مجهر الموقع: إخترنا لكم من صفحات الفايسبوك كلمة النقيب عبد الله درميش في حق المرحوم محمد الودغيري، و كلمة الأستاذ حكيم الوردي في حق الأستاذ محمد الهيني




مجهر الموقع: إخترنا لكم من صفحات الفايسبوك كلمة النقيب عبد الله درميش في حق المرحوم محمد الودغيري، و كلمة الأستاذ حكيم الوردي في حق الأستاذ محمد الهيني




الأستاذ حكيم الوردي: وحي القلم 62



يجسد الدكتور محمد الهيني نموذج القاضي المثقف، الملتزم بالقضايا الكبرى للعدالة كقيمة فلسفية، المؤمن حد التوحد بحق المغاربة في قضاء مستقل ، كفؤ ، وقوي.



وبحكم وعيه الشقي بالاستقلالية واحتكاكه كمستشار في القضاء الإداري بشطط الإدارة في استعمال سلطها، وجنوحها عن المشروعية في كثير من القرارات الماسة بالحقوق المكرسة دستوريا للمواطنين، فقد أكسبه ذلك مناعة قوية اتجاه الاحتواء والتدجين، ورسخ لديه الاعتقاد بإمكانية بروز قضاء إداري قوي، حام للشرعية لاسيما بعدما أنصف في كثير من الأقضية المواطنين من تغول الإدارة.



وسواء أتعلق الأمر بحق المعطلين في التشغيل وفاء من الحكومة بالتزامها الموثق بمحضر رسمي، أو بحق المعتقل احتياطيا في التعويض عن تقاعس النيابة العامة في السهر على إحضاره من السجن ليحاكم داخل أجل معقول، ظلت أحكام الأستاذ الهيني مرجعا مشرفا للقضاء الإداري والقضاء المغربي عامة ، بجودة عالمية، عاكسة لروح الدستور، ومبادئ العدالة، والمواثيق الدولية المشكلة لشرعة حقوق الإنسان.



ومشكلة الأستاذ الهيني أنه لم يقتصر على تصريف قناعاته الحقوقية في ممارساته المهنية، بل انخرط بكل قوة في الفعل الجمعوي، معبئا، ومشاركا، ككل مثقف عضوي ملتزم، مستفيدا من حضوره القوي في الجامعة، وعلاقات الصداقة العلمية التي نسجها مع أنتلجنسيا كليات الحقوق التي فتحت له أبوابها، مؤطرا، ومحاضرا، ومشرفا على البحوث والرسائل الجامعية.كما لم يتورع عن تقديم يد الدعم للقضاة الذين شاءت الأقدار أن يساقوا تأديبيا للمجلس الأعلى للقضاء حيث ساهم بمذكرات رصينة في الدفاع عنهم بكل جدارة واقتدار.

إن مسارا كالذي اجترحه الدكتور الهيني لو كتب له أن ينحت في دولة تحترم كفاءاتها، لاستدعي الرجل على عجل، ولطلب منه أن يدخر الطاقة التي راح يصرفها مؤخرا منافحا عن مجلس الدولة، إلى حين تشكيل لجنة من خبراء، وفقهاء، وقضاة القضاء الإداري، تناط بها مهمة استكمال البنيان القانوني لدولة الحق، ولجرى تبشيره بعضويتها.



ولأننا في المغرب الذي لا شيء فيه يقع في الواقع كما نتوقعه منطقيا، تشاء إرادة الماسكين بزمام المرحلة أن توجه المفتشية العامة للدكتور استدعاء أشبه في إبهامه بتلك الورقة الزرقاء التي اعتادت الشرطة توجيهها لكل من تراه مفيدا في الاستماع إليه. في حين أن المسطرة الجنائية متعت مجرمي الحق العام بحق الدفع ببطلان الاستدعاء الذي لا يتضمن الأفعال المرتكبة وتكييفها القانوني.



وإذا كانت المفتشية العامة، تمارس مهامها تحت السلطة المباشرة للوزير طبقا للمادة 3 من مرسوم 11/4/2011 المنظم لوزارة العدل، فقد أوضحت التجارب ( استدعاء رئيس النادي، وذ أنس سعدون) أنها لا زالت الأداة المثلى التي يمكن لوزير العدل، وهو جزء من السلطة التنفيذية، أن يستقوي بها على السلطة القضائية، لاسيما في غياب تحديد دقيق لمجالات تدخلها في الممارسة القضائية. ومن موقعها المؤسس على الصورة المرهبة المترسخة عبر التاريخ في الذاكرة الجمعية للقضاة، فقد اكتسبت المفتشية حصانة، وهيبة، جعلتها في منأى عن أي نقد، لذلك لم تجد نفسها مجبرة على تعليل استدعاءاتها، ولا تمكين القضاة الماثلين أمامها من حقهم في الاطلاع، والدفاع باعتبار التفتيش مرحلة، أشبه بالبحت التمهيدي الذي قد يفضي للمتابعة.



وإذا تبت أن لاستدعاء الدكتور الهيني علاقة بممارسة حقه الدستوري في التعبير، فإن ذلك سيشكل لا محالة انتكاسة حقيقية، و نكوصا فوق كل الشبهات عن المكتسبات التي اعتقدنا أننا ننعم بها في ظل دستور 2011.فضلا على أنه سيقرأ بدون تأويل على أنه ترهيب للرسول، سعيا لقتل الرسالة، مادام أن الوزارة عبرت بوضوح لا غبار عليه بأن الظروف لم تنضج بعد لتأسيس مجلس الدولة، الهدف الذي نذر له الدكتور وقته ومتاعه.



ويبدو أن خطورة الإصرار على حشد الدعم لتأسيس مجلس الدولة، بعدما لاقت الفكرة مؤيدين مدافعين عنها، هي التي لربما عجلت باستدعاء الدكتور الذي يراه أصحاب الوقت عازفا خارجا عن الإيقاع، إيقاع الزمن المغربي الرتيب الذي لا يتحمل مؤسسة من حجم مجلس الدولة قادرة على إلغاء قرارات الدولة. إنه استدعاء بخلفية الخوف من " دولة القضاة" تلك العبارة السحرية التي يلوح بها السياسي كلما أدرك أن القضاء يقف في وجه طموحاته اللامتناهية.



ويكفي لإدراك خطورة مجلس الدولة أن نستحضر ما وقع للدكتور عبد الرزاق السنهوري أب القانون المدني ، والفقيه الذي صاغ الدساتير والقوانين، عندما بدأ وهو رئيس لمجلس الدولة المصري، زمن الثورة في إلغاء قرارات رجالاتها، فألبوا عليه الرعاع ظهيرة يوم 29 مارس 1954 الذين تظاهروا أمام المجلس، داعين إلى سقوطه ، ناعتين السنهوري بالخيانة، فلما طلب منه أحد الضباط الخروج لمخاطبة الجموع وتهدئة روعهم، انهالوا عليه بالسب والضرب، وفتكوا به فتكا في اعتداء مبيت مهين، جعل فقيهنا يغادر المجلس مدثرا في سجادة، موجها اتهامه عند الاستماع إليه بالمستشفى إلى جمال عبد الناصر.



وفي انتظار ما سيكشف عنه استدعاء الثلاثاء المقبل، لا نملك غير الالتفاف حول الدكتور محمد الهيني، مساندين له، ومعبرين عن استعدادنا للسعي معه في نفس الممشى الطاهر، وعبور ذات الصراط الصعب طالما أنه الصراط المستقيم لبناء دولة الحق بسيادة القانون.



الأستاذ النقيب عبد الله درميش: الاعتراف بالجميل لأحد حكماء الهيئة المرحوم النقيب الأستاذ محمد الودغيري

لم نُلَمْلم ولم تلتئم جراحنا بعد ، إذ في غضون زمن قليل من وداع فقيدنا الأستاذ محمد التبر، الوداع الأخير إلى دار البقاء، تصاب هيئتنا بوَجَع شديد، وألم يمزق الأوصال ويفتت الأحشاء جعل زملاءنا يئنون ويذرفون الدموع مدرارا بفقدان عَلَم من أعلام الهيئة، وحكيم من حكمائها، وقطب من أقطابها، ودعامة من دعائمها النقيب الجليل الأستاذ محمد الودغيري، مربي مختلف أجيال المهنة، إذ وافته المنية بالديار الفرنسية بعد ان اسلم روحه الطاهرة إلى بارئها يوم 14 مارس2014 وووري التراب شهيدا في مقبرة الشهداء.

وُلد المشمول بعفو الله يوم 4 ماي 1934 بالدار البيضاء وتلقى تعليمه الابتدائي بمدرسة الأمير الحسن الحرة، وتعليمه الثانوي بثانوية " اليوطي"، Lycée Lyautey ،حيث نال شهادة الباكالوريا الأولى سنة 1953، وشهادة الباكالوريا الثانية في الفلسفة سنة 1954، بثانوية "هونري الرابع " Henri IV Lycéeبباريس، ثم التحق بكلية الحقوق بذات المدينة وحصل على شهادة الإجازة في الحقوق بتاريخ 18/10/1957،وولج قسم الدكتوراة في الحقوق بنفس الكلية واجتاز السنة الأولى بهذا القسم.



كما كان يتابع دروسه بمعهد العلوم السياسية ودروس التأهل لممارسة مهنة المحاماة.



النقيب محمد الودغيري رحمة الله عليه منحدر من عائلة فاضلة وتقية، والده من مشاهير رجال قطاع النسيج بالدار البيضاء التي استقر بها منذ سنة1920



كان الراحل ضمن الرعيل الأول من المحامين المغاربة الذين التحقوا بالهيئة- قبل التعريب- تم قبوله من مجلس الهيئة كمحام متمرن بتاريخ 8/7/1958 وأدى القسم المهني بمحكمة الاستئناف بالرباط بتاريخ 25 يوليوز 1958، قدمته للهيئة القضائية لسماع القسم نقيب هيئة المحامين بالرباط، الأستاذة "مادلين بونس " Madeleine PONS وهي امرأة محامية قضت السنة الأولى من التمرين بهيئة المحامين بالدار البيضاء إلى ان التحقت بهيئة الرباط سنة 1927، تشرفت بمنصب نقيب هيئة الرباط في الفترة (1957-1959)، وتوفيت يوم 12 شتنبر 1962 على اثر حادثة سقوط طائرة الخطوط الجوية الفرنسية التي انفجرت نتيجة اصطدامها بهضبة "عكراش".



وبعد إنهاء المرحوم تمرينه سُجل بجدول هيئتنا بتاريخ 25/07/1961 وكان المرحوم النقيب المعطي بوعبيد- الذي لا يقبل مناداته إلا بلقب" النقيب" رغم الألقاب الكثيرة والكبيرة التي يحملها على صدره كنياشين- هو المغربي الوحيد الذي كان ضمن أعضاء مجلس الهيئة الذي اتخذ مقرر التسجيل في الجدول.



قضى فقيدنا فترة تمرينه بمكتب الأستاذ "روجي فوشرو" وظل مساعدا في مكتب هذا الأخير إلى ان أصبح شريكا له، واستمرت الشركة إلى ان قضى الأستاذ "روجي فوشرو" نحبه، وظل النقيب محمد الودغيري بالمكتب، وأسندت له ملفات زميله واستطاع أن يحافظ على سمعة المكتب وعلى إيقاعه مواظبا على الحضور به إلى الأيام الأخيرة من أيام عمره، واستحق بذلك ان يكون مناضلا مهنيا فريدا متميزا.



تشرف فقيدنا بان ترأس هيئتنا العتيدة ، إذ كان نقيبا لثلاث فترات (1973-1975 )(1975-1977)(1989-1991) وأدار دواليب الهيئة بكل اقتدار وجدارة، وبمنتهى الحكمة والتبصر وبعد نظر، وساهم في وضع اللبنات الأساسية للهيئة، واستطاع ان يقود الهيئة بدون انتكاسات،وكان رحمه الله يؤمن بمبدأ أساسي طالما كان يردده ولسان حاله يقول:﴿من قاد الهيئة بدون اهتزازات يكون قد نجح في مهمته ،لان المحافظة على المكتسبات نجاح في حد ذاته، حتى ولو لم يكن هناك مكسب جديد مضاف﴾.



ومن بين المكتسبات التي أنجزها المرحوم انه شيد نادي المحامين ببوسكورة، واقترن اسمه بهذه المعلمة التي يحق لهيئتنا ان تفخر بها وتزهو رغم ما يقال من انتقادات بشأنها ، وكما هو معلوم، فان لكل جميل أعداء، أو على الأصح خصوم ومعارضون ومناوئون وكما قال المتنبي:



ورضى البعض للبعض سخط «» ورضى الكل مطلب لا ينال

فتلك سنة الحياة، إلا ان الحظ لم يحالف نقيبنا لتدشينه إذ انتهت ولايته وخلفه النقيب إبراهيم السملالي الذي تشرف بافتتاحه.

وكان المغفور له مهتما بالأعمال الاجتماعية للمحامين، إذ في فترته شُيّد المركب السكني بحي القدس لفائدة عدد من المحامين، كما وأنه صاحب الفضل في ربط علاقات مع الجهات المهتمة بالاصطياف، بحيث استفاد أبناء المحامين من عدة مراكز اصطيافية.

كان رحمة الله عليه ذا قلب واسع وصدر رحب يحسن الحوار و يجيد لغة الإقناع ، تواضعه وتعامله مع الزملاء وتمسكه، إلى ابعد حد، بالأعراف والتقاليد، والذود عن حرمة الهيئة، خصوصا إذا نالت منها جهة ما، كبعض المحطات الإعلامية ، كل ذلك وغيره من السجايا النبيلة والخصال الحميدة، والأخلاق العالية جعلته محبوبا لدى كل فئات المحامين ويحظى باحترام الجميع.



وإذا كان الشيء بالشيء يذكر فإنني أتذكر – وأنا في منصب النقيب للولاية الأولى- ان أسست "لجنة الحكماء" وكان فقيدنا ضمن هذه اللجنة يستجيب لدعوة الداعي ولنداء المؤسسة ،وكنت التجئ إليه كلما حدثت صعوبة في الهيئة يتطلب تذليلها تدخل جهة رسمية عليا، إذ كان يرافقني إلى هذه الجهة ونعود بالحل الأمثل.



وفضلا عن كونه نقيبا لأكبر هيئة لثلاث فترات، فانه كان أيضا رئيسا لجمعية هيئات المحامين بالمغرب خلال فترتين اثنتين أيضا الأولى (1980-1983) والثانية (1991-1993 لم يستكملها).



طبقت شهرة الفقيد الآفاق وتجاوزت حدود المملكة، فبفضل أخلاقه العالية، وتكوينه المتين، وإنسانيته، ومعاملته، ومصداقيته، كل ذلك جعله يقود الهيئة عاليا، ويعطيها إشعاعا، ويرفعها إلى أعلى المراتب ،فكان مندوبا للمغرب في الاتحاد الدولي للمحامين وكاتبا لنفس الاتحاد.



ويعود له الفضل، رفقة بعض النقباء المغاربة، وبصعوبة كبيرة، في فرض اللغة العربية ضمن لغات الاتحاد الدولي للمحامين، وهو لعمري انجاز كبير، ويعد من بين مؤسسي الاتحاد الإفريقي للمحامين ورئيسا له بالنيابة، وعلاوة على ذلك، وعلى الصعيد العربي، كان أمينا مساعدا لاتحاد المحامين العرب ( يجدر الذكر ان الأمين العام الحالي للاتحاد كان من الأوائل الذي قدموا فريضة التعزية إلى السيد النقيب).



ان مؤهلات الفقيد، التي يصعب حصرها، هي التي خولته ان يتحمل ، باستحقاق، المسؤولية الرسمية على الرغم من انه لا يحمل أي لون سياسي .



وهكذا عين في الغرفة الدستورية منذ 1979 إلى 1992، كما حمل حقيبتي وزارة الشغل والشؤون الاجتماعية، ووزارة الصناعة التقليدية، ولكونه يحسن الحوار ويحظى بالاحترام، عين أمينا عاما للمجلس الاستشاري لمتابعة الحوار الاجتماعي.



وإذا غاب عنا حكيمنا جسديا ،فان أفعاله لازالت حاضرة ،كما أن حضوره معنا يتجسد في ان دوحته تلقي بظلالها على الهيئة من خلال خَلَفَيْه الأستاذين سومية ومحمد ياسر، فالزميلة الأولى تمارس المهنة بهيئة المحامين بمراكش التي انتقلت إليها من هيئتنا ، بينما الثاني يمارس بهيئتنا وهو الذي يتولى الآن تسيير المكتب، وهكذا يكون الفقيد قد ترك خلفا صالحا وهذا من النعم الكبرى.



وفي الأخير استأذن السيد النقيب بان أنوب عنه وأقول لعميدنا بان محامي هيئة الدار البيضاء بمختلف مشاربهم وأعمارهم يفتقدونك، ويودعونك بعيون دامعة وقلوب خاشعة وجوارح مكلومة ونفوس يعتصرها الحزن والأسى، وأنك ستبقى رمزا من رموز هيئتنا وقائدا كبيرا ، فأنت المدرسة العليا للأعراف والتقاليد.



فقيدنا الأرضى بكل أسماء الله الحسنى ندعو لك بالمغفرة والغفران ونتضرع إلى خالق هذا الكون أن يُبوئك مقعدا بين النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، والله يستجيب دعوة الداعي .










via MarocDroit موقع العلوم القانونية http://ift.tt/1mTTipx