إلا للغلط الذي يولد في نفس المتعاقد[12].
طبقا للقواعد العامة يجب توافر ثلاث شروط للمطالبة بإبطال العقد:
استعمال المدلس لوسائل احتيالية كالكتمان والكذب وإذا كان المشرع في الفصل 52 ق.ل.ع نص صراحة على أن الكتمان يعد تدليسا، فإنه أغفل الإشارة إلى الكذب، وهذا على خلاف كل من التشريع المدني الفرنسي[13] والمصري[14] اللذين لم ينصا على الكتمان كسبب من أسباب التدليس وإنما اشترطا مجرد وسائل احتيالية.
وفضلا عن استعمال المدلس وسائل احتيالية كشرط مادي، لا بد من توافر الشرط المعنوي المتعلق بتوافر نية التظليل لتحقيق الهدف غير المشروع من جانب المدلس، وأن تكون تلك الوسائل دافعة للتعاقد.
وعليه فإن الوسائل الاحتيالية التي قد يتعرض لها المستهلك متمثلة في الإعلانات والترويج المبالغ فيه للسلع أو الخدمات التي تدفعه إلى التعاقد أو السكون عن بعض عيوبها وفي هذا الصدد ينص الفصل 21 من قانون 31.08 "يمنع كل إشهار يتضمن بأي شكل من الأشكال ادعاء أو بيانا أو عرضا كاذبا".
وهكذا لا يعتد بالتدليس إلا إذا كان حاسما في صدور الرضا من عدمه ونحو ذلك لو عرض موردا سلعة على المستهلك مشيرا إلى أنها تحمل علامة تجارية معروفة على عكس الحقيقة، أو تم اقتناءها من طرف المستهلك ليس على أساس تأكيدات المنتج بل لشدة انجذابه للسلعة، فهنا والحالة هاته لا يمكن اعتبار المستهلك ضحية تدليس لكونه لم يتعاقد بفعل احتيال المنتج وإنما لشدة إعجابه بالسلعة.
الإشكال الذي يطرح في هذا الصدد هو مدى إمكانية تخويل المستهلك المدلس عليه الصادر من الغير والذي قد يستفيد منه المورد من المطالبة بإبطال العقد؟
يذهب بعض الفقه[15] في هذا الإطار إلى القول بأن تفضيل مبدأ سلطان الإرادة يقتضي حتما تخويل المدلس عليه حق طلب الإبطال سواء كان التدليس صادر شخصيا من المتعاقد أو من الغير طالما استفاد المتعاقد الآخر – الذي هو المورد في مقامنا – من تدليس هذا الغير، إلا أنه وبترجيح مبدأ استقرار المعاملات فيقتضي حرمان المستهلك ضحية التدليس من حق المطالبة بالإبطال، ولن يبقى له سوى الحق في المطالبة بالتعويض من هذا الغير على أساس المسؤولية التقصيرية.
والملاحظ أن المشرع المغربي وفق بين المبدأين وخول للمدلس عليه – المستهلك – طلب إبطال العقد إذا كان المتعاقد الآخر متواطئا مع الغير وكان هذا المتعاقد عالما بهذا التدليس وسكت عن الإفصاح عنه[16]، هذا فضلا عن أن المشرع المدني منح للمستهلك الذي مورس عليه تدليس ثانوي (عارض) أي الذي لا يهم جوهر الالتزام بل أحد توابعه مجرد التعويض[17]. إذ يمكن القول بأن هذا الحكم إذا ما طبقناه على وضعية المستهلك ما كان ليصب في مصلحته لو كان التعويض مقترن بإبطال الشرط التعسفي وإعادة التوازن للعقد.
الإكراه وحماية المستهلك
إذا كان المشرع المدني لم يعط تعريفا لعيوب الإرادة الأخرى، فإنه اختار تعريف الإكراه وهكذا فقد جاء في الفصل 46 ق.ل.ع أن "الإكراه إجبار من غير أن يسمح به القانون يحمل بواسطته شخص شخصا آخر على أن يعمل عملا بدون رضاه".
وعليه فلقيام الإكراه يجب توافر ثلاث شروط:
- استعمال وسائل للضغط والإجبار
- التعاقد تحت الرهبة والخوف الناجمين عن الإكراه
- أن يهدف المكره تحقيق غرض غير مشروع[18].
المبحث الثاني :مدى حماية المستهلك من خلال أحكام الإلتزامات على ضوء قانون 31.08 وق. ل. ع
سنتعرض لأحكام الضمان بين قانون حماية المستهلك والقواعد العامة (كمطلب أول) على أن نعالج في (مطلب ثان) خصوصيات بعض الالتزامات في كل من قانون 31.08 و ق. ل .ع .
المطلب الأول:أحكام الضمان بين قانون حماية المستهلك و القواعد العامة.
سنقسم الحديث في هذا المطلب إلى فقرتين الأولى سنخصصها لضمان العيوب الخفية و الثانية لضمان التعرض.
الفقرة الاولى : ضمان العيوب الخفية.
في كل مرة نتحدث عن ضمان العيوب الحفية نتساءل أولا عن مفهوم العيوب الخفية، هكذا ودون الخوض في جو النقاشات الفقهية التي عرفتها الساحة لمحاولة تقديم تعريف لهذه المؤسسة، فهو يعني عموما أي -العيب الخفي- هو تلك الآفة العارضة التي تعد دخيلة عن الخصائص المميزة للشيء أو ذلك الخلل أو النقص الذي يوجد في شيء المبيع بصورة غير مألوفة [19].
و ليكون العيب موجب لضمان وجب استجماعه لمجموعة من الضوابط التي تعد في مجملها :
- أن يكون خفي حسب الفصل 569 من ق ل ع
- أن يكون مؤثرا حسب الفصل 549 من ق ل ع سواء في القيمة أو المنفعة
- أن يكون قديما حسب الفصل 552 من ق ل ع
هكذا و باستجماع العيب لشروط السالفة الذكر يحق لكل ذي مصلحة رفع دعوى أمام القضاء للمطالبة بحقه وهذه الدعوى هي التي ستأكد لنا تأثير مقتضيات قانون الاستهلاك على القواعد العامة، فإذا كنا نعلم مسبقا أن البينة على المدعي هي قاعدة أصلية في ق ل ع حسب الفصل 554 من ق.ل.ع، فإن قانون الاستهلاك جعل عبئ الإثبات ملقى دائما على المورد سواء أكان مدعي أو مدعى عليه وذلك إيمانا من المشرع أن القواعد العامة لا تشكل ملاذا أمنا للمستهلك مما يؤكد بالملموس تأثير مقتضيات قانون 31-08 على القواعد العامة .
كما أننا نلمس تأثير أخر هذه المرة على مستوى أجال رفع الدعوى فإذا كانت القواعد العامة تحدد أجل 365 يوم بالنسبة للعقارات وأجل 30 يوم للمنقولات والحيوانات فإن المشرع تدخل عبر قانون الاستهلاك وقام برفع هذه الآجال لتصبح سنتين بالنسبة للعقار و سنة بالنسبة للمنقولات الفصل 65 من ق ح.م "لا يجوز الاتفاق على تقصير الآجال..."
و صفوة القول في هذه النقطة هو أن هاجس حماية مصلحة المستهلك كطرف ضعيف هي القاعدة التي جعلت المشرع ينص على مثل هذه المقتضيات التي كان ثأتيرها بالغ الأهمية على القواعد العامة .
الفقرة الثانية : ضمان التعرض
إذا كان المقصود بالتعرض هو كل ما يعكر حيازة المبيع، وهو ما يجعل البائع ملزم بضمان التعرض لتمكين المشتري من حيازة المبيع بدون وجود أي عائق يحول دون ذلك، هذا وتجب الإشارة أن هذا التعرض يمكن ان يصدر من فعل البائع المادي أو القانوني كما قد يكون صادرا هذه المرة من فعل شخص أخر غير البائع، هذا النوع الأخير يستلزم توفر شروط معينة للاعتداد به وهي بشكل مختصر :
- أن يكون التعرض الصادر من الغير قانونيا (لا مادي ).
- أن يكون التعرض قد صدر فعليا لا مجرد الخشية من وقوعه .
- أن يكون الحق الذي يدعيه الغير سابقا على البيع أو لاحق عليه بفعل البائع .
و مثاله إدعاء الدائن المرتهن أن الرهن واقع قبل التصرف الصادر لصالح المشتري عملا بمقتضى الفصل 534 الذي ينص " يلتزم البائع أيضا بقوة القانون بأن يضمن للمشتري الاستحقاق الذي يقع ضده بمقتضى حق كان موجودا عند البيع "
و هو ما يعني أن التعرض القانوني الذي يقع بعد إتمام البيع لا يلتزم البائع بضمانه اللهم إذا كان هو المتسبب فيه مثال :
بيع المنقول مرتين و يقوم بتسليم المبيع لمشتري ثان حسن النية حيث يستطيع هذا الأخير أن يعطل حق المشتري الأول و ذلك لاحتجاجه أمامه بقاعدة " الحيازة في المنقول سند لملكية " لكن السؤال المطروح هنا هو ماذا لو كان المشتري والحالة هاته عالم وقت التعاقد أن خطر إستحقاق ملكية المبيع وارد أو أن هناك تكليف للغير ظاهر يثقله ؟
الجواب عن هذا يقتضي التمعن جيد في مقتضيات ق ل ع وفحص مقتضيات ق.ح.م للوقوف عند مدى ثأتير قواعد قانون 31-08 على القواعد العامة
بالعودة إلى مقتضيات ق ل ع نلاحظ مند الوهلة الأولى غياب لأي نص يعالج مشكلة حسن أو سوء نية المشتري في ممارسة دعوى الضمان التعرض الصادر عن الغير.
لكن يمكن الارتكان لمقتضيات الفصل 536 ق ل ع و الذي يؤكد عدم أحقية المشتري بالرجوع على البائع بدعوى ضمان متى كان المبيع مثقل بارتفاق قانوني إذا كان طبعا التكليف ظاهرا إلا إذا ضمن البائع عدم و جوده لكن الاستثناء هو ما تقرره مقتضيات المادة 59 من ق ح م و ذلك كلما تعلق الأمر ببيع منتوجات أو سلع أو خدمات، إذا تبين أن البائع استغل ضعف أو جهل المستهلك، فله حق استرجاع المبالغ المؤداة بخصوص السلع و تعويضه عن الأضرار التي حلت به[20].
المطلب الثاني: خصوصية الالتزامات وفق قانون 31.08
إن ظهور عمليات التصنيع الحديثة وما ترتب عنها من بروز ونمو عقود الإذعان، أدت إلى جعل اختلال بارز بين أطراف العقد، فلا يستطيع المستهلك أن يكون ندا للمهني، وأمام قصور النظريات التقليدية لقانون الالتزامات والعقود عن توفير الحماية اللازمة لهذا المستهلك تدخل المشرع عبر نصوص خاصة كقانون 31.08 و24.09 ليقرر حقوقا للمشتري تعتبر من صميم الالتزامات الملقاة على عاتق البائع، كالالتزام بالإعلام (فقرة أولى) والالتزام بالتحذير (فقرة ثانية).
الفقرة الأولى: الالتزام بالإعلام
بادئ ذي بدء يجب القول بأن الالتزام بالإعلام هو بيان وإباحة بأمور معينة حسب معاجم السلطة وهو في عقد البيع كشف وإدلاء بمعلومات تتعلق بالمبيع، وتهم المتعاقد قبل إقدامه على التعاقد حتى يكون رضاه مستنيرا وواضحا[21].
هكذا إذن فإن الالتزام بالإعلام مضمونه تنوير المستهلك حول المنتوج باعتباره شرطا ضروريا لتحقيق الشفافية في السوق وما لذلك من أثر على السير العادي للمنافسة الحرة، فالالتزام بالإعلام قد يكون سابق على إبرام العقد وهو ما يصطلح عليه "بالالتزام قبل التعاقدي بالإعلام" كما قد يكون أثناء إبرام العقد.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا الالتزام تعرض له المشرع المدني من خلال أحكام البيع بشكل غير مباشر من خلال الفصل 556 ق.ل.ع الذي نص على أنه "إذا كان البائع يعلم عيوب المبيع أو يعلم خلوه من الصفات التي وعد بها، أو لم يصرح بأنه يبيع بغير ضمان ويفترض هذا العلم موجودا دائما إذا كان البائع تاجرا أو صانعا وباع منتجات الحرفة التي يباشرها".
وفي نفس المضمار ينص الفصل 82 ق.ل.ع "من يعط عن حسن نية.... بيانات وهو يجهل عدم صحتها لا يتحمل أية مسؤولية اتجاه الشخص الذي أعطيت له".
هكذا إذن يتبين أن المشرع المدني أشار إلى الالتزام بالإعلام بشكل غير مباشر بما لا يسعف من تحقيق الحماية اللازمة للمستهلك، إلا أنه يمكن الاستناد إلى الفصل 231 ق.ل.ع من طرف القضاء واستخراجه منه وذلك بقراءة النص قراءة واسعة، علما أن القضاء الفرنسي استند إلى الفصل 1135 المقابل للفصل 231 من ق.ل.ع وعمل على تفصيله واستخرج منه عدة التزامات من بينها الالتزام بالإعلام والالتزام بالتحذير.
ولئن كانت مقتضيات القانون المدني غير كفيلة بحماية المستهلك فإن المشرع المغربي جاء بقانون حرية الأسعار والمنافسة ونص من خلال الفصل 47 و52 منه صراحة وبشكل مباشر على الالتزام بإعلام المستهلك.
ولم يقف المشرع عند هذا الحد وإنما قام بإلباس هذا الإعلام ثوب الإجبار من خلال قانون 31.08 في القسم الثاني والثالث منه[22]، بحيث يلتزم بمقتضاه الطرف الأكثر خبرة والأوفر علما بإمداد الطرف الآخر قبل أو أثناء إبرام العقد بالمعلومات والبيانات المتعلقة بهذا العقد.
وبعيدا عن تضارب الآراء الفقهية حول طبيعة الالتزام بالإعلام فإنه يمكن القول أنه التزام فرضته حقائق واقعية، أساسها وعقيدتها وضعية المستهلك غير المتخصص الذي يكون في الغالب جاهلا لمكونات المنتوج وخطورته أحيانا.
من خلال ما سبق يتضح أن الالتزام بإعلام المستهلك بكل ما يتعلق بالمنتوج المراد التعاقد بشأنه إنما جاء ليكون تكملة لعيوب الرضا[23] وضمان المساواة في العلم بين المتعاقدين فضلا عن تحقيق التوازن العقدي وذلك نتيجة ظهور عقود استهلاكية جديدة تنامت معها ظاهرة الشروط التعسفية.
هذا وإن كان الالتزام بالإعلام يجد أساسه في مبدأ حسن النية (231 ق.ل.ع) وكذلك اعتباره من مستلزمات العقد، فإن التشريع المدني أشار إليه بطريقة محتشمة يبقى ضمنها المستهلك في وضعية لا تمكنه من الحماية اللازمة والتي ضمنتها له القوانين الخاصة خاصة قانون 31.08 و24.09 وغيرهما.
في هذا الإطار نرى أن قواعد ق.ل.ع قاصرة في تقرير الحماية اللازمة للمستهلك مما جعل قانون حماية المستهلك يؤثر على القواعد الشامخة لقانون الالتزامات والعقود رغم اعتباره الشريعة العامة وذلك عبر تعطيل النظريات الكلاسيكية التي لا يمكنها في ظل علاقة تعاقدية يتجاذبها طرفان، أولها قوى قادر على تطويع مفاصيل العقد لصالحه والآخر لا يملك سوى الانصياع وقبول التعاقد بالشروط المفروضة عليه أو العدول عن ذلك مما سيؤثر لا محال على إشباع حاجياته الضرورية.
وهذا ما جعل المشرع المغربي يضيف التزاما آخر أكثر قوة من الالتزام بالإعلام على عاتق المهني اتجاه المستهلك، يصطلح عليه بالالتزام بالتحذير.
الفقرة الثانية: الالتزام بالتحذير وحماية المستهلك
بادئ ذي بدء نسجل أن الالتزام بالتحذير التزام أقوى من الإعلام لكنه لا يصل إلى درجة المشورة[24].
لئن كان قانون الاستهلاك عالج الالتزام بالإعلام بشكل مفصل ودقيق يمكن القول معه أنه آلية حمائية للطرف الضعيف في العلاقة العقدية، فإنه أشار بشكل ضمني للالتزام بالتحذير من خلال الفقرة الثانية من المادة الثالثة، والمادة 21 وكذا المواد من 65 إلى 70 من قانون 31.08، مع الإشارة إلى أن قانون 24.09 تطرق للالتزام بالتحذير بشكل صريح.
إذا كان المنتج ملزم بالالتزام بالإعلام فإن هذا لا يمنع من وجود التزامات أخرى على عاتقه تفرض عليه ضرورة احترامها لما قد ينجم عن إغفالها أو إهمالها من عواقب وخيمة على المستهلك، وإذا كان الالتزام بالتحذير غالبا ما يكون لصيقا بواجب الإعلام فإن كلا منهما مستقل عن الآخر وهذا يتضح من خلال اختلاف المنتوج، إذ هناك من السلع ما تقتضي عند اقتنائها من طرف المستهلك أن يعلمه بكيفية استعمالها وكذا التحذير منها نظرا للخصوصيات التي تتكون منها، وحماية المستهلك في هذا الإطار لن تتأتى إلا من خلال تحذيره من مخاطر الشيء المبيع، ومن خلال الرجوع لقانون الالتزامات والعقود نجده قاصرا عن هذه الحماية حيث أنه لم يتضمن ضمن مقتضياته التزام البائع أو المورد بتحذير الطرف المتعاقد معه، لكن مع ذلك يمكن استخلاصه من قواعد ضمان العيوب الخفية ابتداء من الفصل 549 وما بعده ق.ل.ع[25].
في هذا الصدد يمكن أن نتساءل عن مدى إلزام المنتج في ظل قانون 31.08 بالالتزام بتحذير المستهلك؟
كما سبقت الإشارة إلى قانون 31.08 لم ينظم الالتزام بالتحذير بشكل صريح وإنما عالجه بشكل ضمني[26]، لذلك يمكن القول أن قانون حماية المستهلك لا يوفر هو الآخر الحماية اللازمة للمستهلك، تلك الحماية التي تجعله يتعاقد وهو في وضعية مطمئنة لكونه يعلم مسبقا أن قانون 31.08 ضامن لحقوقه اتجاه المنتج، لكن قانون حماية المستهلك وإن لم ينظم الالتزام بالتحذير بشكل صريح فإنه أكثر حماية من قانون الالتزامات والعقود، هذا الأخير يظل قاصر على تحقيق وضمان تلك الحماية التي يرمي من أجلها المستهلك، وإن كان البعض يستند على الفصل 231 من ق.ل.ع من تنفيذ العقد بحسن النية، علما أن القضاء الفرنسي عمل على تفصيل الفصل 1135 من القانون المدني الفرنسي المقابل للفصل 231 من ق.ل.ع المغربي واستخرج منه جل الالتزامات بما فيها الالتزام بالتحذير.
وجدير بالذكر أن الالتزام بالتحذير منظم بشكل دقيق ضمن قانون 24.09 الذي نص في البند الثالث من المادة 5 على أن "تقديم المنتوج وعنونته والتحذيرات المحتملة...".
وحتى يفي الالتزام بالتحذير بالغرض المرجو منه يجب أن تتوفر فيه بعض الخصائص منها:
أن يكون التحذير واضحا، وأن يكون كاملا شاملا، وهذا ما قد يحدث في الدول ذات اقتصاد السوق المتقدمة التي توفر للمستهلك كل إمكانيات الاختيار، لكن بالرجوع إلى الدول التي تبنت منهج اقتصاد السوق مؤخرا كالمغرب، فإنه يعد ضربا من الخيال الاعتقاد بأن المستهلك في إطار منظومة اقتصاد السوق موجه دون أدنى شك إلى منتجات ومنتجات أكثر تحقيقا لرغبات المستهلك[27]، فعدم التوازن العقدي يدفع بعض المحترفين إلى تسويق منتوجات مشكوك في نوعيتها ويضعها في السوق في الفرصة المتاحة.
فضلا عما سبق يتعين أن يكون التحذير ظاهرا وملاصقا للمنتجات لا منفصلا عنها لتجنب ما قد يحدث من مخاطر.
تضح مما سبق أن الالتزامات المستحدثة من التزام بالإعلام والتحذير وغيرهما أصبحت ملازمة لعقد البيع ولم يعد في كافة الأحوال إعمال مقتضيات الفصل 231 من ق.ل.ع المؤكد على حسن النية في التعاقد[28]، خاصة وأن قانون حماية المستهلك تعرض للالتزام بالتحذير الذي يعد متمما ومكملا للالتزام بالإعلام وكذا قانون 24.09 الذي تعرض بشكل صريح للالتزام بالتحذير.
وهذا ما يجعلنا نؤكد أن قانون حماية المستهلك لم يتضمن مقتضيات منظمة للالتزام بالتحذير بشكل صريح قد لا يؤدي وظيفته الأساسية التي خرج من أجلها إلى الوجود ألا وهي حماية المستهلك، لكن هذا لا يعني أنه لم يوفر له أية حماية بل أن هذه الحماية نسبية، وهو نفس الأمر بالنسبة لقانون الالتزامات والعقود الذي لم يوفر حماية للمستهلك من خلال الالتزام بالتحذير وإن كان البعض يناشد القضاء من أجل السير على نهج القضاء الفرنسي والعمل على تفصيل الفصل 231 المتعلق بتنفيذ العقد بحسن نية واستخراج التزام البائع أو المنتج بتحذير المستهلك.
نشير في هذا الصدد أن قانون الالتزامات والعقود قاصر عن حماية المستهلك من خلال النظريات والمبادئ التقليدية خاصة بعد ظهور منتوجات جديدة أدت إلى ظهور قوانين خاصة نتج عنها التزامات مستحدثة غير مألوفة لدى ق.ل.ع مما يجعله متجاوزا في حماية المستهلك إن صح التعبير.
خاتمة
تأسيسا على ما تقدم، يتضح بجلاء أن المبادئ العامة لقانون الالتزامات والعقود يمكن الرجوع إليها كلما غاب نص قانوني خاص باعتبارها شريعة عامة، فإذا كانت عمومية مبدأ سلطان الإرادة، نظرية عيوب االرضا، أحكام ضمان العيوب الخفية والنظريات التقليدية الأخرى تسمح بتوظيفها كأساس لحماية كل متعاقد ضعيف المركز القانوني أو الاقتصادي أو الفني مثل المستهلك، فإن الجمود الذي يلفها يحول دون إمكانية مسايرة مقتضياتها للتطورات التعاقدية الجديدة، مما حتم على المشرع تجاوزها -ولو بشكل نسبي- من خلال صياغة مجموعة من النصوص القانونية التي عملت على التدرج في تعزيز حماية المستهلك1 ليتوج هذا المسلسل التشريعي بمولود قانوني جديد خاص بالشريحة الاستهلاكية دون أن ننسى تدخل المشرع مرة أخرى لتتميم قانون الالتزامات والعقود بالقانون 24.09 المتعلق بسلامة المنتوجات والخدمات2 الهادف إلى تنظيم سلامة المنتجات والخدمات المعروضة على المستهلكين في الأسواق، والذي بمقارنته مع فصول قانون الالتزامات والعقود يبدو غير منسجم وإياها، فكان من الأحرى على المشرع إعادة النظر في قانون الالتزامات والعقود بجميع مقتضياته دون حشوه بالتعديلات التي تجعل منه وحدة غير متناسقة مما قد يأثر على طبيعته كشريعة عامة.
ومع ذلك، فإننا لا ننكر إسهام بعض مبادئ قانون الالتزامات والعقود في حماية المستهلك -ولو لم يقصد المشرع ذلك- مثل: "الإمهال القضائي" الذي قلص قانون 31.08 من نطاقه بدل توسيعه، وإمكانية مراجعة القاضي للتعويض الاتفاقي إذا كان مجحفا أو نتاج شرط تعسفي في حق المستهلك.
لائحة المراجع
قرار محكمة فاس التجارية ،عدد 26 بتاريخ 6 يناير 2005 ملف عدد 548-04 منشور في www.cacfes.ma تاريخ الإطلاع يوم 26/5/2015
[1] الفصل 230 ق ل ع " التزاما التعاقدية المنشأة على وجه صحيح تقدم مقام القانون...."
[1] الفصل 49 من ق ل ع " ...يجوز للمستهلك التراجع داخل أجل أقصاه 7 أيام إبتداءا من تاريخ الطلبية أو الالتزام بالشراء ...."
[1] - عبد القادر العرعاري، "مصادر الالتزامات – الكتاب الأول – نظرية العقد"، الطبعة الثالثة، 2013، دار الأمان، الرباط، ص 138-139.
[1] - الفصول 40 – 41 – 42 ق.ل.ع.
[1] - منير قاسم صلاح الحلاني، "حماية المستهلك بين القوانين العامة والخاصة"، أطروحة دكتوراه في القانون الخاص، 2013/2014.
[1] - منير قاسم، م س، ص 34.
[1] - Cass. Civ. 22 Nov 1977, RTD. Com 1979, P 310, obs hensrd.
أورده منير قاسم، ص 34.
[1] - حكيمة بن مشيش، "حماية المستهلك بالمغرب بين القواعد العامة والمستجدات"، رسالة الماستر في القانون الخاص، كلية الحقوق، سلا، 2011/2012، ص 59.
[1] - نص الفصل 54 ق.ل.ع على أنه: "أسباب الإبطال المبنية على حالة المرض والحالات الأخرى المشابهة متروكة لتقدير القضاة".
[1] - حكيمة بن مشيش، م س، ص 60.
[1] - عبد الرزاق السنهوري، "الوسيط في شرح القانون المدني الجديد"، المجلد الأول، مصادر الالتزام، دار النهضة العربية، القاهرة، الجزء الأول، الطبعة 3، سنة 1981، ص 341.
[1] -
[1] -
[1]- محمد الشرقاني، "النظرية العامة للالتزامات (العقد)"، مطبعة سجلماسة ، الزيتون، 2003، ص 120.
[1]- الفصل 52 ق.ل.ع.
[1]- الفصل 53 ق.ل.ع.
[1]- محمد الشرقاني، م س، ص 125.
[1]محمد العروصي ، المختصر في بعض العقود المسماة عقد البيع و المقايضة و الكراء ،طبعة 2014 مطبعة مرجان الصفحة 200
[1] محمد العروصي :م س ص 185-186-187
[1] - محمد العروصي، "الالتزام بالإعلام خلال مرحلة تكوين عقد البيع"، الطبعة الثانية، 2012، مطبعة وراقة سجلماسة، ص 21.
[1]- خصص قانون 31.08 الباب الأول من القسم الثاني للالتزام العام بالإعلام من المادة 3 إلى المادة 11، والباب الثاني من المادة 12 إلى 14 خصصها للإعلام بآجال التسليم، ثم أفرد المواد 15 إلى 20 من القسم الثالث لحماية المستهلك من الشروط التعسفية.
[1]- الفحصي وفاء، "إشكالية الالتزام بالإعلام في عقود الاستهلاك"، رسالة الماستر في القانون الخاص، 2008/2009، ص
[1] - محمد العروصي، م س، ص 175.
[1] - محمد العروصي، م س، ص 175.
[1]- المادة 3 والمادة 21 والمواد من 65 إلى 70 من قانون 31.08.
[1]- زوبير أرزقى، "حماية المستهلك في ظل المنافسة الحرة"، مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون، فرع المسؤولية المهنية، 2011، ص 147.
[1]- محمد العروصي، م س، ص 175.
الفهرس
مقدمة...................................................................................1
المبحث الأول : تأثير قانون حماية المستهلك على القواعد العامة للإلتزامات والعقود.....................................................................................2
المطلب الأول: مبدأ سلطان الإرادة بين ق ل ع وحماية المستهلك...........2
فقرة أولى:تأثير قانون 31-08 على مبدأ العقد شريعة المتعاقدين...........2
الفقرة الثانية : تأثير قانون 31-08 على مبدأ القوة الملزمة للعقد...........3
الفقرة الثالثة :تأثير قانون 31-08 على مبدأ النسبية أثار العقد..............4
المطلب الثاني: تأثير قانون 31.08 على عيوب الإرادة............................5
الفقرة الأولى: الغلط وحماية المستهلك...............................................5
الفقرة الثانية: الغبن وحماية المستهلك................................................6
الفقرة الثالثة: مدى تأثير التدليس والإكراه على حماية المستهلك..................8
المبحث الثاني :مدى حماية المستهلك من خلال أحكام الإلتزامات على مستوى قانون 3.108 وق. ل. ع................................................10
المطلب الأول:أحكام الضمان بين قانون حماية المستهلك والقواعد العامة..11
الفقرة الاولى : ضمان العيوب الخفية.........................................11
الفقرة الثانية : ضمان التعرض................................................12
المطلب الثاني: خصوصية الالتزامات وفق قانون 31.08....................13
الفقرة الأولى: الالتزام بالإعلام...................................................14
الفقرة الثانية: الالتزام بالتحذير وحماية المستهلك.............................16
خاتمة ............................................................................18
[1] قرار محكمة فاس التجارية ،عدد 26 بتاريخ 6 يناير 2005 ملف عدد 548-04 منشور في www.cacfes.ma تاريخ الإطلاع يوم 26/5/2015
[2] الفصل 230 ق ل ع " التزاما التعاقدية المنشأة على وجه صحيح تقدم مقام القانون...."
[3] الفصل 49 من ق ل ع " ...يجوز للمستهلك التراجع داخل أجل أقصاه 7 أيام إبتداءا من تاريخ الطلبية أو الالتزام بالشراء ...."
[4] - عبد القادر العرعاري، "مصادر الالتزامات – الكتاب الأول – نظرية العقد"، الطبعة الثالثة، 2013، دار الأمان، الرباط، ص 138-139.
[5] - الفصول 40 – 41 – 42 ق.ل.ع.
[6] - منير قاسم صلاح الحلاني، "حماية المستهلك بين القوانين العامة والخاصة"، أطروحة دكتوراه في القانون الخاص، 2013/2014.
[7] - منير قاسم، م س، ص 34.
[8] - Cass. Civ. 22 Nov 1977, RTD. Com 1979, P 310, obs hensrd.
أورده منير قاسم، ص 34.
أورده منير قاسم، ص 34.
[9] - حكيمة بن مشيش، "حماية المستهلك بالمغرب بين القواعد العامة والمستجدات"، رسالة الماستر في القانون الخاص، كلية الحقوق، سلا، 2011/2012، ص 59.
[10] - نص الفصل 54 ق.ل.ع على أنه: "أسباب الإبطال المبنية على حالة المرض والحالات الأخرى المشابهة متروكة لتقدير القضاة".
[11] - حكيمة بن مشيش، م س، ص 60.
[12] - عبد الرزاق السنهوري، "الوسيط في شرح القانون المدني الجديد"، المجلد الأول، مصادر الالتزام، دار النهضة العربية، القاهرة، الجزء الأول، الطبعة 3، سنة 1981، ص 341.
[13] -
[14] -
[15]- محمد الشرقاني، "النظرية العامة للالتزامات (العقد)"، مطبعة سجلماسة ، الزيتون، 2003، ص 120.
[16]- الفصل 52 ق.ل.ع.
[17]- الفصل 53 ق.ل.ع.
[18]- محمد الشرقاني، م س، ص 125.
[19]محمد العروصي ، المختصر في بعض العقود المسماة عقد البيع و المقايضة و الكراء ،طبعة 2014 مطبعة مرجان الصفحة 200
[20] محمد العروصي :م س ص 185-186-187
[21] - محمد العروصي، "الالتزام بالإعلام خلال مرحلة تكوين عقد البيع"، الطبعة الثانية، 2012، مطبعة وراقة سجلماسة، ص 21.
[22]- خصص قانون 31.08 الباب الأول من القسم الثاني للالتزام العام بالإعلام من المادة 3 إلى المادة 11، والباب الثاني من المادة 12 إلى 14 خصصها للإعلام بآجال التسليم، ثم أفرد المواد 15 إلى 20 من القسم الثالث لحماية المستهلك من الشروط التعسفية.
[23]- الفحصي وفاء، "إشكالية الالتزام بالإعلام في عقود الاستهلاك"، رسالة الماستر في القانون الخاص، 2008/2009، ص
[24] - محمد العروصي، م س، ص 175.
[25] - محمد العروصي، م س، ص 175.
[26]- المادة 3 والمادة 21 والمواد من 65 إلى 70 من قانون 31.08.
[27]- زوبير أرزقى، "حماية المستهلك في ظل المنافسة الحرة"، مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون، فرع المسؤولية المهنية، 2011، ص 147.
[28]- محمد العروصي، م س، ص 175.
via MarocDroit - موقع العلوم القانونية http://ift.tt/1MdxkLK
0التعليقات :