حول توسيع صلاحيات مؤسسات الحكامة




بعد التحول الذي واكبه المغرب في السنوات الأخيرة على المستوى الديمقراطي، أصبح الواقع يفرض ضرورة العمل على إحداث عدد من الآليات التي من شأنها أن تكون مساهما حقيقا في تثبيت هذا التحول على كل المستويات ومنها الحكامة المالية التي أصبحت مطلبا ملحا لجميع القوى الفاعلة في المجتمع، على اعتبار أن الحكامة هي الحالة التي من خلالها تتم إدارة الموارد الاقتصادية و الاجتماعية للمجتمع بهدف تحقيق أكبر مستوى من التنمية.

جريدة التجديد في عددها ليوم الجمعة 3 ماي الجاري أبرزت عددا من الإجراءات التي اتخذتها الحكومة على شكل مشاريع قوانين تتعلق بعدد من مؤسسات الحكامة وذلك في ملف خاص حول الموضوع، وخصت اليومية بالذكر المجلس الأعلى للحسابات، وترانسبرانسي المغرب والمجلس الاقتصادي والاجتماعي ومجلس المنافسة، كما أعادت ذات اليومية التذكير بما جاء به المخطط التشريعي للحكومة والذي التزمت من خلاله الحكومة بإخراج وتحديث 10 مؤسسات للحكامة.



ملحاحية توسيع صلاحيات مؤسسات الحكامة

هذا المعطى جعل مطلب توسيع صلاحيات مؤسسات الحكامة ترتفع، بهدف تعزيز الترسانة القانونية لإنهاء فوضى تبذير المال العام التي تؤثر سلبا على مستوى النمو الاقتصادي، وذلك بعدما نص الدستور الجديد على ضرورة إحداث 3 مؤسسات جديدة للحكامة فضلا عن ضرورة مراجعة تنظيم 7 مؤسسات للحكامة قائمة الآن من خلال توسيع صلاحياتها لتضمن مراقبة فعالة للتدبير.

يذكر أن المؤسسات الجديدة التي حث الدستور على ضرورة إحداثها تتعلق هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، والمجلس الاستشاري للأسرة والطفولة والمجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي. أما بخصوص المؤسسات القائمة المهتمة بالحكامة والتي يفترض ضرورة إعادة النظر في طريقة اشتغالها من خلال تجديد قوانينها فتهم كل من المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ومؤسسة الوسيط، ومجلس الجالية المغربية بالخارج، والهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، ومجلس المنافسة، والهيئة الوطنية للوقاية من الرشوة ومحاربتها والمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي. تجديد وإحداث قوانين لهذه المؤسسات العشرة نص عليها بالتفصيل المخطط التشريعي للحكومة، الأمر الذي يبرز عزم الحكومة على إخراج وتنظيم وتحديد اختصاصات كل هذه المؤسسات خلال هذه الولاية الحكومية.



تحصين مدونة المحاكم المالية

في هذا السياق تقدم فريق العدالة والتنمية بمقترح قانون حول المجلس الأعلى للحسابات يتعلق بمدونة المحاكم المالية، ويهم أساسا مطلب توسيع صلاحيات هذا المجلس ومراجعة الإطار العام لمهامه واختصاصاته، لما لهذه المؤسسات من دور مهم في حماية المال العام، وعلى هذا الأساس شدد الدستور على ضرورة إحداث مجالس جهوية للحسابات لمراقبة حسابات الجماعات المحلية وهيئاتها لضمان حكامة الجماعات الترابية فضلا عن مؤسسات الدولة عموما.



النهوض بمجلس المنافسة

أفادت يومية التجديد في نفس الملف،أنه من المرتقب أن تحيل الحكومة على البرلمان في الأيام المقبلة مشروع قانون يتعلق بمجلس المنافسة.

هذا المشروع سيركز أساسا على تدقيق قواعد المنافسة الحرة والنزيهة وتنزيل المقتضيات المرتبطة بالبرنامج الحكومي القائمة على تشجيع شروط المنافسة الحرة والمشروعة، لمنع الاحتكار، الأمر الذي يعني أن الحكومة تتجه نحو منح مجلس المنافسة اختصاصات تقريرية لزجر كل سلوك منافي لقواعد المنافسة الحرة والنزيهة، فضلا عن دور استشاري في القضايا ذات الصلة.



تجويد دور الهيئة الوطنية للوقاية من الرشوة ومحاربتها

سبق لمحمد نجيب بوليف، الوزير المكلف بالشؤون العامة والحكامة، أن أكد في أكثر من مناسبة أن استفحال ظاهرة الرشوة وضعف الحكامة تفقد المغرب نقطتين من النمو، الأمر الذي يؤكد ملحاحية القضاء على هذه الظاهرة المهلكة للاقتصاد الوطني المغربي.

وفي هذا الإطار يرتقب أن تتقدم الحكومة بمشروع قانون يتعلق توسيع وتدقيق وضبط اختصاصات وصلاحيات الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، كما أشارت إلى ذلك يومية التجديد. رغبة الحكومة في إخراج قانون جديد لهذه الهيئة جاء في سياق الغموض الذي ظل يلف مجموعة من بنود القانون الحالي، ومنها القضايا المتعلقة بالاستقلالية التدبيرية والمالية والتنسيق والإشراف وتتبع وتقييم هذه المؤسسة للسياسات العمومية.

ولذلك فإن المشروع الذي صاغته الحكومة يركز على ضرورة منع استقلالية حقيقية للهيئة وتوسيع وضبط اختصاصاتها ومنحها صلاحيات التأطير والتوعية في مجال النزاهة والشفافية ومنحها صلاحيات في مجال التعاون الدولي ومنحها صلاحيات إحداث لجان جهوية تابعة لها.



تدقيق مهام المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي

في إطار تفعيل المخطط التشريعي سبق للحكومة أن أحالت على البرلمان مشروع قانون تنظيمي يتعلق بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي ونوقش بمجلس النواب ويوجد الآن في مرحلة تقديم الفرق لتعديلاتهم على تفاصيله وبنوده بعدما خضع لنقاشات موسعة. ويأتي تقدم الحكومة لهذا النص التنظيمي في إطار تفعيل دور مؤسسات الحكامة لتقوم بدورها باعتبار أن المجلس من مؤسسات الحكامة التي نص عليها الدستور الجديد.

وكان عبد الله بووانو، رئيس فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، طالب بضرورة ضبط عدد من البنود التي جاء بها النص التنظيمي، ومن بين البنود التي طالب رئيس فريق المصباح بمجلس النواب بتدقيقها "تحديد نوعية الخبراء الذين اقترحهم المشروع ليتألف منهم المجلس، كما طالب بتحديد الطريقة التي سيتم بها تعيين ممثلي الهيئات والجمعيات المهنية بالمجلس، ومسألة تعيين رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، منبها إلى هذا الموضوع يعاني فراغا دستوريا.

وكان الوزير بوليف أكد أثناء تقديمه للمشروع بلجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب أن المشروع يعتبر خطوة مهمة بالنظر إلى أنه يترجم ما نص عليه الدستور الجديد، مشيرا إلى أن تطوير الإطار القانون للمجلس يأتي في سياق تفعيل دوره في القضايا التي تدخل ضمن اختصاصاته وهي القضايا الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.



عن جريدة التجديد







via MarocDroit موقع العلوم القانونية http://www.marocdroit.com/حول-توسيع-صلاحيات-مؤسسات-الحكامة_a3323.html