http://ifttt.com/images/no_image_card.png يونس أبلاغ طالب باحث ماستر التدبير الإداري المحلي
مقدمة إذا كان القرن العشرين، هو قرن المقاولات و المنشآت. فإن القرن الحادي و العشرون، هو قرن التراب و الجماعات. حتى أصبح دور اللاّمركزية في عصرنا الحاضر، يتزايد يوما بعد آخر، في البناء الديمقراطي العام للدولة. فتشعب مهام الدولة، وتزايد مسؤولياتها، أدى بها إلى ترك جزءمن الوظيفة الإدارية، والاجتماعية، والاقتصادية ،إلى وحدات ترابية. تعتمد التمثيلية عبر آلية الإنتخاب. والمغرب كغيره من البلدان بعد أن أخذ بنظام اللاّمركزية، راكم تجربة على هذا المستوى وخصوصا على المستوى الإداري، سمحت له مع مرور الوقت إلى تعميق الاستقلال الإداري والمالي للجماعات الترابية، بالشكل الذي يمكنها من الموارد اللازمة لجعل القرار الترابي أمرا ممكنا. إن توفر الموارد المالية، وخاصة ذات المصدر الجبائي هي التي تعطي السلطة الفعلية للهيئات المحلية المنتخبة في القيام بدورها في مجال خدمة المواطن.فيكون بذلك النظام الجبائي الترابي أهم عناصر الاستقلال المالي للجماعات الترابية باعتباره يتضمن مختلف الضرائب و الرسوم المستحقة للجماعات الترابية و هيئاتها . ويمكن اعتبار الاستقلال المالي للجماعات الترابية الركن الأساسي للإدارة المحلية والمدخل الأساسي للحديث عن القرار الجبائي الترابي،الذي يمكن تعريفه بذلك القرار الذي يتم من خلاله الموافقة على نسب وأسعار الضرائب والرسوم ،داخل المجلس التداولي للجماعات الترابيةمقابل الخضوع لسلطة الوصاية . وقد عرف المغرب عددا من القوانين الضريبية المحلية،أولها ظهير 23 مارس1962[1]، والذي ينظم الرسوم والواجبات المحلية ،ثم جاء ظهير 21 نونبر 1989[2]،الذي حدد بموجبه مجموع الضرائب والرسوم المستحقة للجماعات المحلية وهيئاتها. حيث عمل المشرع من خلاله على خلق رسوم ذات أوعية متطورة تهدف إلى دعم مالية الجماعات المحلية وكذلك تجميع الرسوم والضرائب بشكل عام.ونظرا للقصور الذي شاب القانون رقم 30-89 على المستوى العملي،تم إصدار القانون رقم 06- 47[3] الذي دخل حيز التنفيذ منذ فاتح يناير 2008.الذي حاول من خلاله المشرع تعزيز الاختصاص الجبائي للجماعات الترابية و لاسيما على مستوى اتخاذ القرار المتعلق بسلطة اقتراح أسعار الضرائب والرسوم المحلية.. وتظهر أهمية الموضوع في كون أن عملية صناعة القرار الجبائي الترابي أصبحت أكثر إلحاحا لدعم الاستقلال المالي للجماعات الترابية،لاسيما وأن هذه الاخيرة أصبحت لها مسؤوليات اقتصادية و اجتماعية واسعة. ذلك أن الجبايات المحلية تعد موردا أساسيا يعول عليه بشكل كبير في تحقيق التنمية الترابية،مما يعني أن منح اختصاص جبائي للجماعات الترابية يعد أحد المرتكزات الأساسية لتحقيق مطلب الاستقلال المالي،الأمر الذي يمكننا من الحديث عن قرار ترابي بشكل عام. على هذا الأساس، فإن الإشكالية التي يمكن طرحها في هذا الإطار هي كالتالي :
*أسس و تجليات صناعة القرار الجبائي الترابي *محدودية صناعة القرار الجبائي الترابي ومستجدات دستور 2011 المبحث الأول : أسس و تجليات صناعة القرار الجبائي الترابي إن الحديث عن صناعة القرار الجبائي الترابي كأحد تجليات الاستقلال المالي للجماعات الترابية،يعكس إلى حد كبير مدى توفر الجماعات الترابية على الاختصاصات المالية بشكل عام و الاختصاصات الجبائية التي تمكنها من وضع سياسة جبائية ترابية تستجيب لمقوماتها الاقتصادية و الاجتماعية. مما يعني أن التحكم في صناعة قرار جبائي ترابي يستلزم سندا قانونيا قويا يؤسس لمنظومة جبائية ترابية حقيقية(المطلب الأول)،هذا السند يتجسد من خلال تجليات الاختصاص الجبائي للجماعات الترابية (المطلب الثاني). المطلب الأول : الأسس القانونية لصناعة القرار الجبائي الترابي أصبح الإطار القانوني للجبايات الترابية يستمد مقوماته من الأسس العامة التي تنظم تدخل الجماعات الترابية ولاسيما من خلال الميثاق الجماعي[4] – كمثال- والنص القانوني المنظم للمالية المحلية، وأسس خاصة هي مشتركة مع ضرائب الدولة ولاسيما من خلال المدونة العامة للضرائب. وهكذا فبعد ثمانية عشر سنة من التجربة الجبائية التي أقرها قانون 89-30، تم إصدار القانون رقم 06- 47 الذي دخل حيز التنفيذ منذ فاتح يناير2008[5]، والذي حاول تعزيز السلطات المخولة للجماعات الترابية في المجال المالي وتحديثها. فهذا القانون، مما لاشك فيه، يشكل دفعة قوية من أجل لتنمية الموارد الذاتية للجماعات الترابية ويعزز قدراته واستقلالها المالي حتى يتسنى للمجالس المنتخبة أن تترجم مخططاتها التنموية على أرض الواقع.[6] فالأسس القانونية التي تؤطر القرار الجبائي الترابي يمكن أن تشمل الإطار العام الذي يحدد نطاق تطبيق القرار الجبائي الترابي والمرتكزات الخاصة التي يجب أن تؤطر القرار الجبائي الترابي. الفقرة الأولى : الإطار القانوني العام للقرار الجبائي الترابي غالبا ما يثار النقاش حول أهلية الجماعات الترابية فيما يخص التدبير المالي وتدبير الجبايات الترابية،إذ تعتمد في ذلك على أسس قانونية تنظم إطار تدخل الجماعات الترابية، والذي يختلف من مستوى لآخر. فمجال تدخل الجماعات الحضرية والقروية يبقى الأكثر بروزا وغنى من حيث عدد وأهمية الجبايات الترابية. بالاستناد إلى المادة 2 من القانون رقم 06- 47 يبلغ مجموع الرسوم المستحقة لفائدة الجماعات الحضرية والقروية 11 رسما، والتي تبدو أكثر أهمية مقارنة بالرسوم المستحقة للأقاليم و العمالات (ثلاث رسوم كما تحددها المادة 3) و الرسوم المستحقة للجهات (ثلاث رسوم بحسب المادة 4 من نفس القانون). وباعتبار الدستور نص قانوني سامي يهتم فيما يخص مسار اللامركزية بتوزيع الاختصاص بين الدولة والجماعات الترابية كأشخاص عامة فهو لا يتطرق إلى حيثيات تدبير القرارات الجبائية الترابية لكنه يحيل إلى سلطة خاصة لتنظيم الشؤون الترابية عبر تخويلها السلطة التنظيمية والتي يعتبر القرار الجبائي إحدى مظاهرها، ناهيك عن الإشارة للموارد التي يجب أن توازي تحويل الاختصاصات التي يجب أن تكون مصحوبة بالموارد الذاتية الضرورية لتحقيق ذلك. و تشكل القوانين المنظمة للجماعات الترابية[7] مجالا أوضح لتبين الاختصاصات المخولة للجماعات الترابية في مادة الجبايات الترابية، حيث تعطي للآمرين بالصرف للجماعات الترابية سلطة إعداد القرارات المالية وإحاطة اقتراحاتهم بنوع من العناية والتبصر، قبل عرضها على المجالس بغية التداول بشأنها والمصادقة عليها فصلا بفصل وحتى يمكن ضمان مشاركة فعلية للمجالس في إعداد هذه الاقتراحات وبالتالي حتى تكون مسؤوليتهم كاملة فيما يخص بناء هيكل متكامل لموارد جماعاتهم المحلية. و يتم التأسيس للاختصاص الجبائي للجماعات الترابية بناءا على مختلف النصوص القانونية التي تنظم هذه الأخيرة،إذ أن المادة 37 من القانون رقم 08-17 المتعلق بالميثاق الجماعي تجعل الاختصاص الجبائي من الاختصاصات الذاتية للمجلس،فهو يحدد في نطاق القوانين و الأنظمة المعمول بها،سعر الرسوم و تعرفة الوجيبات و مختلف الحقوق التي تقبض لفائدة الجماعة. أما على مستوى العمالات و الأقاليم فالمادة 36 من القانون رقم 00-79 تجعل الاختصاص الجبائي للمجلس ضمن الاختصاصات الذاتية،فهو يحدد في نطاق القوانين و الأنظمة المعمول بها،سعر الرسوم و تعرفة الوجيبات و مختلف الحقوق التي تقبض لفائدة العمالة أو الإقليم. أما على مستوى الجهات فالمادة 7 من القانون رقم 96-47 المتعلق بالجهات، تنص على أن المجلس يمارس داخل الدائرة الترابية للجهة ووفقا للقوانين و الأنظمة الجاري بها العمل الاختصاصات الخاصة به تحديد كيفية وضع أساس الرسوم و الأتاوى و مختلف الحقوق المحصلة لفائدة الجهة و تحديد تعرفاتها و قواعد تحصيله،و ذلك وفقا للقوانين و الأنظمة الجاري بها العمل. على هذا الأساس يمارس الآمرون بالصرف للجماعات الترابية الاختصاص الجبائي في إطار القوانين والأنظمة الجاري بها العمل. الفقرة الثانية : الإطار القانوني الخاص للقرار الجبائي الترابي إن ممارسة الصلاحيات الجبائية ضمن مجال تدخل الجماعات الترابية يخضع للمقتضيات القانونية التي تطبق أيضا على ضرائب الدولة وأجهزتها. فالجماعات الترابية باعتبارها وحدات ترابية داخلة في حكم القانون العام تتمتع بالشخصية المعنوية وبالاستقلال المالي ولها إطار تمثيلي ممثل في المجالس المنتخبة التي لها أهلية التداول في مختلف الشؤون المحلية بما فيها الشؤون المالية، وجهاز تنفيذي محلي له أحقية ممارسة وتنفيذ هذه المقتضيات، ويجب أن يكون تدخلها مشروطا بمراعاة القوانين الجاري بها العمل كما هو الشأن بالنسبة لمالية الدولة. لكن ما يثور في ممارستها لهذه الاختصاصات على المستوى الترابي خضوعها التام لمقتضيات لم تضعها بنفسها، وهو ما يدل على كون هذا الاختصاص هو تابع وليس أصلي، هذا الأمر تؤكده كذلك النصوص الصادرة قبل دستور 2011[8]. فقد نصت المادة الأولى من القانون رقم 06-47 المتعلق بجبايات الجماعات المحلية أنه "يرخص للجماعات المحلية باستيفاء الرسوم المنصوص عليها في هذا القانون". فهي تخضع لما يحدده المشرع ولو تعلق الأمر بمجال يعتبر مجال صرف يخضع للسلطات المحلية المنتخبة. فإذا ما حاولنا التركيز على القرار الجبائي الترابي نجده ذو صبغة موحدة بين مختلف الجماعات الترابية فهو لابد من أن الإطار القانوني المؤطر للمادة الجبائية والذي يعطي سلطة كبرى لأجهزة الدولة في المجال الجبائي سواء في جانب شكلياته ومحدداته، فهو محدد بدقة ولا يمكن للجماعات الترابية أن تحيد عن مقتضياته خاصة فيما يخص الحد الأدنى لمختلف الرسوم وكذا مجال الأداء والإبراء. هذا، ناهيك عن ضرورة أن تخضع هذه القرارات الجبائية الترابية للمصادقة عليها من طرف وزارتي الداخلية وكذا تأشيرة وزارة الاقتصاد والمالية. كما أن دخول المدونة العامة للضرائب حيز التطبيق ابتداء سنة 2007 وفق آخر الإصلاحالذي جمع المقتضيات الجبائية في مدونة واحدة منذ ذلك الحين.يعني أنه ينبغي ان تكون المقتضيات التي تهم مختلف جوانب تدبير الجبايات خاضعة لها. ومن أهم هذه المقتضيات جانب الإعفاءاتوالتخفيضات الذي أوردته المادة 6 من القانون رقم 06-47 المتعلق بجبايات الجماعات المحلية والذي يحيل على المدونة في مجال ذو أهمية بالغة. المطلب الثاني : تجليات صناعة القرار الجبائي الترابي إن الحديث عن مظاهر و تجليات تدخل الجماعات الترابية في صنع القرار الجبائي،ترتبط إلى حد كبير بدرجة الاستقلال المالي للجماعات الترابية المقرونة بالمسؤوليات الاقتصادية و الاجتماعية الملقاة على عاتق هذه الجماعات.فهل يكفي وجود نظام جبائي محلي مستقل عن النظام الجبائي الوطني للحديث عن اختصاص جبائي للجماعات الترابية؟. من المسلم به أن فرض الضريبة و تحديد وعائها،وطرق تحصيلها تعود لاختصاص السلطة التشريعية و ذلك بالنظر إلى الطابع السيادي الذي تحمله الضريبة[9]. إذ أصبح الاختصاص الحصري للمشرع في المجال الضريبي من المبادئ الأساسية للقانون العام و التي تكمن في سلطة فرض الضريبة كأحد تجليات ممارسة السيادة[10]. فهذه القاعدة تعبر عن واقع سياسي افرزه التطور التاريخي للبشرية من خلال عدة صراعات أدت إلى إرساء المؤسسات السياسية الحديثة على قاعدة الموافقة على الضريبة من طرف الشعب عبر ممثليه[11]. ومن ثمة فان السؤال يطرح حول مدى إمكانية الجماعات الترابية في صنع القرار الجبائي، ما هي الفلسفة التي تقوم عليها هذه الفرضية؟ وأين يتجلى تدخل الجماعات الترابية في صنع القرار الجبائي؟ الفقرة الأولى : مظاهر تدخل الجماعات الترابية في صنع القرار الجبائي إن الطابع السيادي الذي تحيل عليه الضريبة، والذي يجعل سلطة فرض هذه الأخيرة مرتبطا بالقانون،أثار نقاشا حول مدى إمكانية منح الجماعات الترابية حرية فرض الضريبة أو تحديد سعرها.لذلك نعتقد انه من الواجب استحضار هذه الآراء حتى نتمكن من تحديد الحد الممكن للاختصاص الجبائي الذي يمكن منحه للجماعات الترابية (أولا)،وأين يتجلى هذا الاختصاص(ثانيا). أولا : تصورات الباحثين لإمكانية منح الجماعات الترابية سلطة جبائية لقد اختلفت أراء الباحثين بين مؤيد و معارض لإسناد الجماعات الترابية سلطة فرض الضريبة ومن تم التأسيس لصناعة قرار جبائي ترابي. و يرى الاتجاه المعارض للفكرة أن الدولة تربطها بالفرد علاقة تعاقدية ضمنية تؤسس لالتزام متبادل بينها وبين الأفراد يلتزمون بمقتضاه بدفع ما تفرضه عليهم مقابل ضمان أمنهم، فأساس فرض الضريبة هو وجود عقد ذو طبيعة مالية يبرر فرض الدولة للضريبة[12]،كما يستند أصحاب هذا الرأي إلى فكرة "التضامن الاجتماعي" التي تقضي وجوب مساهمة كل فرد وبحسب قدرته التكليفية في تحمل الأعباء العامة التي تحددها الدولة بغض النظر عن المقابل المحصل عليه. ولهذا فإن الدولة تقوم بمالها من سيادة وسلطان بإلزام كل فرد بدفع نصيبه فيها بحسب قدرته المالية على الدفع، ويترتب عن ذلك استقلال الدولة بما لها من سيادة بسلطة الضرائب وتحديد أنواعها وكيفية تنظيمها. والملاحظ أن العديد من الدول كيف ما كانت طبيعتها الدستورية موحدة أو مركبة وبدون استثناء يعود للسلطة المركزية وحدها حق فرض الضريبة، أما الجماعات فتكتفي بتطبيق الضريبة مع نسبية ذلك التطبيق بين الحر و النسبي. ففي فرنسا يلاحظ احتكار السلطة المركزية لسلطة الفرض الضريبي[13]، فقد أعطت المادة 34 من دستور الجمهورية الخامسة 1958 للبرلمان سلطة فرض الضريبة وتحديد الوعاء وأسندت للجماعات سلطات تحديد الأسعار، فالتكاليف العمومية ومنها الضرائب للقانون وحده الصلاحية في إنشائها.فالإسناد الدستوري لسلطة الفرض الضريبي للمركز أكبر دليل على غياب سلطة جبائية على الصعيد المحلي[14]. ويرى مساندو هذا الاتجاه أن الإنفراد المركزي بفرض الضريبة يحقق عدة مزايا لأنه يسمح من جهة بتفادي الإزدواج الضريبي على الصعيد الداخلي، الذي تتحقق شروطه داخل دولة واحدة سواء كانت اتحادية أو موحدة وحتى لا تتواجد سلطتين ماليتين مستقلتين لكل منهما حق فرض الضرائب إحداهما تابعة للحكومة والثانية تابعة للحكم المحلي فتلجآن إلى فرض ضريبتين من نوع واحد على نفس الوعاء. ومن جهة أخرى يسمح بتوحيد السياسة الجبائية عند توحيد مصدر فرض الضريبة لما لعملية فرض الضريبة من آثار اقتصادية واجتماعية. بينما يرى مؤيدو هذه الفكرة أن إعطاء الوحدات الترابية سلطة فرض ضرائب في نطاق حدودها الترابية ليس بالأمر الخطير مادامت السلطة المركزية لها من الوسائل ما تستطيع به تجنب التعسف، بحيث أن إعطاء السلطات المحلية المنتخبة حق فرض الضرائب المحلية يكون مراقبا من طرف أجهزة الدولة، كما أن المسؤولين المحليين هم أقرب من المواطنين ولهم علاقة مباشرة بمشاكلهم وحاجياتهم المحلية، الشيء الذي قد يجنب التفكير في التعسف الضريبي. بالإضافة إلى ذلك، فإن المجالس المنتخبة تحاول دائما الحفاظ على علاقات حسنة مع منتخبيها نظرا لأن المسؤولين المحليين يدركون أن ولايتهم الانتخابية محدودة، ومن أجل تجديدها فهم يحاولون دائما تقديم كل ماهو في صالح الجماعة أو الهيئة المحلية[15]. بل هناك من يرى ببساطة أن يتم إقرار الضريبة محليا وبمعرفة المجالس المنتخبة التي هي أدرى بظروف وحدتها الإدارية وما تحتاجه من حاجيات وخدمات، فتخفض من الضريبة أو ترفعها طبقا لرغبات أفراد المجتمع المحلي. غير أن الممارسة الميدانية المعمول بها في أغلب الدول تؤكد أن الدولة تحتكر حق فرض الضرائب،وبذلك يبقى التباين في مدى حرية الجماعات الترابية في تحديد الأسعار المناسبة لضرائبها المحلية.الأمر الذي يعني أن الاختصاص الجبائي للجماعات الترابية محصور ولا يتجاوز حرية تحديد أسعار بعض الرسوم كما سنرى ذلك بعده. وهناك من الدول من تمنح حرية كاملة للجماعات الترابية لتحديد أسعار الضرائب،منها فرنسا التي اعتمدت حرية تحديد الأسعار،مع العلم أن الاختلاف في الأسعار المطبقة من قبل الجماعات الترابية دفع بالمشرع الفرنسي للتدخل للحد نسبيا من هذه الحرية.وفي مقابل بذلك،تعمل دول أخرى على تقييد هذه الحرية من خلال وضع مسطرة و إجراءات خاصة لتحديد الأسعار و النسب[16]. ثانيا : سلطة تحديد نسب و أسعار الرسوم الجبائية الترابية يعد المغرب من الدول التي فرضت قيودا على تحديد أسعار الجبايات الترابية هذه القيود جسدها القانون رقم 89-30 الذي يحدد مجموع الرسوم و الضرائب و الأتاوى المستحقة للجماعات الترابية(1)،وقد حاول المشرع تدعيم الاختصاص الجبائي للجماعات الترابية بالقانون رقم06-47 المتعلق بجبايات الجماعات الترابية الذي بمقتضاه تم تعديل القانون السالف الذكر(2). 1 - سلطة الجماعات الترابية في تحديد أسعار الضرائب و الرسوم بناءا على القانون رقم 89-30: بالإستناد إلى المادة 6 من الفصل الثاني من القانون رقم 89-30،الذي يحدد إجراءات تحديد أسعار و تعريفات الضرائب و الرسوم المحلية،يلاحظ أن المشرع تدخل ووضع أسعار ثابتة لمجموعة من الرسوم و الضرائب،و الأمر يتعلق ب 21 رسما و ضريبة،بمعنى أن الجماعات الترابية ملزمة بتطبيقها كما هي. أما الضرائب و الرسوم التي وضع لها المشرع أسعارا قصوى و التي تضمن تدخل الجماعات الترابية بشكل نسبي في تحديد أسعارها،فهي تبلغ 11 ضريبة،كما نص على ذلك الفصل 6 من القانون رقم30-89،إذ يؤكد على انه"إذا لم ينص هذا القانون على أسعارأو تعريفات ثابتة للضرائب و الرسوم الواردة بيانها فيه حددت بقرارات يصدرها :
2- تعزيز سلطة الجماعات الترابية في تحديد أسعار الضرائب و الرسوم بناءا على القانون رقم 06-47 تجدر الإشارة إلى أن هذا القانون عدل القانون رقم 30-89،إذ عمل المشرع من خلاله على تبسيط الجباية المحلية وتحيين النصوص القانونية المتعلقة بها،ومن أهم المستجدات التي جاء بها إعطاء الحرية للجماعات الترابية بتحديد أسعار مجموعة من الرسوم والضرائب،وهي تجسد تدخل الجماعات الترابية في صنع القرار الجبائي الترابي. الجدول رقم 1 يبين مجموع الرسوم المحددة بأسعار ثابتة[18]
وبالتالي فان هذه المادة هي التي تحدد مجال تدخل الجماعات الترابية في صناعة القرار الجبائي الترابي،غير أن هذا الاختصاص تم تقييده من طرف المشرع في المادة 32 من القانون رقم 08-45 المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات المحلية و مجموعاتها الذي نص على انه"لا تكون القرارات المتعلقة بفرض الرسوم أو تغيير نسبها و المأذون للجماعات المحلية في اتخاذها قابلة للتنفيذ إلا إذا صادقت عليها سلطة الوصاية". وكذلك المادة 69 من القانون رقم 08-17المتعلق بالميثاق الجماعي التي تنص على "إن مقررات المجلس الجماعي الخاصة بالمسائل الآتية لا تكون قابلة للتنفيذ إلا إذا صادقت عليها سلطة الوصاية طبق الشروط المحددة بالمادة 73 بعده:
يجسد القرار الجبائي التي تعده الجماعات الترابية الاختصاص الجبائي المخول لها لتحديد نسب الرسوم المحددة بين سعر ادني و سعر أقصى، وهو المجال المسموح به للجماعات الترابية على المستوى الجبائي. و طبقا لأحكام المادة 168 من القانون رقم 06-47 يتم إعداد قرار جبائي يحدد مختلف الرسوم و الأسعار التي سيتم استخلاصها من طرف الجماعة،وهي الرسوم التي حددناها سابقا. يقوم الآمر بالصرف باقتراح الرسوم و الضرائب المحددة في أسعار دنيا و قصوى بالقانون في إحدى دورات المجلس المقرر ضمن جدول الأعمال. يجب على رؤساء مجالس الجماعات الترابية إحاطة اقتراحاتهم بنوع من العناية و التبصر قبل عرضها على المجالس بغية التداول بشأنها و المصادقة عليها فصلا بفصل و حتى يمكن ضمان مشاركة فعلية للمجالس في إعداد هذه الاقتراحات و بالتالي حتى تكون مسؤوليتهم كاملة في ما يخص بناء هيكل متكامل لموارد جماعاتهم الترابية. ومن أجل ذلك يجب ان تتضمن محاضر اجتماعات متعلقة بالمصادقة على القرارات الجبائية حسب كل فصل المعلومات التالية :
وبالتالي فان الحديث عن صناعة قرار جبائي ترابي لا يستقيم إلا في حدود الأسعار المحددة بين حد أدنى و حد أقصى و هو المجال المحصور الذي تتدخل فيه الجماعات الترابية. وعلى هذا الأساس فان ممارسة هذا الاختصاص بالشكل المطلوب يمكن أن يدعم الاستقلال المالي للجماعات الترابية،ذلك انه لا يمكن تصور سلطة جبائية مستقلة للجماعات الترابية،بدليل انه تتعارض مع سلطة فرض الضريبة المحصورة للسلطة التتشريعية. كما أن التجارب المقارنة(فرنسا) لا تعطي حرية تامة للجماعات الترابية في فرض الضريبة أو الرسم بل حرية في تحديد الأسعار بين حد أدنى و حد أقصى.وبالتالي فالسؤال الذي يمكن طرحه في هذا الشأن هو هل إعداد القرار الجبائي المحلي يستند على معطيات معقولة،و يحقق عدالة جبائية محلية؟. سنحاول ملامسة واقع هذه القرارات من خلال بعض النماذج. الجدول رقم 2 يبين بعض الأسعار المقترحة لبعض الرسوم من طرف المجلس الجماعي لمدينة احفير بجانب الأسعار الأصلية[21]
الأمر الذي يعني أن تحديد السعر في هذه النسبة يمكن فهمه على خصوصية العقار داخل تراب الجماعة التي لا يعرف فيها العقار أي مضاربات و هي الفرضية الأكثر واقعية و التي تفسر مدى مراعاة المنتخب الجماعي للظروف الاقتصادية و الاجتماعية للجماعة. ومن جهة ثانية،يمكن فهم تخفيض سعر الرسم لأسباب سياسية لكن ليس في الحالة الراهنة،ذلك انه في هذه الحالة لا توجد فوارق كبيرة بين السعر المفروض و الحد الأقصى المحدد بالقانون. و نعتقد أن الفرضية الأخيرة لا يمكن استبعادها في تحديد سعر الرسوم و هو الأمر الذي لا يشجع على منح الجماعات الترابية الحرية في تحديد أسعار بعض الرسوم لاسيما إذا استحضرنا المصالح السياسية التي تربط المنتخب الجماعي بالمواطن المحلي. المبحث الثاني : محدودية صناعة القرار الجبائي الترابي ومستجدات دستور 2011 إذ كان المشرع قد وضع منظوم قانونية جبائية تؤسس للاختصاص الجبائي للجماعات الترابية تتماشى مع المسؤوليات الاقتصادية و الاجتماعية الملقاة على عاتق هذه الجماعات عبر مراحل معينة،حيث اكتفت المادة السادسة من القانون رقم 30-89 بتحديد اختصاص المجالس المنتخبة في اقتراح تحديد أسعار بعض الرسوم والضرائب المحددة بالقانون في أسعار قصوى ودنيا. فإن المشرع قام بإصدار القانون رقم 06-47 الذي حاول من خلاله دعم الاختصاص الجبائي من حيث إعطاء حرية المجالس المنتخبة في تحديد سعر بعض الرسوم المحددة بالقانون في سعر أدنى و سعر أقصى طبقا للمادة 168 من نفس القانون. غير أن هذه النصوص تبقى محدودة و لا تعطي اختصاص فعلي للجماعات الترابية في فرض الرسوم،مما يعني ضعف تدخل هذه الجماعات في صناعة قرار جبائي ترابي،بدليل أن جميع مقررات المجالس المنتخبة لا تكون قابلة للتنفيذ إلا إذا صادقت عليها سلطة الوصاية(المطلب الاول)،غير أن التنظيم الترابي في إطار دستور 2011،أصبح يقوم على مبدأ التدبير الحر،و تعزيزه بسلطة تنظيمية لا محالة سينعكس على مستوى الاختصاصات الجبائية لاسيما على مستوى صناعة القرار الجبائي الترابي(المطلب الثاني). المطلب الأول : حدود صناعة القرار الجبائي الترابي إن وجود نظام جبائى ترابي يجسد البعد الحقيقي للاستقلال المالي للجماعات الترابية، مرتبط بمنح هذه الأخيرة الأحقية في فرض الجباية وتحصيلها ثم القدرة على التحكم والتصرف فيها على أرض الواقع، وذلك تماشيا مع أهداف دستور 2011 الذيأقر بمنح سلطة تنظيمية للجماعات الترابية ،باعتبار أن المنظومة الجبائية المحلية السابقة اتسمت بالاحتكار وسلطة المركز في فرض الضريبة . بالإضافة إلى تمييز القانون رقم 30-89 بضعف مردو ديته مما انعكس سلبا على إسهام الموارد الذاتية في تمويل التنمية المحلية[22]. وبالرغم من التحسن الملموس الذي شهدته قوانين الجماعات الترابية في مجال تدبير الشأن الترابي بما في ذلك الجانب المالي، فان سلطة اتخاذ و صناعة القرار الجبائي الترابي ظلت محدودة في شكلها ومحتواها. وبالتالي بقيت للوحدات الترابية اللامركزية سلطة محدودة جدا،فيما يتعلق بالتحكم الإيجابي في جبايتها. الفقرة الاولى : ضعف الرسوم المحددة بالقانون بين سعر ادنى و سعر اقصى إن ضعف الرسوم المحددة بالقانون بين سعر أدنى و سعر أقصى تختلف و تتباين على صعيد المستويات الترابية(الجماعات،الجهات،العمالات و الأقاليم)، وذلك تبعا لطبيعة اختصاصات كل مستوى ودرجة استقلاليته. أولا : على مستوى الجماعات الحضرية و القروية بالإستناد إلى الميثاق الجماعي في إطار القانون رقم 08-17 يلاحظ حجم الصلاحيات التي تتوفر عليها المجالس الحضرية و القروية في مجال التنمية الاقتصادية و الاجتماعية،ما يعني أن جبايات هذه الجماعات ينبغي أن تساير هذه الوظيفة سواء على مستوى اتخاذ القرار الجبائي أو على مستوى عدد الرسوم. على هذا الأساس،فان القانون الجبائي رقم 06-47 منح للجماعات 11 رسم،منها 4 رسوم محددة بالقانون في أسعار ثابثة.هذه الرسوم هي :
زد على ذلك أن هذه الرسوم يتم استخلاصها من طرف الدولة باستثناء رسم المياه المعدنية،وما يترتب عن ذلك من اقتطاع مقابل التدبيركما يلي :
ثانيا : المستويات الترابية الأخرى (الجهات و العمالات أو الأقاليم) الملاحظ أن هذه المستويات لها رسوم محدودة(ثلاث رسوم للجهات[26] و ثلاث رسوم للعمالات و الاقاليم[27])،الأمر الذي يعكس مدى محدودية تدخل مجالس هذه المستويات في تحديد سعر هذه الرسوم. بالنسبة للعمالات و الأقاليم تدخل المشرع و حدد مجموع رسوم و ضرائب في اسعار ثابتة على سبيل المثال الرسم على رخص السياقة حدد سعره في 150 درهم.اما الجهات فقد ترك لها المشرع حرية تحديد سعر رسمين بين حد أدنى و أقصى وهما :
بالإضافة الى الحدود التي تطال حرية الجماعات الترابية في تحديد الأسعار للرسوم الجبائية كما لاحظنا سابقا،فان الأمر يتعدى ذلك الى تقييد حرية الجماعات الترابية في إعداد القرارات الجبائية الترابية. بمعنى أن حتى ذلك الهامش من الحرية في الحد الأدنى و الأقصى مقيد،و القانون رقم 06-47 المتعلق بجبايات الجماعات المحلية الذي كان من المنتظر أن يدعم الاختصاص الجبائي للجماعات الترابية على مستوى اتخاذ القرار الجبائي لم يأتي بجديد يذكر. فالمادة 168 وإن نصت على انه " إذا لم ينص هذا القانون على أسعار أو تعريفات ثابتة للرسوم الواردة فيه يتم تحديد هذه الأسعار و التعريفات بقرار يصدره الأمر بالصرف للجماعة المحلية المعنية بعد مصادقة مجلس الجماعة المحلية"،المستفاد من هذه الفقرة أن المشرع منح للجماعات الترابية اختصاص اقتراح أسعار الرسوم المحددة بين حد أدنى و حد أقصى و المصادقة عليها من قبل المجالس المعنية.وهو نفس الأمر منصوص عليه في المادة السادسة من القانون رقم 30.89 التي نصت على أنه" إذا لم ينص هذا القانون على أسعار أو تعريفات ثابثة للضرائب والرسوم الوارد بيانها فيه حددت بقرارات يصدرها : فيما يخص الجماعات الحضرية والقروية رئيس مجلس الجماعة بعد مداولة المجلس فيما يخص العمالات والأقاليم الآمر بالصرف بعد مداولة مجلس العمالة أو الإقليم ." كما أن هذه القرارات لا تدخل حيز التنفيذ إلا بعد مصادقة سلطة الوصاية،إذ نصت المادة 32 من القانون رقم 08-45 المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات المحلية و مجموعاتها[30] على انه"لا تكون القرارات المتعلقة بفرض الرسوم او تغيير نسبها و المأذون للجماعات المحلية في اتخاذها قابلة للتنفيذ إلا اذا صادقت عليها الوصاية".كما أن المشرع أخضع القرارات المتعلقة بهذا الشأن في النصوص المنظمة للجماعات الترابية لمصادقة سلطة الوصاية كالتالي :
من خلال هذه المواد يتضح بأن سلطة الوصاية لها القرار النهائي في المصادقة على القرار الجبائي ، مما يدل على أن سلطة الجماعات الترابية محدودة في صناعة القرار الجبائي الترابي . المطلب الثاني : مقاربة القرار الجبائي الترابي على ضوء دستور 2011 إن دستور 2011 نص على مجموعة من المبادئ ،كالتدبير الحر الوارد في الفصل 136 وينص على أنه"يرتكز التنظيم الجهوي والترابي على مبادئ التدبير الحر وعلى التعاون والتضامن ,ويؤمن مشاركة السكان المعنيين في تدبير شؤونهم والرفع من مساهمتهم في التنمية البشرية المندمجة والمستدامة"،كما تم تعزيز هذا المبدأ بمنح الجماعات الترابية سلطة تنظيمية ترابية وفق ما نص عليه الفصل 140 من دستور 2011 "تتوفر الجهات والجماعات الترابية الأخرى في مجالات اختصاصاتها وداخل دائرتها الترابية على سلطة تنظيمية لممارسة صلاحيتها". الفقرة الاولى : مبدأ التدبير الحر وصناعة القرار الجبائي الترابي يقضي هذا المبدأ بحرية الجماعات الترابية في تدبير شؤونها المحلية،دون الخضوع لسلطات الوصاية.و الفصل 136 ينص على انه يرتكز التنظيم الجهوي الترابي على مبادئ التدبير الحر،على التعاون و التضامن و يؤمن مشاركة السكان المعنيين في تدبير شؤونهم و الرفع من مساهمتهم في التنمية البشرية المندمجة و المستدامة. إن مبدأ التدبير الحر له اثر على مستويين: المستوى الأول : رقابة الوصاية التي تخضع لها الجماعات الترابية ،من المفترض أن هذا المبدأ سيخفف من سلطات الوصاية. ولعل هذا المبدأ سيمكن الجماعات الترابية من إصدار قرارات دون الرجوع إلى المركز بصفة مستقلة خاصة منها الشق المالي،لاسيما وأن الفصل 138 مكن رؤساء المجالس الترابية من سلطة تنفيذية حقيقية إذ نص على أنه " يقوم رؤساء مجالس الجهات،ورؤساء مجالس الجماعات الترابية الأخرى، بتنفيذ مداولات هذه المجالس ومقرراتها". ومن مظاهر هذه الاستقلالية نص الفصل 145 "يساعد الولاة و العمال رؤساء الجماعات الترابية،و خاصة رؤساء المجالس الجهوية ،على تنفيذ المخططات و البرامج التنموية". لكن الملاحظ على مستوى التجربة الفرنسية أنه بالرغم من مبدأ التدبير الحر أو بالأحرى الحرية الإدارية la libre administration التي تقوم عليها الجماعات الترابية في فرنسا ،إذ أن الفصل 34 من الدستور يضع حدود أساسية لممارسة هذه الحرية على مستوى الاختصاص و الموارد،و المجلس الدستوري يسهر على ضمان هذا المبدأ[31]و بالتالي لا يمكن فهم هذا المبدأ على أنه يفيد الاستقلال التام للجماعات الترابية،بقدر ما ستكون هناك حرية على مستوى الاختيار للمجالس المنتخبة في تدبير الشأن المحلي. المستوى الثاني : إن معطى التدبير الحر المنصوص عليه في دستور 2011 الذي يؤسس لفلسفة جديدة للتنظيم الترابي،يشكل دفعة قوية للجماعات الترابية على مستوى الاستقلالية في اتخاذ القرارات الجبائية ،لاسيما وان الجماعات الترابية أصبحت بمقتضى الدستور الجديد تتوفر على سلطة تنظيمية في مجالات اختصاصاتها و داخل دائرتها الترابية،و ذلك لممارسة صلاحياتها. الفقرة الثانية : المقاربة التشاركية وصناعة القرار الجبائي الترابي إذا كان المشرع قد تبنى المقاربة التشاركية دستوريا في صناعة القرار الترابي بشكل عام،فهل يمكن تصور هذه المقاربة على مستوى صناعة القرار الجبائي والترابي؟. إن المقترب الجديد في تدبير الشأن العام الترابي،يقضي بإشراك مختلف الفاعلين في إعداد سياسة عمومية ترابية،مما يعني أن المواطن و المجتمع المدني سيصبح فاعلا أساسيا في بلورة القرارات التي تتخذها المجالس المحلية،ولتكون هذه المشاركة لها معنى و قيمة ينبغي أن يشارك في صناعة القرارات الجبائية الترابية كأحد المظاهر الحقيقة للديمقراطية التشاركية الترابية. ولعل دستور 2011 يعكس هذه الإرادة، إذ نص في الفصل 12 "تساهم الجمعيات المهتمة بقضايا الشأن العام،و المنظمات غير الحكومية في إطار الديمقراطية التشاركية، في إعداد قرارات ومشاريع لدى المؤسسات المنتخبة و السلطات العمومية،و كذا في تفعيلها و تقييمها"،كما تم تعزيز هذه المشاركة من خلال الفصل 139 الذي نص على أنه " يمكن للمواطنات و المواطنين و الجمعيات تقديم عرائض،الهدف منها مطالبة المجلس بإدراج نقطة تدخل في اختصاصه ضمن جدول أعماله". على هذا الأساس,يتبين أن هذه المقتضيات الدستورية ستمكن المجالس المنتخبة من اختصاصات جديدة،ستنعكس لا محالة على مستوى الاختصاص الجبائي للجماعات الترابية،هذا ما ستبينه النصوص التنظيمية المتعلقة بالنظام المالي الواردة في الفصل 146 من دستور 2011. خاتمة: إن المشرع الجبائي من خلال كافة القوانين الجبائية المحلية، منذ 1989 إلى غاية قانون 47.06 حدد أسعار الضرائب والرسوم الدنيا والقصوى. وبذلك فالهامش الذي أعطاه لمجالس الجماعات الترابية لايتعدى اقتراح السعر المناسب والذي يتلاءم مع طبيعة المنطقة التي تتواجد بها الجماعة الترابية هل هي سياحية ام صناعية،و حضرية أم قروية. أكثر من ذلك ، قيد هذه السلطة وذلك بمرور كل القرارات الجبائية الترابية أمام سلطة الوصاية مما يبين بأن صناعة القرار الجبائي الترابي هي أولا وأخيرا مركزية . وبهذا لايمكن الحديث عن قرار جبائي ترابي حقيقي. إلا إذا كانت هناك حرية للمجالس التداولية الترابية، في تحديد أسعار الضرائب والرسوم. و الاعتماد على المقاربة التشاركية للساكنة، والمجتمع المدني. على غرار الدول الديمقراطية التي تأخذ بنظام الإدارة المحلية التي تحظى بالإستقلال المالي والإداري الحقيقي . لائحة المراجع: المؤلفات باللغة العربية: - الكتب - سعيد جعفري ، تدبير المالية العمومية بالمغرب ، مكتبة الرشاد ،الطبعة الأولى 2009. - حماد حميدي، المالية العامة، مطبعة بني ازناسن، الطبعة الأولى ،2000. -حمدي عادل محمود، الإتجاهات المعاصرة في نظم الإدارة المحلية، دار الفكر العربي، 1973. - المجلات: - بوجمعة بوعزاوي،السلطة التنظيمية المحلية،المجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية 2011 . - د المصطفى منار رهان الإستقلال المالي للجماعات المحلية وإكراهات الواقع فكر العلوم الإقتصادية والقانونية والسياسية ,العدد2,2009 . - أحمد النقاش،إصلاح النظام الجبائي المحلي أي أفق؟ مدخل عام من أجل تفعيل دور الجبايات في تحقيق التنمية،مجلة القانون و الاقتصاد،عدد 9، 2005 . - محمد علي أدبيا، إشكالية الاستقلال المالي للجماعات المحلية بالمغرب نحو مقاربة أكثر واقعية، المجلة المغربية الإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مواضيع الساعة، العدد 29 السنة 2001 . - د أحمد حضراني،النظام الجبائي المحلي على ضوء التشريع المغربي والمقارن،منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية،سلسلة مؤلفات و أعمال جامعية،عدد 22،الطبعة الأولى,2001. - عبد الحق المرجاني،حدود التمويل الجبائي المحلي للتنمية المحلية،المجلة المغربية للادارة المحلية و التنمية،عدد مزدوج 2-1993 النصوص القانونية: - دستور المملكة المغربية لسنة 2011 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91،بتاريخ 29يوليوز2001،ج.ر عدد 5964مكرر،بتاريخ 30يوليوز2011 . - القانون رقم 00-78 المتعلق بالميثاق الجماعي الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 297-02-1 بتاريخ 13 أكتوبر 2002 ج.ر عدد 5850 بتاريخ 21 نونبر 2002 كما ثم تعديله و تتميمه بالقانون رقم 08-17 عدد ج.ر 11 57 بتاريخ 23 فبراير 2009. -القانون رقم96-47 المتعلق بالجهة،الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم84.97.1،ج.ر عدد4470 بتاريخ 3ابريل 1997. - القانون رقم 00-79 المتعلق بتنظيم العمالات و الأقاليم،الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 269-02-1،بتاريخ 3 اكتوبر2002،ج.ر عدد5058،بتاريخ 21 نونبر2002 . -القانون رقم 39.07 بسن أحكام انتقالية فيما يتعلق ببعض الرسوم والحقوق والمساهمات والأتاوى المستحقة لفائدة الجماعات المحلية، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.07.209 بتاريخ 16 من ذي الحجة 1428 (27 دجنبر 2007)، الجريدة الرسمية عدد 5591 بتاريخ 20 ذو الحجة 1428 (31 دجنبر 2007). - ظهير شريف رقم 315.59.1 يتعلق بتنظيم الجماعات الحضرية و القروية، الجريدة الرسمية عدد 2487 الموافق ل 29 ذي الحجة1379 الموافق ل24 يونيو 1960. - القانون رقم 45.08 المتعلق بالتنظيم بالتنظيم المالي للجماعات المحلية ومجموعاتها الصادر بتنفيد الظهير الشريف رقم 1.09.02 صادر في 22 صفر 1430 (18 فبراير 2009) الجريدة الرسمية عدد 5711 ، 23 فبراير 2009 . - القانون رقم 47.06 المتعلق بجبايات الجماعات المحلية.الصادر بتنفيدهالظهير الشريف رقم 1.07.195 صادر في 19 ذي القعدة 1428 (30 نوفمبر 2007 ) الجريدة الرسمية عدد 5583 ( 3 ديسمبر 2007 ) . الوثائق الرسمية: - القرار الجبائي المحلي ، المحدد لأسعار الرسوم والحقوق و الوجيبات المستحقة لفائدة ميزانية الجماعة الحضرية لمدينة مراكشعدد 6 بتاريخ 19 مايو 2008 . -قرار جبائي لمجلس مدينة أحفير رقم 1/ 2011 يحدد مبلغ الضرائب والرسوم والحقوق والواجبات المستحقة لفائدة مـيزانية الجماعة الحضرية لأحفير,عمالة بركان بلدية أحفير - الدليل القانوني للجماعات المحلية،المديرية العامة للجماعات المحلية،الطبعة الثانية،2010. - دليل الجبايات المحلية،سلسلة دليل المنتخب ،الطبعة الأولى، المديرية العامة للجماعات المحلية، 2009. المحاضرات: - محمد حيمود،محاضرات في مادة المالية المحلية،الفصل الخامس من سلك الاجازة،السنة الجامعية 2009-2010. المؤلفات باللغة الفرنسية: - M.Bouvier, les finances locales, L.G.D.J, 8ème édition 2002. Chabih (J), Réflexions sur le pouvoir financier locale au Maroc ou la nature de la réparation constitutionnelle des compétences financiers entre l'Etat et les collectivités locales, in revue Marocaine d'administration locale et de développement, série ordinaire, N° 54-55, 2004. الهوامش [1]-القانون رقم 5.84 المتمم بموجبه الظهير الشريف رقم 1.60.121الصادر في 16 من شوال 1381 (23 مارس 1962) بشأن الرسوم الجماعية الصادر بتنفيدهالظهير الشريف رقم 1.84.193 الصادر في 5 ربيع الآخر 1405 (28 ديسمبر 1984)الجريدة الرسمية عدد 3766 بتاريخ 02/01/1985. [2]- القانون رقم 30-89 المتعلق بنظام الضرائب المستحقة للجماعات المحلية و هيئاتها،الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.89.187، بتاريخ 21 نونبر 1989،الجريدة الرسمية عدد 4023 بتاريخ 6 دجنبر 1989. [3]- القانون رقم 06-47 المتعلق بجبايات الجماعات المحلية،الصادر بتنفيذهالظهير الشريف رقم 195-07-1 الصادر في 30 نوفمبر 2007 ،الجريدة الرسمية عدد 5583 بتاريخ 3 ديسمبر 2007. [4]- القانون رقم 00-78 المتعلق بالميثاق الجماعي الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 297-02-1 بتاريخ 13 أكتوبر 2002 ج.ر عدد 5850 بتاريخ 21 نونبر 2002 كما ثم تعديله و تتميمه بالقانون رقم 08-17 عدد ج.ر 11 57 بتاريخ 23 فبراير 2009. [5] - وفي جانب آخر يروم إلى تأطير تدخل الجماعات الترابية فيما يخص تنظيم الرسوم والحقوق والمساهمات والاْتاوي ذات الطابع الغير الجبائي والمتمثل في القانون رقم 07-39، والذي دخل حيز التنفيذ منذ فاتح يناير2008. [6] - دليل الجبايات المحلية،سلسلة دليل المنتخب ،الطبعة الأولى، المديرية العامة للجماعات المحلية، 2009. ص:4. [7]- القانون رقم96-47 المتعلق بالجهة،الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم84.97.1،ج.ر عدد4470 بتاريخ 3ابريل 1997.والقانون رقم 00-79 المتعلق بتنظيم العمالات و الأقاليم،الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 269-02-1،بتاريخ 3 اكتوبر2002،ج.ر عدد5058،بتاريخ 21 نونبر2002 [8]- دستور المملكة المغربية لسنة 2011 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91،بتاريخ 29يوليوز2001،ج.ر عدد 5964مكرر،بتاريخ 30يوليوز2011 . [9]- المادة 71 من دستور المملكة المغربية لسنة 2011. [10]- راجع الفصل 71 من دستور المملكة المغربية لسنة 2011. [11]- محمد حيمود،محاضرات في مادة المالية المحلية،الفصل الخامس من سلك الإجازة،السنة الجامعية 2009-2010. [12]- حماد حميدي، المالية العامة ،مطبعة بني ازناسن، الطبعة الأولى ،2000. ص 203. أورده ذ. محمد علي أدبيا، إشكالية الاستقلال المالي للجماعات المحلية بالمغرب نحو مقاربة أكثر واقعية، المجلة المغربية الإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مواضيع الساعة، العدد 29 2001، ص.228. [13]-M.Bouvier, les finances locales, L.G.D.J, 8ème édition 2002, P.67. [14]-Chabih (J), Réflexions sur le pouvoir financier locale au Maroc ou la nature de la réparation constitutionnelle des compétences financiers entre l'Etat et les collectivités locales, in revue Marocaine d'administration locale et de développement, série ordinaire, N° 54-55, 2004, P .124. [15]- محمد حيمود،محاضرات في مادة المالية المحلية،الفصل الخامس من سنوات الإجازة،السنة الجامعية 2009-2010. [16]- محمد حيمود،محاضرات في مادة المالية المحلية،مرجع سابق. [17]- القانون رقم 06-47. [18]- المصدر : الدليل القانوني للجماعات المحلية،المديرية العامة للجماعات المحلية،غير منشور،الطبعة الثانية.يمكن الاطلاع عليه بالموقع الالكتروني للجريدة الرسمية للجماعات المحلية www .bocl.gov .ma [19]- المادة 2 من القانون رقم 06-47 المتعلق بجبايات الجماعات المحلية. [20]- المادة 4 من القانون رقم 06-47 المتعلق بجبايات الجماعات المحلية. [21]- المصدر : تركيب من طرف المجموعة استنادا على : - الدليل القانوني للجماعات الترابية،مرجع سابق. - قرار جبائي رقم 1/2011 لمجلس مدينة احفيريحدد مبلغ الضرائب والرسوم والحقوق والواجبات المستحقة لفائدة ميزانية الجماعة الحضرية احفير عمالة بركان بلدية احفير. [22]- عبد الحق المرجاني،حدود التمويل الجبائي المحلي للتنمية المحلية،المجلة المغربية للادارة المحلية و التنمية،عدد مزدوج 2- 3،1993،ص 76. [23]- المادة 29 من القانون رقم 06-47 المتعلق بجبايات الجماعات المحلية. [24]- المادة 11 من نفس القانون. [25]- المادة 37 من نفس القانون. [26]- المادة 4 من نفس القانون. [27]- المادة 3 من نفس القانون. [28]- المادة 119 من نفس القانون. [29]- المادة 123 من نفس القانون. [30]- الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 02.09.1،بتاريخ 18 فبراير 2009،الجريدة الرسمية عدد 5711،بتاريخ 23 فبراير 2009. [31]-.Touvet (L), Les grands arrêts du droit de la décentralisation,CC n°83-168 DC, 20janvier 1984, REC.CC 38 éditionDalloz ,1999. المصدرhttp://www.marocdroit.com/صناعة-القرار-الجبائي-الترابي_a3891.html | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
0التعليقات :