ماستر القضاء الإداري: منازعات التقاعد أمام القضاء الإداري ـ حماية القاضي الإداري لحق المعاش" نمودجا، إشراف د أحمد بوعشيق ـ دة ثورية لعيوني
http://www.marocdroit.com/photo/art/default/5702356-8503731.jpg جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية سلا ماستر: القضاء الإداري رسالة لنيل شهادة المـاستر في القانون العام بعنوان منازعات التقاعد أمام القضاء الإداري حماية القاضي الإداري لحق المعاش"نمودجا" من إعداد الطالبة : عائشة فضيلي تحت إشراف الأستاذ: الدكتور أحمد بوعشيق الدكتوره ثورية لعيوني أعضاء لجنة المناقشة: الدكتور: أحمد بوعشيق أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق- سلا...........................................رئيسا الأستاذ : لـحسن أبكـاس أستاذ زائر بكلية الحقوق- سلا............................................ عضوا الأستاذ : عبد الرحيم التيجاني إطار بمؤسسة وسيط المملكة................................................عضوا السنة الجامعية: 2012/2013 النسخة الكاملة للرسالة المقدمة يتعرض الإنسان، في وجوده، لأخطار متعددة . لهذا كان دائما يسعى إلى تأمين نفسه ضد هذه المخاطر التي قد تهدد حياته ( الوفاة، المرض، العجز، الإصابات)، فكان دائما يبحث عن الأمان، الذي يختلف من شخص لأخر، تبعا لسنه وانتماءه الاجتماعي الذي يعيش فيه، نظرا لما يشيعه من إستقرار وإرتياح في نفوس المستفيدين منه، نتيجة شعورهم بالحماية، وبالتالي تحريرهم من شبح الخوف على مصيرهم وعلى مصير أفراد أسرهم في الحاضر والمستقبل[[1]]url:#_ftn1 . وقد أثبت الدراسات التطور التاريخي للعهد، والدراسات التي تواكبه، أن الإنسان يخشى على نفسه الهلاك إلى تحقيق الأمان. فقديما قال فولتير:"أنا على إستعداد دائم للذهاب إلى أي مكان آخر، بحثا عن الراحة، بل عن الأمان". وقد لجأ الإنسان، في البداية، وذلك لمواجهة المخاطر التي تهدده ،إلى وسائل تقليدية، حيث إعتمد على الإدخار الذي يقوم على الجهد الذاتي، ولا يتطلب تدخل أي جهة أخرى . غير أن هذا الأسلوب، وحده لم يكن كافيا لمواجهة ذوائب الدهر، وللوقوف ضد مختلف المخاطر، التي قد تزج بالإنسان في مدارج الفقر والحاجة، ومن ثم بدأ يبحث عن وسائل أخرى، كالإعانة العائلية، التي تسود في المجتمعات التي تتميز بالروابط العائلية، والإعانة الجماعية، التي تقوم على مبدأ التضامن بين المنتمين إلى مهنة واحدة. وقد مهد تطور هذه الوسائل، في آخر مراحلها، إلى ظهور الضمان الإجتماعي، وتزامن هذا مع بروز الدولة، بالمفهوم الحديث، وتطور وظائفها[[2]]url:#_ftn2 . أما المجتمع الإسلامي، فقد عرف نظام الضمان الإجتماعي، منذ عهوده الأولى، على خلاف ما عاشته المجتمعات البدائية والجاهلية، لأنه جعل من التكافل، أو التضامن الإجتماعي، شرطان أساسيان لقيام المجتمع وإزدهاره ثقافيا وإقتصاديا. ومن المؤسسات التي كانت تضمن للفرد حاجاته الإقتصادية والإجتماعية، مؤسسة الوقف، والنذر، والزكاة، ومؤسسة بيت المال. بل والأكثر من ذلك، نجد أن الشريعة الإسلامية تربط، في عدة أحكام، ما بين العبادات والإحسان للغير، ومساعدته على قضاء حاجاته وحمايته، مما يفيد أن الشريعة الإسلامية لم تجعل الضمان الإجتماعي من مسؤولية الدولة فقط، بل مسؤولية يتحملها الأفراد كذلك[[3]]url:#_ftn3 . وهذا ما يستشف من قوله عز وجل:"وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأقرضوا الله قرضا حسنا، وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله، هو خيرا وأعظم أجرا".(سورةالمزمل، الآية20). فالإسلام لم يغفل العناية بالأفراد سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين، في حال العجز عن العمل لشيخوخة أو زمانة، حيث تم إنشاء، في عهد الخليفة عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)، ديوانا خاصا للعطاء وتقديم المعاشات للمستحقين، وفق قوائم دونت أسماؤهم بها. كما كتب الخليفة عمر بن عبد العزيز إلى أحد ولاته يقول "أنظر من قبلك من أهل الذمة قد كبرت سنهن وضعفت قوته، وولت عنه المكاسب، فأجر عليه من بيت مال المسلمين ما يصلحه. فإنه قد بلغني أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب مر بشيخ من أهل الذمة يسأل على أبواب الناس، فقال: ما أنصفناك إذا أخذنا منك الجزية في شيبتك وضيعناك في كبرك، ثم أجرى عليه من بيت المال يصلحه"[[4]]url:#_ftn4 . وتعود الإرهاصات القانونية الأولى للضمان الإجتماعي إلى القرن السادس عشر، حيث قامت إنجلترا سنة 1601 بوضع قانون خاص بالفقراء، وذلك لحمايتهم ورعايتهم. وفي سنة 1797، لجأت إلى إنشاء ملاجئ خاصة لإسكانهم. وفي مطلع الأربعينات من القرن الماضي، قامت بوضع قانون جديد للضمان الإجتماعي ،والذي عرف بمشروع بيفردج للضمان الإجتماعي، كأول نظام شامل لهذا القطاع. وفي سنة 1795 أصدرت ألمانيا قانونا يلزم الفلاحين الأغنياء بمساعدة الفقراء الذين يشتغلون عندهم. والأمر ينطبق على فرنسا، حيث عملت على وضع مجموعة من القوانين لتوفير الحماية الإجتماعية لبعض الفئات، وذلك بواسطة الجمعيات التعاضدية، أو جمعيات التعاون المتبادل. وفي سنة 1868، قامت (فرنسا) بإحداث مؤسسات التأمين لفائدة الفقراء والعمال، كما تم إحداث صندوق التأمين ضد حوادث الشغل، والتي تخلف العجز الصحي الدائم في الصناعة، والزراعة، ولمساعدة أرامل المؤمن عليهم[[5]]url:#_ftn5 . وعموما، في أوربا حال الفكر الليبرالي، الذي إنتشر في القرن 19، دون قيام أنظمة للإحتياط الإجتماعي بمفهومها المعاصر. ذلكأنه في نظر الليبراليين، ينبغي الإقتصار على أنظمة للإحتياط الإختياري، وعلى الحماية الفردية المنبثقة عن الإدخار[[6]]url:#_ftn6 . لينسجم ذلك مع دور الدولة، الذي يقتصر على تسيير المرافق العامة الكبرى، مثل القضاء، والتعليم، والدفاع و غيرها. أما في الولايات المتحدة ، فقد عرفت، في عهد الرئيس روزفلت « Roosevelt »، إصدار قانون للضمان الإجتماعي سنة 1935، والذي كان هدفه هو بناء نظام إجتماعي ونظام إقتصادي جديدين، عقب الأزمة الإقتصادية لسنة 1929، والإنتقال بالدولة من دولة دركية إلى الدولة الإجتماعية، أو دولة الرخاء الإجتماعي[[7]]url:#_ftn7 . وبخصوص نشأة الضمان الإجتماعي في تونس، فإنها تعود إلى أواخر القرن 19، حيث تم إحداث أول نظام للتقاعد لفائدة الموظفين والعملة التونسيين، تديره شركة تم إحداثها لهذا الغرض أطلق عليها إسم "شركة الحيطة للموظفين والعملة التونسيين"، والتي كانت تهدف، أساسا إلى تشجيع إنتداب الموظفين من الإطارات التابعة إلى دولة الحماية، وضمان جراية التقاعد لفائدتها عند بلوغهم 60 سنة. وبمقتضى الأمر المؤرخ في22 نونبر 1918، تم إحداث نظام المنح العائلية في القطاع العمومي بعنوان الأبناء في الكفالة بدون تحديد عددهم. كما أحدث الأمر المؤرخ في 24 فبراير 1944، لأول مرة، منحة الأجر الوحيد لفائدة العائلات التي ليس لها إلا دخل مهني واحد. أما في مجال التقاعد فقد تم إرساء نظام خاص لفائدة الأعوان العموميين بمقتضى القانون عدد 18، لسنة 1959، المؤرخ في 5 فبراير من نفس السنة، وتم تعديله بمقتضى القانون رقم 12 لسنة 1985، المؤرخ في 5 مارس 1985[[8]]url:#_ftn8 . فنظام التقاعد هو نظام الإحالة على المعاش الذي تفرضه الدولة على موظفيها ومستخدميها لتؤمن لهم، بمقتضاه المعاش عند الحذف أو الإعتزال من الخدمة بعد مدة معينة، يدفعون خلالها أقساطا من الإشتراكات لصناديق التقاعد المؤسسة لهذا الغرض، والغاية من هذا النظام، تمكين هؤلاء الموظفين وعائلاتهم من الحصول على الرزق عندما يتركون وظائفهم لأسباب معينة في القانون[[9]]url:#_ftn9 .وبعد الحرب العالمية الثانية، أصبح نظام الإحتياط الإجتماعي نظاما شبه عالمي[[10]]url:#_ftn10 . وبخصوص المغرب، فإنه لم يعرف نظام التقاعد إلا في سنة 1917. ويعزى ذلك إلى أنماط العيش التي كانت سائدة قبل ذلك التاريخ، والتي كانت تتميز بتركيز نشاط السكان في تعاطي الزراعة والحرف التقليدية، مع هيمنة التقاليد والعادات على علاقات الشغل. أما على المستوى الإداري، فقد كانت شؤون الموظفين تسير طبقا لنظام يستلهم قواعده من الحضارة العربية والتقاليد الإسلامية، الذي أدت فيه "الجماعة" دورا متميزا في تدبير الشؤون المحلية، عن طريق الإلتزام بالعادات والأنساق العرفية، والتي كانت فيها العلاقات الإجتماعية تستمد أساسها من التقاليد الإسلامية، التي تحث على التضامن والتكافل الإجتماعي بكيفية تؤمن حماية المسنين، وتضمن الرأفة بالأيتام والأرامل، الشيء الذي كان يعمل على تحقيق الحماية الضرورية لجميع أفراد المجتمع المصغر، سواء بالنسبة للعاملين في القطاعات النشيطة أو غيرهم، دون تدخل للدولة، وذلك بكيفية تفوق، من الناحية المعنوية، ما تضمنته بعض الأنظمة العصرية للتقاعد في الوقت الحاضر، بفعل الدور الذي قامت به الأسرة، الممتدة، سابقا، في مجال الرعاية الإجتماعية، عكس الأسرة النووية الذي ساهم إنتشارها في إخفاء الدور السابق للأسرة، وهو ما يعقد مهمة أنظمة الحيطة الإجتماعية مهما كانت متطورة. وكما سبق الذكر، فإن المغرب قد عرف أول نظام للتقاعد بمقتضى الظهير الشريف المؤرخ في 6 مارس 1917، المنظم لصندوق الإحتياط المغربي، والذي حصر الأشخاص المستفيدين منه في الموظفين الأجانب العاملين بإدارة الحماية دون غيرهم، والصندوق لم يكن يصرف معاشات ذات طابع عمري، وإنما يقتصر تخويلهم رصيدا يدفع مرة واحدة،ويتكون من الإقتطاعات التي أنجزت على أجورهم طيلة حياتهم الإدارية. وفي فاتح مارس 1930، تم إحداث أول نظام للمعاشات المدنية، كان يطبق إجباريا على جميع الموظفين المدنيين الفرنسيين العاملين بالإدارة المغربية. وفي 2 مارس من السنة نفسها(1930)، تم أحداث الصندوق المغربي للتقاعد، الذي تولى تسيير الإقتطاعات من أجل التقاعد ، وكذا المساهمات التي تتحملها ميزانية الدولة من أجل تكوين الحقوق المعاشية للموظفين من جهة، وتخويل المعاشات لفائدة المتقاعدين من جهة أخرى. وبعد ذلك أحدث نظام للمعاشات المدنية لفائدة الموظفين المغاربة مشابه لنظام الموظفين الفرنسيين، وذلك بواسطة الظهير الشريف المؤرخ في فاتح ماي 1931. وفي سنة 1950، تم إلغاء الأنظمة السابقة، وأحدث نظام موحد من حيث الحقوق والواجبات بين جميع موظفي إدارة الحماية، سواء كانوا مغاربة أو أجانب[[11]]url:#_ftn11 . وخلال فترة الإستقلال، عرف نظام التقاعد عدة إصلاحات، بفعل التطورات التي عرفها المغرب، وخاصة على مستوى النظام الأساسي للوظيفة العمومية، مع مغربة الإدارة، وإستقبال هذه الأخيرة لأفواج جديدة من الأطر المغاربة، والإصلاحات التي عرفها نظام الأجور، وإعادة تصنيف وترتيب السلاليم والدرجات الإدارية، والتي عجزت القوانين الموروثة عن الإستعمار عن مواكبتها. وقد كانت أول عمليات إصلاح إستهدفت نظام التقاعد بالمغرب، هي إصدار قانون رقم 011.71، المحدث لنظام المعاشات المدنية[[12]]url:#_ftn12 ، والقانون رقم 013.71 المحدث لنظام المعاشات العسكرية[[13]]url:#_ftn13 ، المؤرخين في 30 دجنبر 1971، واللذين هدفا إلى مسايرة التطورات التي عرفتها الإدارة المغربية بعد الإستقلال، كما أن مختلف المؤسسات العمومية أخذت بأنظمة للمعاشات خاصة بها إلى غاية 1977، حيث صدر النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد، ينخرط فيه مستخدمو المؤسسات العمومية، ما عدا المؤسسات التي إستثناها القانون صراحة، وتم إحداث صناديق عمومية، أو شبه عمومية، تتولى السهر على تنفيذ هذه القوانين، منها الصندوق المغربي للتقاعد، والصندوق الوطني للضمان الإجتماعي، والصندوق المهني المغربي للتقاعد، وغيرهم. بعد ذلك، تم إصدار القانون رقم 06.86، المتعلق بتعديل وتفسير القانون رقم 011.71، المتعلق بالمعاشات المدنية سنة 1989، الصادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم 1.89.205، بتاريخ 21 من جمادى الأول 1410 (21 دجنبر 1989)[[14]]url:#_ftn14 .وإلى جانب ذلك، فقد تم إصلاح المؤسسة المسؤولة عن تدبير هذا القطاع، لأجل إزالة التناقض، وإعطائها الأهمية التي تستحقها، بإعتبارها مؤسسة تتمتع بالشخصية المعنوية. وتبعا لذلك، فقد أصبحت لهذه المؤسسة، بموجب القانون43.95[[15]]url:#_ftn15 ، القدرة الكاملة على تسيير شؤونها الإدارية والمالية بواسطة أجهزتها، لأنها كانت من الناحية الإدارية، تابعة لوزير المالية، الذي كان يفوض هذا الأمر إلى رئيس قسم المعاشات، ومن الناحية المالية، كان تسييرها خاضعا للخازن العام للمملكة بإعتباره آمرا بالصرف فيما يخص الأموال المتوفرة لدى الصندوق، كما كان الجهاز الوحيد المكلف بصرف المعاشات[[16]]url:#_ftn16 . ولتثمين الإصلاحات السابقة، تم إدخال مجموعة من التعديلات سنة 1997، والتي همت، على الخصوص، التوسيع من وعاء إحتساب المعاش ليشمل 100% من التعويضات القارة والنظامية، فأصبحت المعاشات تصفى على أساس كل عناصر الأجرة النظامية. وإنسجاما مع موضوع الدراسة، الذي يتناول "دور القضاء الإداري في حماية حق المعاش في إطار الوظيفة العمومية" فلابد من إعطاء تعريف للموظف العمومي. لقد عرف الفقه والقضاء الموظف العمومي بأنه: "كل شخص يعهد إليه بعمل دائم في خدمة مرفق عام تديره الدولة، أوأحد أشخاص القانون العام"[[17]]url:#_ftn17 . في حين أن المشرع المغربي قد عرفه في الفصل الثاني من قانون الوظيفة العمومية، بأنه "كل شخص يعين في وظيفة قارة، ويرسم في إحدى رتب السلم الخاص بأسلاك الإدارة التابعة للدولة"[[18]]url:#_ftn18 . أمام النظام الأساسي لموظفي الجماعات المحلية[[19]]url:#_ftn19 ، فقد عرفه بالقول :"تخول صفة موظف بالجماعة كل شخص يعين في منصب دائم، ويرسم بإحدى درجات تسلسل أسلاك الجماعات". وقد إرتكزت هذه التعاريف على فكرة الإنتماء والتبعية لأحد أسلاك الإدارة، وتظل بذلك قاصرة، حيث تستثنى من نطاق تطبيقها فئات أخرى من المواطنين المتواجدين بالإدارة العمومية. إلا أن التعريف الذي جاء به الفصل 224 من القانون الجنائي، يبقى هو الجامع والشامل، إذ جاء فيه مايلي :"يعد موظفا عموميا في تطبيق أحكام هذا التشريع الجنائي، كيفما كانت صفته، كل من يعهد إليه، في حدود معينة، بمباشرة وظيفة أو مهمة، ولو مؤقتة، بأجر أو بدون أجر، ويساهم بذلك، في خدمة الدولة، أو الإدارات العمومية، أو الهيئات البلدية، أو المؤسسات العمومية، أو مصلحة ذات نفع عام". وعموما، فقانون الوظيفة العمومية يعني بشؤون الموظفين حيث ينظم مختلف مظاهر تطور الحياة الوظيفية إلى غاية الإحالة على المعاش، بشروط معينة في القانون، وفق حالات ثلاث:
وقد عرف الفقهاء المنازعات الإدارية بتعاريف مختلفة، حيث هناك من ينظر إلى الدعوى الإدارية على أنها إدعاء، فيما يرى الآخرون أنها مجموعة من الإجراءات القضائية التي تتخذ أمام القضاء الإداري بأثر من الآثار المترتبة على علاقة الإدارة[[20]]url:#_ftn20 . وفي ظل سكوت المشرع عن وضع تعريف شامل للمنازعات الإدارية، لتمييزها عن باقي المنازعات، وجب البحث عن الإشتقاق اللفظي لكلمة منازعة contentieux، التي إشتقت من الكلمة اللاتينية contentiosas، والتي تعني بدورها "مخاصمة"، أو "نقاش"أو مجادلة أي نزاع[[21]]url:#_ftn21 . ويقصد بعبارة "المنازعات الإدارية" في معنى ضيق، كافة النزاعات التي يمكن أن تتولد عن مزاولة الإدارة لأنشطتها، سواء أكانت هذه الأنشطة ذات طبيعة قانونية، أم كانت أفعالا مادية. إلا أن المقصود بهذه العبارة، في معنى أوسع، كل الإجراءات القانونية التي تمكن من الوصول إلى الحلول القضائية للخلافات الناجمة عن الأنشطة الإدارية[[22]]url:#_ftn22 . والمنازعات الإدارية هي مرادف للقضاء الإداري في الأنظمة التي تأخذ بإزدواجية القضاء، ومن بين تلك النزاعات الإدارية، نجد منازعات التقاعد في الوظيفة العمومية، بإعتباره موضوع دراستنا هاته. ودراسة منازعات التقاعد في الوظيفة العمومية، تسمح بالكشف عن الأغراض المرضية للإدارة، والتي تقترف أخطاء وتجاوزات متعددة جراء قرارات إدارية مجحفة، وغير مشروعة، تسبب في أضرار للمتقاعد. ولم يكن إختيار موضوع "دور القضاء الإداري في حماية حق المعاش التقاعد في إطار الوظيفة العمومية" لم يكن دواعي الترف العلمي، وإنما كانت وراءه مجموعة من الدوافع، منها:
ولمحاولة مقاربة هذا الموضوع من جميع جوانبه، تم إعتماد المنهج القانوني عن طريق تفسير ما توفر من النصوص القانونية القانونية المنظمة للمعاشات، والمنهج التاريخي لمواكبة التطور التاريخي الذي عرفته أنظمة المعاشات، وأيضا المنهج التحليلي بما يتيحه من تقنيات لتحليل النصوص القانونية، والإجتهادات القضائية، إضافة إلى المنهج الإستنباطي من أجل إستخلاص الأفكار والإشكالات من الكتابات الفقهية والإجتهادات القضائية. لكن وقبل الخوض في الموضوع، لا بد من التركيز عن بعض الصعوبات التي إعترضتني طيلة فترة البحث، تتمثل أساسا في إنعدام مراجع متخصصة تتناول الموضوع، سواء باللغة العربية أوباللغة الفرنسية، خاصة وأن المراجع المتوفرة، لا توفي بغرض الدراسة لكن الصعوبة الأكثر تتمثل في إرتكاز الدراسة على الجانب المنازعاتي، الشيء الذي لا يستلزم فقط التطرق إلى النصوص القانونية، وإنما لابد من تناول الإجتهادات القضائية المرتبطة بالموضوع وتقييمها. إن هذا الموضوع يطرح مجموعة من الإشكاليات المحورية من البحث عن الجهة القضائية المختصة بالبت في هذه الطعون، وتصنيفها القانوني. وبعبارة أخرى عن ماهية الطبيعة القانونية لمنازعات التقاعد، إضافة إلى الإتجاه الذي سلكه القضاء لحماية حقوق المحالين على التقاعد، من تعسف الإدارة، سواء على مستوى تفسير النصوص القانونية، أو حماية راتب المعاش من الإقتطاعات. وعليه، فقد إرتأيت تقسيم موضوع هذا البحث إلى فصلين، يفرد أولهما للبحث عن ماهية الجهة القضائية المختصة بالنظر في هذا النوع من المنازعات، وكذلك طبيعتها، في حين سيخصص الفصل الثاني للوقوف عند دور القاضي الإداري على مستوى منازعات التقاعد. الخاتمة إجمالا، يتضح أن المنازعات المتعلقة بالتقاعد لازالت تثير الكثير من النقاش والجدل، وتثير الكثير من الإشكالات التي لم يتم الحسم فيها بشكل نهائي، وذلك لحساسية هذا الموضوع الشديد. والصعوبة إختيار حل معين، بإعتبار الحق في المعاش هو أهم حق عند نهاية الحياة الوظيفية للموظف، وأن المساس بهذا الحق، يؤثر بشكل مباشر على حياة الموظف المحال على المعاش. ومن خلال تفسير وتفحص القانون المتعلق بالمعاش، يتضح لنا أنه رغم منحه لمعاش المتقاعد أو المستحقين، ورغم الإصلاحات التي أدخلت عليه، إلا أنه لا يرقى إلى مستوى تطلعات المعنين. مما جعل هذا الموضوع يعرف تطورات مهمة، من جهة الإختصاص القضائي، تماشيا مع السياسة القضائية بالمغرب، فهذه المنازعات طرحت عدة صعوبات، سواء على مستوى الإختصاص الذي عرفت محطات تاريخية مهمة بخصوص البث في الطعون المقدمة بشأن تطبيق النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بنظام المعاشات، أو على مستوى تحديد الطبيعة القانونية لمنازعات المعاشات، حيث خضعت هذه المنازعات لقضاء التعويض للمحاكم الإبتدائية كأصل، وإختصاص المجلس الأعلى بدعوى الإلغاء كإستثناء. ومع دخول إحداث المحاكم الإدارية حيز التنفيذ سنة 1994، وبموجب المادة 8 من القانون 41.90، أصبحت منازعات التقاعد تدخل ضمن إختصاص هذه المحاكم، التي أصبحت ذات ولاية عامة في هذا الشأن، ولقد ساهم إحداث هذه المحاكم بالمغرب في تنمية الوعي لدى الكثير من المتقاعدين بأهمية حماية الحق في معاش التقاعد، وظل القضاء الإداري الملاذ الذي يلجأ إليه كل متضرر من أجل توفير الحماية القضائية لهذا الحق. وقد ساهم، رغم حداثة نشأته، في خلق وإبداع مجموعة من القواعد والمبادئ إنطلاقا من تفسير المقتضيات القانونية المنظمة للحق في المعاش وتفسيرا ضيقا وفي بعض الأحيان، لعب دورا كاشفا من خلال تكريس البعد الإنساني للحق في المعاش وسد الثغرات القانونية عن طريق التفسير الواسع للنصوص القانونية. كما يمارس القضاء الإداري رقابة صارمة على قرارات الصادرة بخصوص الإحالة على المعاش، حيث يعمل القضاء على رقابة سلطة الإدارة التقديرية، ومدى إحترامها للمشروعية، وضمان حقوق الموظفين، ويقلص من هامشها، محاولة منه التوازن بين الموظفين والإدارة في إطار التوفيق بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة. وهنا تجدر الإشارة إلى أن من توفر بعض المتطلبات والشروط العامة الضرورية من أجل التقليص من منازعات التقاعد، أو التسريع بالنظر فيها، للتخفيف من حدة الضغط التي تعرفها المحاكم الإدارية، مما يؤدي إلى ضياع الحقوق أو طول البث في الطعون المعروضة عليها ببلادنا والتي هي:
لائحة المراجع المراجع باللغة العربية: الكتب:
المراجع باللغة الفرنسية:
مقدمة. 1 الفصل الأول: منازعات التقاعد بين الطبيعة القانونية والإختصاص القضائي. 11 المبحث الأول: الطبيعة القانونية لطعون المتعلقة بنظام التقاعد: 12 المطلب الأول: مكانة منازعات التقاعد في دعوى القضاء الشامل : 12 الفرع الأول: ماهية دعوى القضاء الشامل: 13 الفرع الثاني: منازعات التقاعد ضمن القضاء الشامل كمبدأ عام: 15 المطلب الثاني: إختصاص قضاء الإلغاء في منازعات التقاعد: 19 الفرع الأول: ماهية دعوى قضاء الإلغاء: 19 الفرع الثاني: حالات إختصاص قضاء الإلغاء في منازعات التقاعد: 22 الفقرة الأولى: الطعن الإلغاء في قرارات الإحالة على المعاش لبلوغ حد السن. 22 الفقرة الثانية: الطعن بالإلغاء في قرارات تسوية المعاش أو تقرير الحق فيه: 25 الفقرة الثالثة: الطعن بالإلغاء في القرارات المنفصلة عن العمليات الداخلة في تقدير المعاش.. 27 المبحث الثاني: الإختصاص القضائي في منازعات التقاعد: 29 المطلب الأول: إختصاص القضائي قبل صدور قانون رقم 41.90. 29 الفرع الأول : إختصاص المحاكم العادية: 30 الفرع الثاني: سلطات وحدود إختصاص القاضي الإداري في مجال منازعات التقاعد 34 المطلب الثاني: الإختصاص القضائي في ظل قانون رقم 90 ـ 41. 37 الفرع الأول: انعقاد الإختصاص للمحكمة الإدارية.........................................................38 الفرع الثاني:مدى خضوع منازعات تقاعد العاملين لدى المؤسسات العمومية للمحاكم الإدارية. 44 الفصل الثاني: مدى تكريس القاضي الإداري للحق في المعاش. 52 المبحث الأول: دور القاضي الإداري في تفسير المقتضيات القانونية والتنظيمية الخاصة بالمعاش.. 53 المطلب الأول: مدلول المعاش وأنواعه على ضوء العمل القضائي. 53 الفرع الأول: مفهوم المعاش.. 53 الفرع الثاني: أنواع المعاش.. 58 الفقرة الأولى: معاش التقاعد: 59 الفقرة الثانية: معاش الزمانة: 61 الفقرة الثالثة: معاش ذوي الحقوق: 62 المطلب الثاني: شروط إستحقاق والإستفادة من راتب المعاش. 66 الفرع الأول: بالنسبة للمتقاعد. 67 الفرع الثاني: بالنسبة لذوي الحقوق. 72 المبحث الثاني: الدور الحمائي للقاضي الإداري في منازعات التقاعد. 75 المطلب الأول: مدى جواز الجمع بين راتب التقاعد وموارد مالية عامة إضافية. 75 الفرع الأول: مرحلة جواز الجمع بين راتب التقاعد وموارد مالية أخرى. 76 الفرع الثاني:مرحلة منع الجمع بين راتب المعاش وموارد مالية أخرى. 84 المطلب الثاني: القاضي الإداري وتكريس البعد الحمائي للمتقاعدين. 87 الفرع الأول: الإقتطاع من معاش للإستخلاص الديون العمومية. 87 الفرع الثاني: الإقتطاع من معاش من أجل إخلاء السكن الوظيفي. 90 خاتمة عامة: 95 الملحق. 98 قائمة المراجع. 99 الفهرس:........ المصدرhttp://www.marocdroit.com/ماستر-القضاء-الإداري-منازعات-التقاعد-أمام-القضاء-الإداري-ـ-حماية_a3670.html | |||
| |||
| |||
|
0التعليقات :