http://www.marocdroit.com/photo/art/default/5728824-8541120.jpg مصطفى الديماني طالب باحث بماستر الدبلوماسية المغربية كلية الحقوق سلا شهد الوطن العربي في سنة 2011 ، مجموعة من التحولات و التغيرات السياسية التي تتسم بالعفوية ، لعل من أهم تجلياتها تغير أنظمة سياسية و إجراء إصلاحات سياسية و دستورية في العديد من الأقطار العربية ، سواء تلك التي مرت بصورة سلمية أو بشكل من العنف و الصراع. وتختلف الثورات العربية عن غيرها من الثورات الغربية السابقة لها من حيث الزمان ، بكونها لا تنطلق من إيديولوجية واضحة المعالم ، فالحراك العربي تغيب فيه وجود قيادة (الشيء الذي دفع العديد من الباحثين بعدم توصيف الأحداث وتسميتها ب'الثورة") ، و ثوريين بما تحمله الكلمة من معنى... من جهة أخرى ، فقد إستفادت الشعوب العربية من ثمار التطور الحاصل في مجال التواصل و المعلوماتية بشكل كبير ، حيث شكل العالم الإفتراضي فضاء ديمقراطيا من خلاله يتم التعبير عن الآراء السياسية بكل حرية ، بعيدا عن رقابة سلطات الدولة. و إلى جانب مساهمة وسائل و تقنيات الإتصال في الحراك المجتمعي ، فقد كانت العوامل الداخلية للبلدان العربية من قبيل " تفشي الفساد السياسي و المالي " ، و "غياب الديمقراطية " و " عدم إحترام الحقوق الإنسانية " ، كلها أسباب في إندلاع تلك الإنتفاضات الشعبية التي وصلت الى حدود إسقاط الأنظمة الفاسدة. إن ما تعيشه البلدان العربية التي مر بها الحراك المجتمعي ، يدخل في سياق ما سمي في أدبيات علم السياسة "بالعدالة الإنتقالية " ، حيث تعد هذه الأخيرة إحدى الوسائل التي تتخذها الشعوب الهادفة الى الإنتقال من نظام يسوده الإضطراب و غياب الأمن و الإستبداد ، إلى نظام أكثر إستقرارا و أمنا و إنفتاحا على مبادئ الحرية و الديمقراطية. فالعدالة الإنتقالية لا تهدف الى إلى تبني ثقافة الثأر و الإنتقام ، بقدر ما تروم الى إقامة تغيير جذري داخل المجتمع ، من خلال تأسيس و بناء دولة الحق و القانون ، إضافة إلى تأصيل مبدأ عدم الإفلات من العقاب . لقد شكلت التحولات العربية إجابة عن سؤال شغل العديد من المفكرين المهتمين بالإنتقال الديمقراطي في المنطقة ، فقد كان يرى البعض أن العرب ليس بمقدورهم إجراء تغيير سياسي حقيقي ، على إعتبار كون الوطن العربي عصي عن التغيير. ومنه فتلك الفرضية أثبتت فشلها عند قيام الحراك العربي ، الذي أسس لمرحلة جديدة حيث أقر مبدأ " حق الشعوب في تقرير مصيرها " ، كبديل عن مبدأ "حق العروش في تقرير مصائر الشعوب " السائد لعقود طويلة. فالشعوب العربية قامت بإسقاط جذار الخوف ، الذي ظل لعقود من الزمن متماسكا بفعل الانظمة الحاكمة من جهة ، و بسبب العوامل الخارجية المتمثلة في مناهضة الدول الغربية كل حديث عن إصلاح ديمقراطي ، قد يهدد مصالحها في المنطقة من جهة ثانية. إن أي مشروع تغيير سياسي في مجتمع ما ، غالبا ما يصطدم بالعديد من التحديات و الإكراهات سواء داخلية أو خارجية. و لعل أهم التحديات المطروحة الآن أمام الدول العربية الجديدة ، هي عدم قدرتها على توفير الأمن داخل حدودها ، ومنه فمن الصعب جدا ، بل من المستحيل ، إقحام الديمقراطية في دول يغيب الإستقرار عن مجتمعها السياسي. فتونس مثلا ، تعيش في مسلسل الإغتيلات السياسية (بدأ بإغتيال شكري بلعيد) الهادفة إلى خلق الفوضى ، و تبادل الإتهامات عبر تحميل تنظيم سياسي معين بمسؤوليته عن تنفيذ تلك الجرائم السياسية . أما في مصر شكل عزل الرئيس المنتخب شرعيا "محمد مرسي " ، من قبل المؤسسة العسكرية ، تحولا خطيرا في الإنتقال الديمقراطي ، والذي نتج عنه ظهور إنشقاقات داخل المجتمع المصري الى درجة المواجهة . بل تم التوجيه للرئيس المعزول مجموعة من التهم من بينها التآمر مع تنظيمات أجنبية (حركة حماس ) ، لتعكس مدى هيمنة الجهات العسكرية على الحياة السياسية المصرية . في حين تعيش ليبيا صعوبات في ضبط التسلح وتنظيمه ، مما شكل تحديا أم تعزيز آليات الديمقراطية و بناء دولة مستقرة أمنيا. ومنه فأبرز التحديات المطروحة أمام الدول الجديدة تلك المتعلقة بالجانب الأمني ، إضافة إلى التحديات الإقتصادية و الإنسانية ... ومنه فالبلدان العربية أضحت مهددة من ظهور خطر "الدولة الفاشلة ". فحين تستوطن الفوضى داخل الدولة ، يتدفق اللاجئون عبر الحدود هربا من العنف ، وتنتعش التنظيمات المتطرفة و تجارة المخدرات والبشر… وعليه سيكون من الخطأ الإعتقاد أن تفكك دولة ما حدث داخلي بالكامل ، بل على العكس ، يحمل هذا الأمر معه إنعكاسات و تداعيات إقليمية و أحيانا دولية . وعليه ، فعلى الحكومات العربية تبني مقاربة قائمة على التواصل بين جميع أطياف المجتمع ، دون إقصاء أي طرف ، من أجل حل هذه الأزمات التي تهدد الإستقرار داخل هذد الدول . علاوة على أهمية دور الإعلام في التخفيف من شدة الإحتقان القائمة في الشارع العربي ، و عليه للوصول إلى تحقيق هذا الهدف النبيل الإلتزام " بالحياد " ، و تحمل المسؤولية في إيصال الحقيقة للرأي العام . إن التحولات الراهنة في دول "الربيع العربي " ، تثير مجموعة من التساؤلات من قبيل : هل فشلت النخب السياسة ذات المرجعية الإسلامية في التجربة السياسية العربية ؟ أم نحن أمام إستهداف هذه التنظيمات السياسية و محاولة إنقلاب على التجربة الديمقراطية ؟ المصدرhttp://www.marocdroit.com/الحراك-العربي-وتحديات-العدالة-الإنتقالية_a3728.html | |||
| |||
| |||
|
0التعليقات :