المجلس الوطني لحقوق الإنسان: خلاصات وتوصيات تقرير "الأجانب وحقوق الإنسان بالمغرب: من أجل سياسة جديدة قي مجال اللجوء والهجرة
http://www.marocdroit.com/photo/art/default/5845774-8716252.jpg أعد المجلس الوطني لحقوق الإنسان تقريرا حول وضعية المهاجرين واللاجئين بالمغرب يحمل عنوان "الأجانب وحقوق الإنسان بالمغرب: من أجل سياسة جديدة قي مجال اللجوء والهجرة". يذكر أنه من المزمع فحص التقرير الأولي للمغرب بشأن إعمال الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين و أفراد أسرهم من طرف اللجنة المعنية بحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم وذلك يومي 10 و11 شتنبر 2013 بمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بجنيف. ![]() في وثيقة مشتركة تم نشرها في يوليوز 2013، رسم المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان ومكتب المنظمة الدولية للهجرات بالمغرب صورة[1]، لازالت تحتفظ براهينتها، حول واقع الهجرة، التي أضحت تشكل اليوم، في جميع دول العالم تقريبا، موضوع انشغال ونقاش مستمرين، بل ومصدرا لكثير من الجدل، يساءل السلطات العمومية والمجتمع المدني والباحثين والآليات الدولية لحقوق الإنسان، خاصة أن عدد المهاجرين عبر العالم وصل، إلى حدود 2012، إلى 240 مليون مهاجر ومهاجرة (بالإضافة إلى 740 مليون مهاجر ومهاجرة داخليا)، ورغم أن تقريرا لبرنامج الأمم المتحدة للتنمية (PNUD) صدر سنة 2009 قد سلط الضوء على الدور المحوري الذي يلعبه التنقل البشري في التنمية البشرية، فإن المقاربات السجالية لا زالت قائمة بل وتتقوى. يتوزع المهاجرون بشكل غير متساو: 97 مليون مهاجر منهم من الجنوب إلى الشمال و74 مليون جنوب-جنوب و37 مليون شمال-شمال و40 مليون شمال-جنوب، و"الباقي يتكون من مهاجرين يتدفقون من دول شرقية إلى دول غربية وآخرون، لكن نادرا، من الغرب إلى الشرق" (الخبيرة الدولية في مجال الهجرة كاترين دي ويندن (De Wenden) 2013). أول ما تشير إليه هذه المعطيات هو عولمة تدفقات الهجرة، التي تعتمل منذ عقدين أو ثلاثة، الشيء الذي ترتب عنه أن عددا متزايدا من البلدان أصبحت تعد اليوم، بغض النظر عن مستوى تنميتها، دول هجرة ودول استقبال وعبور. كما تعبر هذه المعطيات عن ظهور أنظمة هجرة إقليمية وشبه إقليمية معقدة وشبكات عبر وطنية للمهاجرين وشبكات متطورة متخصصة في الاتجار في الأشخاص. يشكل ارتفاع هجرة النساء وتمديد الطرق التي يسلكها المهاجرون وتنوع المسارات الشخصية للمهاجرين واللاجئين وارتفاع مستواهم الاجتماعي والثقافي سمات بارزة أخرى لموجة الهجرة الثانية التي نشهدها اليوم والتي بدأت بوادرها في ثمانينات القرن الماضي. لكن، إذا كانت التنقلات البشرية تشكل في نهاية المطاف عامل إغناء لمجتمعات الهجرة والاستقبال ومحفزا للاقتصاد ومصدرا لتنميتها الثقافية، فإنها تبقى مع ذلك مصدر انشغال وقلق وأداة يتم توظيفهما بشكل متزايد، خلال الاستحقاقات الانتخابية، مما يؤدي إلى بروز إطارات قانونية صارمة، على نحو متزايد، لمراقبة الدخول إلى التراب الوطني وإقامة الأشخاص المستقرين بصفة قانونية. على الصعيد الدولي، ومنذ إطلاق الأمم المتحدة للحوار الرفيع المستوى بشأن الهجرة، تثار إشكالية اعتماد حكامة دولية متجددة للتنقلات البشرية بشكل منتظم. من هذا المنطلق، تشكل المقاربة القائمة على حقوق الإنسان، سواء على المستوى الوطني أو الدولي، البعد الأساسي والوحيد الذي من شأنه أن يضمن حقوق المهاجرين الأساسية، بغض النظر عن وضعهم الإداري، وبعدا ضروريا لبلورة سياسات في مجال هجرة طويلة المدى تضمن الحقوق وتتيح إمكانية التعايش الديمقراطي والتبادل المثمر بين الثقافات والحضارات. تجدر الإشارة إلى أنه لا يمكننا فهم التغيرات التي يشهدها المغرب في مجال الهجرة واللجوء، إلا من خلال اعتبار تاريخ المملكة على امتداده من جهة والتحولات المسجلة على مدى العقود الأخيرة على المستوى الدولي في المجال من جهة ثانية. ذلك أن المغرب يعد أرض هجرة بامتياز منذ موجة الهجرة الأولى التي انطلقت مع الحرب العالمية الأولى، و أرض استقبال وتوافد، رغم أن الوعي الجماعي لم يستوعب بعد هذا المعطى التاريخي. لا يمكن للمغرب، كبلد ينتمي إلى القارة الإفريقية، التي تواجه تحديات التنمية وتعيش بانتظام على وقع أزمات سياسية ونزاعات مسلحة، أن يظل بعيدا عن عواقب هذا الوضع المضطرب والمرشح للاستمرار. كما أن المغرب يعاني بما لا يدع مجالا للشك من آثار السياسة الصارمة التي تعتمدها أوروبا لمراقبة حدودها الخارجية. لجميع هذه الأسباب، أصبح المغرب بدوره أرضا للجوء والاستقرار الدائم للمهاجرين، فقد بات يستضيف عددا من المهاجرين النظاميين الذي يقصدون المغرب للعمل وعددا كبيرا نسبيا من الطلبة الأجانب ومهاجرين في وضعية غير نظامية، يبقون في المغرب لسنوات عديدة أحيانا من أجل العبور، بالإضافة إلى طالبي اللجوء واللاجئين. علاوة على هذه التدفقات هناك مجموعات مستقرة منذ وقت طويل (مثل الجزائريين والسوريين ومهاجرين من جنسيات أوروبية مختلفة) بالإضافة إلى تسارع وثيرة التنقلات البشرية كما تشير إلى ذلك، على سبيل المثال، تنقلات النخب المهنية من ذوي المهارات العالية بين أوروبا والمغرب أو الإقامة المطولة للمتقاعدين الأوروبيين، خاصة الفرنسيون منهم. إن كون المغرب أضحى ملتقى لديناميات متنوعة للهجرة، يجعل من المملكة، بشكل تدريجي لكن لا رجعة فيه، بلدا متعدد الأجناس. فاستمرار هجرة المغربيات والمغاربة، بشكل نظامي أو غير نظامي، وبروز تواجد مهاجرين من دول بعيدة (الصين والفليبين و النيبال، كما كشفت عن ذلك بعض التوقيفات التي طالت البعض منهم) يشهد بدون شك على دخول المغرب في خانة الدول المعنية بعولمة التنقلات البشرية. بيد أن هذا الواقع المعقد، الذي يشكل في نفس الوقت تحديا بالنسبة للمغرب وعامل غنى، يختفي وراء الصورة النمطية المختزلة، والمتداولة إعلاميا بشكل واسع، لذلك المهاجر المنحدر من إفريقيا جنوب الصحراء الهائم على وجهه في الطرقات ولا يعيش إلا على إحسان الآخرين أو مجموعات المهاجرين الذي يحاولون بانتظام اختراق سياج سبتة ومليلية. وفي مواجهة هذه الوضعية التاريخية غير المسبوقة، تتدخل السلطات العمومية حسب الحالات، من خلال خطوات متتالية، دون أن تتخذ مبادراتها ، صبغة تصور شامل ومتكيف مع الواقع الجديد. صدر سنة 2003 قانون بشأن "دخول وإقامة الأجانب والهجرة غير المشروعة"، كما تم في سنة 2007 توقيع اتفاق لاحتضان مقر المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالمغرب يمنح المفوضية تفويض البت في طلبات اللجوء. بموازاة مع ذلك، وبدعم من الاتحاد الأوروبي، تم وضع سياسة لمراقبة محاولات العبور بشكل غير قانوني للحدود، مكنت من تحقيق نتائج مهمة كما تبين ذلك الأرقام المرتبطة بإجهاض مثل هذه العمليات والتصريحات التي تعبر عن ارتياح دول أوروبية مختلفة. رافق تشديد مراقبة الحدود حملات منتظمة لمراقبة الهوية وإيقاف المهاجرين في مختلف المراكز الحضرية أو في الغابات المحيطة بسبتة ومليلية، تلتها عمليات ترحيل صوب الحدود الجزائرية أو الموريتانية. لقد خلفت هذه الحملات العديد من حالات انتهاك حقوق المهاجرين في وضعية غير نظامية (توقيف اللاجئين، العنف وسوء المعاملة، الترحيل دون حكم قضائي...)، ينضاف إليها العنف الممارس على هذه الفئة من قبل المنحرفين والمتاجرين في البشر فضلا عن أشكال العنف التي يعاني منها المهاجرون طوال رحلة الهجرة والتي تطالهم أحيانا حتى قبل دخولهم التراب الوطني. وتعلل السلطات هذا الأمر بحقها في ممارسة اختصاصاتها في ما يتصل بإيقاع العقوبة جراء كل دخول إلى البلد أو الإقامة به بشكل غير قانوني، وبمحاربة الاتجار في الأشخاص ومكافحة محاولات عبور الحدود الدولية للبلاد بشكل غير قانوني خاصة بسبتة ومليلية. كما تبرر ذلك بضرورة مواجهة العنف الصادر عن المجموعات التي تنظم تلك المحاولات. إن المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ودون المجادلة في مبدأ حق السلطات المغربية في مراقبة دخول الأجانب للبلد والإقامة به وواجبها المتعلق بمكافحة الاتجار في الأشخاص، يعتبر أن السلطات العمومية لا يمكنها في إطار اضطلاعها بهذه المهام عدم مراعاة المقتضيات الدستورية في مجال حقوق الإنسان وحقوق الأجانب وكذا الالتزامات الدولية للمغرب التي تكرسها مصادقته على مجموع الصكوك الدولية الخاصة بحماية حقوق الإنسان لاسيما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية واتفاقية مناهضة التعذيب واتفاقية حقوق الطفل واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة والاتفاقية الدولية لحماية العمال المهاجرين وأفراد أسرهم والاتفاقية المتعلقة باللاجئين. وقد كان آخر هذه المبادرات، توقيع المغرب والاتحاد الأوروبي وست دول أعضاء في يونيو 2013 لإعلان مشترك يضع أسس الشراكة من أجل الحركية. انطلاقا من هذه العناصر، يدعو المجلس الوطني لحقوق الإنسان السلطات العمومية ومجموع الفاعلين الاجتماعيين والبلدان الشريكة للمغرب إلى أخذ الواقع والمستجدات التي يشهدها العالم بعين الاعتبار والعمل بشكل مشترك من أجل بلورة وتنفيذ سياسة عمومية فعلية في مجال الهجرة، ضامنة لحماية الحقوق ومرتكزة على التعاون الدولي وقائمة على إدماج المجتمع المدني. فمن خلال رفع هذا التحدي، يمكن للمغرب أن يشكل نموذجا يحتذى به من لدن العديد من بلدان الجنوب التي تواجه إشكاليات مماثلة. يعتبر المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن هذه السياسة يجب أن تنتظم على الأقل حول المكونات الأربع التالية:
يشيد المجلس الوطني لحقوق الإنسان بما أعربت عنه بعض الجهات المانحة الدولية من استعداد للمشاركة ماليا في الجهود اللازمة لإدماج اللاجئين بعد حصولهم على بطاقة الإقامة ويدعو المجلس كلا من الحكومة ومكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالمغرب والمجتمع المدني المغربي إلى بدء المشاورات من الآن من أجل بلورة سياسة لإدماج اللاجئين وتنفيذها. كما يعرب عن استعداده للمساهمة في هذا العمل.
يهيب المجلس بالمنظمات الدولية التابعة لمنظومة الأمم المتحدة والبلدان الشريكة للمغرب خاصة الأوروبية والاتحاد الأوروبي للعمل بشكل فعال على إنجاح هذه العملية من خلال تعبئة الموارد البشرية والمالية الضرورية من أجل إرساء سياسة فعلية لإدماج المهاجرين المستوفين لشروط تسوية الوضعية. واعتبارا للإكراهات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها بلد مثل المغرب، فإن الانخراط القوي والطموح للتعاون الدولي أمر لا محيد عنه في هذا الصدد. ويرى المجلس أن هذا البعد يجب أن يمثل إحدى أوليات الشراكة من أجل حركية الأشخاص التي تم إبرامها مؤخرا. واعتبارا لكون المغرب، على غرار باقي دول العالم، سيستمر في استقبال مجموعات المهاجرين في وضعية غير نظامية ودون مصادرة حق السلطات في مراقبة دخول الأجانب للبلد وإقامتهم به، فإن المجلس يذكر بقوة أن هؤلاء الأجانب مشمولون بمجموع الضمانات الدستورية المناهضة للتمييز وسوء المعاملة والمحاكمات غير العادلة...إلخ وكذا بالحقوق المخولة لهم المنصوص عليها في القانون الدولي خاصة الاتفاقية الدولية لحماية العمال المهاجرين وأفراد أسرهم والملاحظة العامة رقم 2 للجنة المعنية بإعمال الاتفاقية التي تم اعتمادها مؤخرا. في هذا الإطار، يدعو المجلس الوطني لحقوق الإنسان الحكومة المغربية إلى اتخاذ التدابير التالية:
. وإذ يحيي المجلس الوطني لحقوق الإنسان جهود المجتمع المدني العامل في مجال الدفاع عن حقوق المهاجرين والمهاجرات وطالبي اللجوء، فإنه يعتبر أن إشراكه بشكل فعال والتشاور معه أمر ضروري لمواجهة التحولات التاريخية المذكورة أعلاه. كما يدعو إلى إنشاء أرضية دائمة للتشاور بين السلطات العمومية والمجتمع المدني على المستوى الوطني والدولي بما يسمح بتبادل المعلومات وتعبئة المساعدة الإنسانية والخبرة القانونية الضروريتين ونشر الممارسات الفضلى والمساعدة على العودة الطوعية ... ويبقى إدماج جمعيات المهاجرين والمهاجرات في هذه العملية أمرا أساسيا بالإضافة إلى التسوية القانونية لوضعية بعض الجمعيات العاملة في مجال مساعدة المهاجرين مثل مجموعة مناهضة العنصرية والدفاع ومواكبة الأجانب والمهاجرين (GADEM).
في السياق ذاته، يقترح المجلس أن يشمل تعريف الاستغلال، بموجب أحكام هذا الباب، على الأقل، استغلال الغير في الدعارة أو في أشكال أخرى للاستغلال الجنسي، أو الأعمال وخدمات السخرة أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق، أو الاستعباد أو نزع الأعضاء . يوصي المجلس الوطني لحقوق الإنسان بتضمين القانون الجنائي مقتضيات تحمي المهاجرين القاصرين على وجه الخصوص، واعتبار ارتكاب جريمة الاتجار بهم أمرا موجبا لإعمال ظروف التشديد. من أجل ضمان الحماية الفعلية لضحايا الاتجار في الأشخاص المفترضين، يقترح المجلس تعديل المادة 82-7 من قانون المسطرة الجنائية بما يضمن حماية الضحايا والشهود والخبراء والمبلغين في ما يخص الجرائم المرتبطة بالاتجار في الأشخاص . وفي الأخير، ومن أجل تسهيل تنفيذ التوصيات المذكورة أعلاه، يقترح المجلس على الحكومة أن تسترشد بمقتضيات القانون النموذجي لمكافحة الاتجار بالأشخاص الذي أعده مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة سنة 2009 . لمواكبة الإصلاحات التشريعية المقترحة، يوصي المجلس الحكومة بما يلي :
.
بالنسبة للبرلمان: اعتبارا للمكانة المؤسساتية البارزة التي أضفاها الدستور الجديد على المؤسسة البرلمانية من خلال اعتبارها المصدر الوحيد للمصادقة على القوانين ، يدعو المجلس البرلمان إلى ما يلي :
يدعو المجلس الوطني لحقوق الإنسان وسائل الإعلام والصحافيين المغاربة إلى ما يلي:
بالنسبة للمقاولات: يدعو المجلس الوطني لحقوق الإنسان، المقاولات إلى:
يشكل اصطفاف النقابات في جميع بقاع المعمور إلى جانب قضايا المهاجرين قيمة مضافة ليس فقط للدفاع عن حقوقهم، ولكن أيضا كبنيات لتيسير ادماجهم في العمل المدني الديمقراطي. وفي هذا الصدد يشكل بروز مجموعة نقابية للعمال المهاجرين داخل المنظمة الديمقراطية للشغل، مبادرة ممتازة . وفي هذا السياق، يدعو المجلس الوطني لحقوق الإنسان، المنظمات النقابية إلى:
الهوامش [1] أرضيىة الندوة الإقليمية حول "حكامة الهجرة وحقوق الإنسان" المنظمة بتاريخ 5 يوليوز 2013 بالرباط من لدن المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان والمجلس الوطني لحقوق الإنسان ومكتب المنظمة الدولية للهجرة بالمغرب. المصدرhttp://www.marocdroit.com/المجلس-الوطني-لحقوق-الإنسان-خلاصات-وتوصيات-تقرير-الأجانب-وحقوق_a3924.html | |||
| |||
| |||
|
0التعليقات :