الرقابة على مشروعية المراسيم في المغرب { دراسة مقارنة}


- جمال العزوزي. - باحث في القانون العام. - حاصل على شهادة الماستر، وحدة قانون المنازعات العمومية. - إطار بالمديرية الجهوية للمياه و الغابات و محاربة التصحر للرباط - سلا- زمور-زعير.
الرقابة على مشروعية المراسيم في المغرب { دراسة مقارنة}

مقدمة:

ينبع جوهر دولة الحق و القانون من خضوع سلطات الدولة للقانون بمعناه العام شأنها شأن بقية الأفراد و هو ما يعرف بمبدأ المشروعية، و هو المبدأ التي يجب أن تخضع له الإدارة في كافة تصرفاتها لتتصف جميع أعمالها بالقانونية، و تعد القرارات الإدارية من أبرز الأشكال التي تترجم من خلالها الإدارة إرادتها المنفردة بهدف إحداث أثر قانوني أول إلغائه أو تعديله  بغرض ممارسة أنشطتها التي تستهدف تحقيق المصلحة العامة، و ذالك داخل النطاق المحجوز للسلطة التنفيذية دون تجاوز لاختصاصات السلطة التشريعية أو السلطة القضائية احتراما لمبدأ الفصل بين السلطات، و قد أدى تطور الأوضاع الاجتماعية و الاقتصادية و تزايد تدخل الإدارة في الحياة العامة إلى إدخال نوع من المرونة على مبدأ الفصل بين السلطات، بحيث لم يعد مجال التشريع مجالا محجوزا و خاصا للسلطة التشريعية بل أصبحت السلطة التنفيذية تتدخل في مجال التشريع تحت مجموعة من الأسباب و الذرائع عن طريق مقررات تنظيمية تتمتع ببعض خصائص القواعد القانونية كالعمومية و التجريد.

و إذا كانت القوانين تخضع عادة لرقابة قبلية من قبل المؤسسة التشريعية و رقابة بعدية عن طريق القضاء الدستوري للتأكد من مطابقة هذه النصوص للدستور فإن المقررات التنظيمية الصادرة عن السلطة التنفيذية لا تخضع لهذا النوع من الرقابة، كما أن تمتعها بخصائص العمومية و التجريد يجعلها تسمو عن كونها مجرد قرارات إدارية لتقترب من مرتبة النصوص القانونية التي تفلت من رقابة مبدأ المشروعية كمبدأ عام، مما يشكل مسا بحقوق الأفراد و حرياتهم نظرا للنطاق الواسع الذي يمكن أن تشغله المقررات التنظيمية مقارنة بالقرارات الفردية و نظرا للجوانب التي يمكن أن تمسها و التي قد تتصل بشكل مباشر بحقوق الأفراد و حرياتهم.

و قد أثار موضوع خضوع المقررات التنظيمية {اللوائح أو المراسيم} لمبدأ المشروعية نقاشا مستفيضا داخل الأوساط الفقهية القانونية في فرنسا و قد عمل مجلس الدولة الفرنسي على ترجمة هذه النقاشات عن طريق اجتهادات قضائية خلاقة حاولت الدفاع عن مبدأ المشروعية.

و بالنسبة للمشرع المغربي فقد تم التنصيص على خضوع المقررات التنظيمية لرقابة القضاء لأول مرة داخل الوثيقة الدستورية 2011 من خلال الفصل 118 الذي جاء في فقرته الثانية " كل قرار اتخذ في المجال الإداري، سواء كان تنظيميا أو فرديا، يمكن الطعن فيه أمام الهيئة القضائية الإدارية المختصة " مكرسا بذلك رقابة القضاء الإداري على المقررات التنظيمية من خلال أسمى النصوص القانونية،و مما يجب التنبيه إليه أن المقررات التنظيمية هي عبارة عن قرارات تصدر عن السلطة التنفيذية تتسم بخصائص العمومية و التجريد فهي قرارات تسري على جميع الأفراد اللذين تنطبق عليهم شروط معينة و هي إحدى الاستثناءات المطبقة على مبدأ الفصل بين السلطات بموجبه تعمل السلطة التنفيذية على أخذ نطاق يكون عادة من اختصاص السلطة التشريعية و هو ما يجعل هذه المقررات التنظيمية و التي تسمى باللوائح أو المراسيم  تعتبر إحدى المصادر المهمة لمبدأ المشروعية، بالإضافة للدستور و القانون فكيف يمكن إعمال رقابة مبدأ المشروعية على  هذه المقررات ؟

المبحث الأول: الطبيعة القانونية للمقررات التنظيمية.

تعرف القرارات الإدارية بشكل عام بكونها إفصاح الإدارة عن إرادتها المنفردة الملزمة بمقتضى ما لها من سلطة عامة تقررها القوانين و المراسيم و ذلك بقصد إنشاء أو تعديل أو إلغاء أحد المراكز القانونية متى كان ذلك ممكنا عملا و جائزا قانونا و كان الهدف منه تحقيق مصلحة عامة[1].
و إذا كانت القرارات الإدارية التنظيمية بشكل عام تشترك في الخصائص المشار إليها في هذا التعريف مع القرارات الإدارية الفردية من حيث كونها تعبيرا عن إرادة الإدارة الذاتية الملزمة فإن أثر و مدى هذه القرارات يختلف عن القرارات الفردية من حيث نطاق و حجم التأثير الذي يمكن أن تدخله على المراكز القانونية المعنية بهذه القرارات، حيث أن هذه القرارات تنفرد بخصوصيات معينة تتمثل في خاصيات العمومية و التجريد مما يجعلها مقتربة بذلك  من القواعد القانونية أكثر  من اقترابها من القرارات الإدارية، بحيث يمكن للقرارات الفردية  أن تستمد سلطتها من المقررات التنظيمية { المراسيم } كما يتضح في التعريف أعلاه.

المطلب الأول: تمييز القرار التنظيمي عن القرار الفردي.

تتميز القرارات الإدارية الفردية بكونها تلك القرارات التي تصدر في حق فرد بذاته و محدد باسمه أو في حق مجموعة من الأفراد معينين بذاتهم و محددين بأسمائهم داخل القرار الإداري، و كمثال على ذلك قرارات التعيين في الوظيفة العمومية التي تصدر بالنسبة لشخص أو مجموعة من الأشخاص[2] و تستنفذ هذه القرارات موضوعها بمجرد تطبيقها مرة واحدة.

و تعرف القرارات التنظيمية باشتمالها على قاعدتي العمومية و التجريد، فهي قرارات تسري على جميع الأفراد اللذين تنطبق عليهم شروط معينة ، و قاعدة العمومية التي يتميز بها القرار التنظيمي لا تعني أنه يطبق على كافة الأفراد في المجتمع ولكن الأمر يتعلق بفئة معينة معينين بصفات و خصائص معينة و ليس معينين بذاتهم، فالقرارات التنظيمية تعتبر تشريعا فرعيا يقوم إلى جانب التشريع العادي غير أن هذا التشريع لا يكون مصدره السلطة التشريعية بل السلطة التنفيذية كما أن القرار التنظيمي لا يستنفذ مفعوله بمجرد تطبيقه مرة واحدة و إنما يبقى قائما ليتم تطبيقه مستقبلا.
ولم يضع المشرع المغربي تعريفا محددا للمقررات التنظيمية بل نص فقط  بعد تحديده لمجال القانون من خلال الفصل 72 من الدستور على أن المواد التي لا تندرج ضمن مجال القانون تدخل ضمن مجال التنظيم و قد نص الدستور المغربي  بشكل صريح على مجموعة من الاختصاصات التي تمارس بموجب مراسيم بشكل مستقل بينما يبقى المجال التنظيمي الأصيل هو المجال التطبيقي الذي بموجبه تقوم المراسيم بتنزيل القوانين و تنفيذها و بذلك يمكن حصر مجالين أساسيين لمجال المقررات التنظيمية.


أ- المقررات التنظيمية التطبيقية:

و يعتبر الفقهاء أن دور المقرر التنظيمي التطبيقي هو دور ثانوي، فهذا الدور لا ينبثق من الدستور مباشرة بل يصدر بناء على وساطة القانون لإتمام هذا الأخير و تكميله، أي إضافة تفاصيل دقيقة لتسهيل عملية تنفيذ القانون،حيث أن هذه المقررات لا يمكنها بأي شكل من الأشكال أن تضيف شيئا جديدا أي وضع قواعد عامة جديدة، بل يقتصر الأمر على وضع إجراءات و تدابير تفصيلية و تكميلية للقانون[3].
فدور المقرر التنظيمي هنا هو وضع الوسائل اللازمة لتنفيذ المقتضيات التشريعية،حيث أن النصوص القانونية التي يضعها البرلمان تقتصر عادة على وضع الأحكام العامة و الخطوط العريضة دون الدخول في التفاصيل و الجزئيات التي تكون عرضة للتغيير المستمر، حيث يستحيل على المشرع العادي الإلمام بكل التفاصيل و التدابير التنظيمية المعقدة.
و يمكن القول أن المقررات التنظيمية من خلال دورها التطبيقي تساهم في تخفيف العبء عن السلطة التشريعية التي عليها أن تتفرغ لوضع المبادئ و الوسائل الرئيسية تاركة ما عداها للسلطة التنفيذية التي تتولى تنظيمها و هذا الدور الأساسي و إن كانت تقوم به السلطة التنفيذية في شكل قرارات إدارية ملزمة فإن هذه القرارات لا تخلو من خاصيتي العمومية و التجريد للتمكن من تطبيق القواعد القانونية المرتبطة بهذه المقررات على نطاق واسع، حيث تعمل المقررات التنظيمية على استعارة هاتين الخاصيتين من القانون للتمكن من تنزيل الإجراءات و التدابير التفصيلية و تطبيقها على كل من تنطبق عليه القاعدة القانونية المستمدة من النص القانوني الأصلي ذاته فبدون خاصيتي العمومية و التجريد تفقد القرارات التنظيمية خصوصياتها و تتساوى بذلك مع القرارات الإدارية الفردية.
و التزاما بهذا الدور الذي تقوم به المقررات التنظيمية بالنسبة لتطبيق النصوص القانونية فإن المقرر التنظيمي لا يمكنه التدخل إلى تبعا و تنفيذا للقانون بحيث تبقى مهمة تنفيذ القوانين مهمة تبعية أي تابعة للقانون المراد تنفيذه، فإذا كانت الإدارة تستمد سلطتها في ممارسة السلطة التنظيمية التطبيقية من نص الدستور فإن حقها هذا يتوقف على القانون الذي يلعب دور الوسيط بين النص الدستوري و المقرر التنظيمي[4].

ب- المقررات التنظيمية المستقلة.

حدد الفصل 71 من دستور 2011 مجالات القانون و هي 30 مجالا و جاء في الفصل 72 من الدستور " يختص المجال التنظيمي بالمواد التي لا يشملها اختصاص القانون" ولم يعمل المشرع على وضع تعريف للمجال التنظيمي بل اكتفى بحصر مجال القانون المحددة في الفصل 71 في 30 مجالا ليبقى ما دون ذلك من المجالات التي لا تدخل في اختصاص القانون من اختصاصات مجال التنظيم و دون وضع تمييز بين مجال التنظيم التطبيقي و مجال التنظيم المستقل.
كما أنه بالرجوع للمادة 9 من القانون 41-90 المحدث بموجبه محاكم إدارية نجدها تنص على اختصاص المجلس الأعلى محكمة النقض حاليا بالبث في المقررات التنظيمية و الفردية الصادرة عن الوزير الأول و ذلك دون تمييز بين المقرر التنظيمي التطبيقي و المقرر التنظيمي المستقل، لذلك فإن نعت السلطة التنظيمية غير التطبيقية بالمستقلة يبقى نعتا فقهيا دون أن يتمتع بأي هوية قانونية[5] فالمقررات التنظيمية المستقلة لا تحتل مرتبة وسط بين القوانين و القرارات التنظيمية التطبيقية بل يبقى لها نفس الدرجة و التصنيف مع هذه الأخيرة و نعتها بالمقررات التنظيمية المستقلة يجد سنده في الفصل 71 من الدستور الذي حدد مجال التنظيم بعد حصر مجال القانون، إذ تستمد هذه المقررات مشروعيتها من نص الدستور مباشرة دون وساطة القانون و دون تبعية له كما هو الشأن بالنسبة للمقررات التنظيمية التطبيقية.
و يجدر التنبيه أن خصوصيات العمومية و التجريد التي ذكرناها سابقا و التي تتمتع بها المقررات التنظيمية ليست قاعدة مطلقة بالنسبة للمراسيم في المغرب إذ أن هذه الأخيرة  و التي تصنف  كمراسيم مستقلة أي التي تأخذ مشروعيتها مباشرة من نص الدستور قد تأخذ شكل قرارات إدارية فردية تفتقد لخصائص العمومية و التجريد و بالتالي يستنفذ موضوعها بمجرد تطبيقها مرة واحدة كما هو الشأن بالنسبة للمرسوم المنصوص عليه في الفصل 65  من الدستور  الذي ينص على أنه " إذا استمرت جلسات البرلمان أربعة أشهر على الأقل في كل دورة، جاز ختم الدورة بمرسوم " و كذلك الأمر بالنسبة للمرسوم المنصوص عليه في الفصل 75 من الدستور الذي جاء فيه " إذا لم يتم في نهاية السنة المالية التصويت على قانون المالية أو لم يصدر الأمر بتنفيذه بسبب إحالته إلى المحكمة الدستورية  تطبيقا للفصل 132 من الدستور فإن الحكومة تفتح بمرسوم الاعتمادات اللازمة لسير المرافق العمومية و القيام بالمهام المنوطة بها على أساس ما هو مقترح بالميزانية المعروضة على الموافقة ".
يتضح أن الاستناد على خصائص العمومية و التجريد كمعيار للتمييز بين القرارات الإدارية الفردية و القرارات الإدارية التنظيمية المعروفة بالمراسيم في المغرب لا يسعفنا في التمييز بين هذين النوعين من القرارات إذ يمكن أن تتجرد المراسيم من خصائص العمومية و التجريد و تبقى قرارات ينتهي مفعولها بمجرد نفاذها و تطبيقها على حالة معينة كما هو الشأن بالنسبة للقرارات الفردية، مما يفتح المجال للمشرع الذي يبقى بيده أمر التصنيف من خلال تحديد القرار الإداري إن كان قرارا فرديا أو قرارا تنظيميا يطلق عليه اسم مرسوم.

المطلب الثاني: تمييز القرار التنظيمي عن القانون.

لقد كان تمييز القانون عن اللائحة { المرسوم أو القرار التنظيمي} أمرا يسيرا في ظل الدساتير الأولى للثورة الفرنسية لكون مبدأ الفصل بين السلطات كان فصلا مطلقا بحيث  كان يمنع على السلطة التنفيذية  منعا كليا التدخل في مجال التشريع، و من ثم كان يسهل تعريف القانون بكونه القاعدة العامة المجردة التي تطبق على كل من تتوافر فيه شروط تطبيقها بحيث لا تخص حالة بعينها أو شخصا بذاته[6]، و أمام تطور تدخلات الإدارة في الحياة العامة فقد تم التخفيف من جمود مبدأ الفصل بين السلطات بحيث أصبح للإدارة إمكانية إصدار مقررات تنظيمية تتضمن قواعد عامة مجردة تقترب في شكلها من القوانين و بالتالي أصبحت الحاجة إلى التمييز بين القانون و اللائحة أكثر إلحاحا من ذي قبل مما حدا بالفقهاء إلى البحث عن معايير خاصة للتمييز بين القانون و التنظيم و قد انتهى هذا البحث إلى إيجاد معيارين مختلفين للتمييز هما المعيار الشكلي و المعيار الموضوعي.

أ- المعيار الشكلي.

يركز أنصار هذا المعيار على صفة القائم بالعمل دون تركيز على مضمون العمل في حد ذاته، و بناءا عليه فقد يتشابه عملين في مضمونهما أو يتطابقان و مع ذلك سيحمل أحدهما الصبغة الإدارية و سيحمل الآخر الصبغة التشريعية فقط لكون السلطة الصادر عنها العمل سلطة إدارية أو تشريعية،[7] و سيكون بالتالي العمل إداريا إذا صدر عن سلطة إدارية و تشريعيا إذا صدر عن سلطة تشريعية.
وبناءا على ما سبق يعرف أنصار هذا المعيار القانون بكونه التصرف الصادر عن البرلمان بناءا على تصويت منه طبقا للقواعد التي يقررها الدستور،دون النظر إلى كونه يتضمن قواعد عامة مجردة أم لا، بينما يعرفون القرار التنظيمي { اللائحة أو المرسوم} بكونه عملا إداريا يصدر عن الإدارة من حيث كونها سلطة إدارية بغض النظر عن مضمونه و محتواه أو مدى تأثيره في المراكز القانونية[8]، حيث يرفض أنصار هذا المعيار اعتبار المقرر التنظيمي تشريعا حتى بالنسبة للمقررات التنظيمية المستقلة التي أشرنا إليها سابقا و التي تستمد مشروعيتها مباشرة من الدستور دون الحاجة إلى وساطة القانون.
و ما يمكن ملاحظته من خلال المعيار الشكلي هو عدم إعطائه أهمية لمضمون العمل في ذاته و اكتفائه بالتركيز على السلطة المصدرة للعمل لتحديد طبيعته و هذا أمر من الصعوبة بما كان نظرا للمرونة التي أصبح  يكتسيها  مبدأ الفصل بين السلطات بحيث يمكن أن تصدر عن السلطة التشريعية أعمال ذات صبغة إدارية كما هو الشأن بالنسبة للقرارات التي يمكن أن تصدر عن البرلمان فيما يتعلق بشؤون موظفيه، كما أن الأعمال الصادرة عن السلطة القضائية لا تعتبر كلها أعمالا قضائية بالضرورة بل يمكن أن تصدر عن هذه السلطة أعمال إدارية بطبيعتها تخضع لمبدأ المشروعية و رقابة القاضي الإداري شأنها شأن بقية الأعمال الإدارية، لذلك كان من الضروري الاستناد على معيار آخر للتمييز بين العمل التشريعي و العمل الإداري يركز على طبيعة العمل في كنهه بدل الاكتفاء بالتركيز على السلطة المصدرة للعمل.

ب -المعيار الموضوعي.

بعكس المعيار الشكلي فإن المعيار الموضوعي يعطي أهمية كبيرة لموضوع العمل في ذاته، و ذالك دون التركيز على الهيئة أو السلطة التي كان العمل صادرا عنها و ذلك تأكيدا من هذا المعيار على أن طبيعة العمل لا تتغير بتغير الهيئات المصدرة له أو تغير الأشكال و المساطر التي يصدر من خلالها العمل.
و استنادا على هذا فإنه يدخل في زمرة الأعمال التشريعية كل من القوانين و اللوائح ما دامت تتضمن قواعد عامة و مجردة ملزمة، فحسب الفقيه هوريو لم تعد صفة العمومية مقصورة على التشريع بل امتدت أيضا إلى اللوائح كما لم تعد خاصية وضع التفصيلات و الجزئيات مقصورة على اللائحة بل امتدت أيضا إلى القانون و خصوصا القوانين التي تمس حقوق الأفراد و حرياتهم بصفة مباشرة، حيث تضطر هذه القوانين المشرع إلى وضع التفصيلات و الجزئيات الضرورية لتطبيقها[9].
و يعرف هوريو اللائحة بكونها تعبيرا عن إرادة الإدارة في شكل قاعدة عامة تقررها هيئة تتمتع بسلطة إصدار اللوائح، و يرى الفقيه أن السلطة اللائحية أمر لا تستغني عنه أي دولة في الوقت الحاضر و يصفها بأنها مظهر هام لسلطات الدولة.
و بشكل عام فأنصار المعيار الموضوعي قد وسعوا من نطاق الأعمال التشريعية بحيث يعتبر عملا تشريعيا كل عمل يكتسي خصائص العمومية و التجريد و هو ما من شأنه أن ينعكس بدوره على نطاق الرقابة القضائية التي يمكن أن تمارس على المقررات التنظيمية أو اللوائح.

المبحث الثاني : المقررات التنظيمية و مبدأ المشروعية.

يقتضي مبدأ المشروعية أن تخضع كل الأعمال و التصرفات الصادرة عن الإدارة للرقابة القضائية كمبدأ عام و إلى اتسم عمل الإدارة بالشطط في استخدام السلطة إلا ما تم استثنائه من هذه الرقابة بنص خاص كما هو الشأن بالنسبة لأعمال السيادة و أعمال السلطة التشريعية، و المقررات التنظيمية كما سبق الذكر هي أعمال تصدر عن السلطة التنفيذية أي أنها تعتبر أعمالا إدارية بحكم المعيار الشكلي و تخضع بالتالي لمبدأ المشروعية و رقابة القضاء الإداري، لكن هذه المقررات تحمل كذلك خصائص العمومية و التجريد التي تميز النصوص القانونية.

المطلب الأول: مشروعية اللوائح في الأنظمة المقارنة.

في ظل الدساتير الفرنسية القديمة كان مبدأ الفصل بين السلطات مبدءا جامدا بحيث لم تكن تمتلك السلطة التنفيذية أي اختصاص تشريعي إلى على سبيل الاستثناء حيث ظل هذا المجال حكرا على السلطة التشريعية ولم تمتلك السلطة التنفيذية أي مجال محجوز فيما يتعلق بالتشريع، بحيث كان المعيار الشكلي الذي تحدثنا عنه سابقا هو السائد في تمييز العمل بين التشريعي و الإداري و بحكم سيادة هذا المعيار و تصلب مبدأ الفصل بين السلطات فقد اعتبرت المقررات التنظيمية سواء التطبيقية أو المستقلة أعمالا إدارية تخضع لمبدأ المشروعية و تمتد إليها رقابة القاضي الإداري،[10] و بعد صدور دستور 1958 فقد تم تحديد مجال القانون و توسيع مجال التنظيم بحيث تبقى المجالات التي لم يحددها المشرع كاختصاص للقانون كلها من اختصاص التنظيم.
و نظرا لاتساع مجال التنظيم مقارنة بمجال القانون و حساسية المجالات التي يمكن أن تشرع فيها السلطة التنفيذية بناءا على ذلك كالمجالات التي تمس حقوق و حريات الأفراد و نظرا لما تشمله اللوائح المستقلة من خصائص العمومية و التجريد التي تجعلها منافسة للنصوص القانونية مما يفتح المجال للانفلات من الرقابة القضائية  و نظرا لغياب رقابة قضائية على المقررات التنظيمية فقد حاول الفقه الفرنسي جاهدا الدفاع عن مبدأ المشروعية حيث اعتبر بعض الفقهاء مثل "Montane De la Roque" أن اللوائح التنظيمية "هي بالأساس أعمال إدارية لا تعدو كونها قرارات إدارية، و بالرغم من تحديد نطاق تشريعي محدد لها بنص الدستور فإن ذلك لا ينفي عنها الصبغة الإدارية و تبقى خاضعة لرقابة القضاء فيما يخص مشروعيتها و ذلك بدعوى تجاوز السلطة أي دعوى الإلغاء"[11].
وقد ذهب جانب من الفقه إلى أن تقلص مجال القانون مقارنة بمجال التنظيم و كذا تمتع اللوائح التنظيمية المستقلة بخصائص العمومية و التجريد لا يعني أنها حلت محل القانون و أخذت مكانه، فلكل من القانون و اللائحة المستقلة مكانه الخاص، كما أن توزيع الاختصاص التشريعي بين القانون و اللائحة لا يعني مطلقا أن اللوائح التنظيمية متساوية مع القوانين، فاللوائح التنظيمية لازالت تعتبر قرارات إدارية وفقا للمعيار الشكلي، و من ثم فإنها تخضع لرقابة القضاء الإداري على مشروعيتها .
لكن هذا الرأي قد وجد من يخالفه في أوساط الفقه الفرنسي، حيث ذهب اتجاه فقهي آخر إلى القول بكون اللوائح المستقلة لا يمكن أن تتضمن عيبا من عيوب المشروعية (أي مخالفة القانون بمعناه الضيق) لكونها تتضمن في ذاتها القواعد القانونية مما يشكل استحالة للطعن فيها لمخالفة القانون.
و يرد الفقيه والين على هذا الطرح بكون الفقه بغالبيته قد اتفق على وجوب انضباط اللوائح التنظيمية المستقلة للمبادئ القانونية العامة و هي القواعد القانونية الغير المكتوبة التي يكتشفها أو يستنبطها القضاء و يعلنها في أحكامه بحيث تكتسب قوة إلزامية، فإذا أمكن انفلات اللوائح التنظيمية من قيود القواعد القانونية بمعناها الضيق كأحد مصادر مبدأ المشروعية فإنها لا يمكن أن تفلت من المبادئ القانونية العامة كأحد المصادر الأساسية لمبدأ المشروعية[12]، و بالتالي ستبقى اللوائح التنظيمية المستقلة خاضعة لمبدأ المشروعية و مصنفة كأعمال إدارية طبقا للمعيار الشكلي و إن منحها الدستور نطاقا محجوزا للتشريع.
و قد قرر مجلس الدولة الفرنسي الالتزام بما وصل إليه الاجتهاد الفقهي بحيث اعتبر اللوائح التنظيمية المستقلة أعمالا إدارية تصدر على شكل قرارات إدارية عامة، و قيدها بضرورة عدم مخالفة المبادئ العامة للقانون، حيث أعلن في قراره في قضية "Syndicat" الصادر سنة 1958 بأن " اللوائح المستقلة و إن لم تخضع للقانون، فإنها تخضع كأي لائحة أخرى لما تقرره المبادئ القانونية العامة[13] ".
كما أعلن في قرار ""ERY  الصادر سنة 1960 " بما أن اللوائح المستقلة كغيرها من اللوائح تصدر عن السلطة الإدارية فهي تخضع لرقابة القضاء الإداري من ناحية مشروعيتها[14] ".
و قد تتابعت قرارات مجلس الدولة في هذا الشأن  مؤكدة الطبيعة الإدارية للوائح المستقلة معتمدا المعيار الشكلي  في التمييز بين القانون و اللائحة مع ضرورة خضوعها للمبادئ القانونية العامة.

المطلب الثاني: مشروعية اللوائح {المراسيم} في النظام القانوني المغربي.

للحديث عن إمكانية مراقبة شرعية المراسيم من قبل القضاء الإداري المغربي يجب الانطلاق من نصين أساسيين هما الفقرة الثانية من الفصل 118 من الدستور التي جاء فيها " كل قرار اتخذ في المجال الإداري، سواء كان تنظيميا أو فرديا، يمكن الطعن فيه أمام الهيئة القضائية الإدارية المختصة" و كذلك المادة 09 من القانون 41-90 المحدث بموجبه محاكم إدارية التي جاء فيها " يظل المجلس الأعلى مختصا بالبث ابتدائيا و انتهائيا  في طلبات الإلغاء بسبب تجاوز السلطة بالنسبة ل:
 
  • المقررات التنظيمية و الفردية الصادرة عن الوزير الأول.
  • قرارات السلطات الإدارية التي يتعدى نطاق تنفيذها دائرة الاختصاص المحلي لمحكمة إدارية.
فبالرجوع للفصل 118 من الدستور نجد أن المشرع قد استخدم اصطلاح المجال الإداري لتحديد نطاق الرقابة القضائية التي يمكن أن تمارس على القرارات الإدارية الفردية  و التنظيمية فهذا المجال يقتصر على القرارات المتعلقة بتسيير و تدبير الإدارة و يخرج عن إطار هذه الرقابة كل قرار لا يتعلق بهذا المجال كالقرارات التي تدخل في اختصاص السلطة التشريعية أو السلطة القضائية، و يساوي المشرع هنا بين القرارات الفردية و القرارات التنظيمية، و من المفيد التذكير بأن المشرع المغربي لم يفرق بين المقررات التنظيمية التطبيقية و المقررات التنظيمية المستقلة التي تستمد شرعيتها مباشرة من نص الدستور دون ارتباط بالقانون ، و المشرع من خلال الفصل 118 من الدستور يتحدث عن مراقبة مشروعية المقررات التنظيمية بطريق دعوى الإلغاء دعوى المشروعية و ليس دعوى المسؤولية الإدارية، و هي دعوى موضوعية تستهدف حماية مبدأ المشروعية أكثر من استهدافها لحماية حق المدعي الطاعن في القرار الإداري، فهي دعوى تركز على مدى احترام القرار الإداري للقانون بمعناه الواسع أكثر من التركيز على إرجاع الحقوق للمتضررين كما هو الشأن بالنسبة لدعوى المسؤولية الإدارية، حيث يقتصر دور القاضي الإداري من خلال دعوى الإلغاء على إعدام القرار الإداري المشوب بعيب من عيوب عدم المشروعية دون أن يتعدى ذلك إلى تغيير المراكز القانونية للمتقاضين أو إرجاع الحال إلى ما كان عليه،التزاما بمبدأ " القاضي يقضي ولا يدير" لكن خطورة هذه الدعوى في مواجهة القرارات التنظيمية تنبع من  خاصية الموضوعية التي تتمتع بها الدعوى فهي ليست دعوى شخصية، حيث ينصرف أثر الحكم القضائي القاضي بإلغاء قرار إداري مشوب بعيب من عيوب المشروعية إلى كافة المعنيين و المرتبطين به وذلك دون تمييز بين الذي تضرر من القرار مباشرة و تقدم بدعوى الإلغاء و غيره من الذين يؤثر القرار المعيب في مراكزهم القانونية و لو لم يتقدموا بالطعن في القرار أمام المحاكم الإدارية.

و انطلاقا من هذا فإن فتح المجال أمام القضاء الإداري لمراقبة مشروعية المراسيم بطريق دعوى الإلغاء من شأنه أن يلغي هذه المقررات التنظيمية التي تتضمن قواعد عامة و مجردة بالنسبة للجميع، حيث يكفي توفر شرط الصفة و المصلحة في مدعي واحد مس القرار التنظيمي بمركزه القانوني ليكون له الحق بالطعن في القرار  عن طريق دعوى الإلغاء و بالتالي إعدام القرار بالنسبة لكافة المعنيين به إذا ثبت أنه مشوب بعيب من عيوب عدم المشروعية، أي إلغاء المرسوم إلغاءا كليا مادام المرسوم  يهم جميع الأفراد اللذين تنطبق عليهم شروط معينة.

و يمكن أن تستثنى من رقابة مبدأ المشروعية بعض المراسيم الخاصة من قبيل مراسيم الضرورة و المراسيم التفويضية و هي ما تعرف بمراسيم القوانين و هي المنصوص عليها في الفصل 70 و 81 من الدستور و هي مقررات تنظيمية تتخذ من طرف الحكومة تحت رعاية البرلمان فهي من حيث القوة القانونية تكون مجرد قرارات تنظيمية تخضع لمبدأ المشروعية لكن بمجرد مصادقة البرلمان على هذه المقررات بصفة نهائية فإنها تنتقل إلى مرتبة القوانين العادية [15] و تتحصن بذلك من رقابة القاضي الإداري كمبدأ عام شأنها شأن القوانين.

و رغم كون الفصل 118 من الدستور قد عمل على تكريس رقابة القضاء الإداري لأول مرة للمقررات التنظيمية من داخل أسمى النصوص القانونية فإن المادة 09 من قانون 41-90 قد أسست سابقا لها النوع من الرقابة من خلال التنصيص على اختصاص المجلس الأعلى  بالبث ابتدائيا و انتهائيا  في طلبات الإلغاء بسبب تجاوز السلطة بالنسبة للمقررات التنظيمية و الفردية الصادرة عن الوزير الأول أي خضوع هذه المقررات لمبدأ المشروعية من خلال رقابة أعلى هيئة قضائية إدارية و هي المجلس الأعلى محكمة النقض حاليا، و الملاحظ أن المشرع من خلال المادة 09 قد ساوى بين المقررات التنظيمية و الفردية الصادرة عن الوزير الأول من حيث خضوعها لرقابة أعلى هيئة قضائية إدارية، حيث لم يجعل المشرع المعيار في خضوع هذه المقررات لهذا النوع من الرقابة هو كون هذه المقررات تنظيمية أو فردية بل المعيار في انعقاد الاختصاص للمجلس الأعلى محكمة النقض حاليا لرقابة هذا النوع من المقررات يرتكز على الجهة المصدرة للقرار، و هذا ينسجم مع ما ذكرناه سابقا من كون المراسيم بالمغرب لا يعني بالضرورة أن تتميز بخصائص العمومية و التجريد، حيث يمكن أن يستنفذ المرسوم مفعوله لمجرد تطبيقه شأنه شأن القرارات الإدارية الفردية، و تكريس هذه الرقابة من داخل الوثيقة الدستورية قد جاء انسجاما مع بقية المقتضيات القانونية التي زخر بها دستور 2011 لاسيما الفصل 122 الذي نص لأول مرة على مسؤولية الدولة عن الخطأ القضائي موسعا بذلك نطاق دعوى المسؤولية الإدارية لتشمل الأعمال القضائية التي كانت تشكل استثناءا من رقابة القضاء الإداري كمبدأ عام فكان منطقيا توسيع مجال دعوى الإلغاء لتشمل المقررات التنظيمية من خلال الفصل 118 من الدستور.

و قد أثارت مسألة كيفية خضوع المقررات التنظيمية لمبدأ المشروعية عدة تساؤلات من قبل الفقه و الاجتهاد القضائي الفرنسي سابقا نظرا لصعوبة تطبيق رقابة مبدأ المشروعية من خلال  العيوب التي يمكن أن يثيرها هذا المبدأ بالنسبة للقرار الإداري و التي يصعب تطبيقها على قرار يختزن في مضمونه قواعد  عامة و مجردة كالقرار التنظيمي لذلك فإن القاضي الإداري قد يتجه لمراقبة مدى احترام المقررات التنظيمية التطبيقية لمضمون النص القانوني المكلفة بتنزيله و تنفيذه كما يمكنه مراقبة مدى احترام المقررات التنظيمية المستقلة للقواعد العامة للقانون و هي مصدر مهم من مصادر مبدأ المشروعية، و هو الأمر الذي ينسجم مع تطور رقابة القضاء الإداري التي أصبحت تمتد أكثر فأكثر تحصينا و حماية لحقوق الأفراد، حيث أصبح القاضي يمارس رقابته من خلال دعوى المسؤولية الإدارية على الأعمال القضائية و الأعمال التشريعية و هو ما يجعل خضوع المقررات التنظيمية لمبدأ المشروعية ينسجم مع هذا التطور تكريسا لعمومية مبدأ المشروعية الذي يجب أن تخضع له كافة الأعمال الصادرة عن الدولة إلى ما استثني بموجب نصوص خاصة تكريسا لدولة الحق و القانون و احتراما لمفهوم المواطنة الذي يرتكز على خضوع المواطن و الدولة على السواء لحكم القانون.
 
 
الهوامش
[1] - مليكة الصروخ، القانون الإداري، دراسة مقارنة، طبعة 2010، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، صفحة 424.
[2] - مليكة الصروخ، مرجع سابق، صفحة 432.
[3] - مولاي هشام إدريسي،القانون و التنظيم في الدستور المغربي، دراسة تحليلية في المفهوم و الإختصاص،المجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية، عدد: 72-73 ، يناير- أبريل 2007، ص:33.
[4] - مولاي هشام إدريسي، مرجع سابق، ص: 34.
[5] - مولاي هشام إدريسي، مرجع سابق، ص: 38.
[6] - عبد العظيم عبد السلام عبد الحميد، العلاقة بين القانون و اللائحة، طبعة 1985،ص: 6، http://ift.tt/2byL4J4
[7] - عبد العظيم عبد السلام عبد الحميد، مرجع سابق، ص:11.
[8] - عبد العظيم عبد السلام عبد الحميد، مرجع سابق، ص:11.
[9] -  عبد العظيم عبد السلام عبد الحميد، مرجع سابق، ص:16.
[10] - عصام علي الدبس، أثر تحديد الطبيعة القانونية للأنظمة المستقلة على الرقابة القضائية على مشروعيتها، دراسة مقارنة، مجلة كلية بغداد للعلوم الإقتصادية الجامعة، العدد 25 سنة 2010،ص: 316.
[11] - عصام علي الدبس، مرجع سابق ص: 317.
[12] - عصام علي الدبس، مرجع سابق ص: 318.
[13] - أورده عصام علي الدبس، مرجع سابق، ص : 318.
[14] - أورده عصام علي الدبس، مرجع سابق، ص : 318.
[15] - عبد القادر باينة، تطبيقات القضاء الإداري بالمغرب،الطبعة الاولى 1988،دار تبقال للنشر،الدار البيضاء، ص :35.



via MarocDroit - موقع العلوم القانونية http://ift.tt/2bTMkDI

حكم المحكمة الإدارية بالرباط القاضي بإلغاء قرار وزير الداخلية بإعادة الانتخابات بمجموع دوائر جماعة السويهلة‎


المملكة المغربية المحكمة الإدارية بالرباط الضبط بالمحكمة الإدارية بالرباط أصل الحكم المحفوظ بكتابة قسم القضاء الشامل حكم رقم : 3185 بتاريخ : 23/08/2016 ملف رقم : 790/7110/2016
حكم المحكمة الإدارية بالرباط القاضي بإلغاء قرار وزير الداخلية بإعادة الانتخابات بمجموع دوائر جماعة السويهلة‎

 باسم جلالة الملك وطبقا للقانون
 
 
بتاريخ  16 غشت 2016

أصدرت المحكمة الإدارية بالرباط وهي متكونة من السادة:
شوقي لعزيزي.....................................رئيسا ومقررا
فتح الله الحمداني........................................... عضوا
هاجر السعيدي..............................................عضوا
بحضور محمد كولي.............................. مفوضا ملكيا
وبمساعدة سعيد الرامي........................... كاتبا الضبط
                         
الحكم الآتي نصه :
 
بين الطاعن :  …...
عنوانه : ……...
نائبه : ………..
 
                                               .................................................... من جهة
 
 
وبين المطلوبين في الطعن : 
ـ الدولة في شخص رئيس الحكومة بمكاتبه بالرباط.
ـ وزير الداخلية بمكاتبه بالرباط.
ـ الوكيل القضائي للمملكة بمكاتبه بالرباط.
ـ الوكيل القضائي للجماعات الترابية بمكاتبه بوزارة الداخلية بالرباط.
 
                                 ................................................... من جهة أخرى
 
 
 
الــوقــائـــع 
 
بناء على عريضة الطعن المسجلة بهذه المحكمة بتاريخ 15/08/2016، أورد فيها الطاعن بواسطة نائبه أنه مستشار جماعي فائز بعضوية ورئاسة جماعة ……. في انتخابات 2015، وأن مجموعة من المستشارين وفي إطار التواطؤ والاحتيال ولتحقيق أهداف شخصية قاموا بتقديم استقالات جماعية في غضون شهر ماي 2016 من مجلس الجماعة المذكورة، وأنه إثر ذلك أصدر والي جهة مراكش آسفي عامل عمالة مراكش، قرارا بتجريد جميع أعضاء المجلس التسعة والعشرون الحاليين لمجلس جماعة ا……. من صفة العضوية بالمجلس، فتقدم الطاعن بتظلم بشأنه، باعتبار أنه لم يقع أي سبب قانوني يبرر التجريد من العضوية أو الإعفاء منها أو العزل أو غيره، وأنه إثر ذلك راسل وزير الداخلية والي جهة مراكش آسفي عامل عمالة مراكش، مخبرا إياه بأنه طبقا للمادة 153 من القانون التنظيمي رقم 11.59 المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية، التي تنص على أنه في حالة فقدان مجلس جماعة ينتخب أعضاؤه عن طريق الاقتراع الفردي، الثلث على الأقل من عدد أعضائه، فإنه يتعين إجراء انتخابات تكميلية في ظرف الثلاثة أشهر الموالية لتاريخ آخر شغور وذلك قصد ملء المناصب الشاغرة فقط، وبالتالي لا يجرد الأعضاء غير المستقيلين من عضويتهم بالمجلس ، وأنه توصل بعد ذلك بمراسلة من والي الجهة عامل عمالة مراكش بتاريخ 27/06/2016، أخبره من خلالها أن الأعضاء غير المستقيلين لا يجردون من عضويتهم بمجلس الجماعة طبقا للمراسلة الصادرة عن وزير الداخلية سالفة الذكر، إلا أنه بتاريخ 28/07/2016 صدر قرار لوزير الداخلية تحت عدد 2283.16 قضى بتحديد تاريخ إجراء انتخابات جزئية لانتخاب أعضاء جدد بمجلس جماعة …. التابعة لعمالة مراكش، ونصت مادته الأولى على أنه "يدعى يوم الخميس 8 سبتمبر 2016 ناخبو مجموع الدوائر الانتخابية بجماعة …. التابعة لعمالة مراكش لانتخاب مجلس جماعي جديد"، و أو ضح الطاعن أن ما تضمنته المادة الأولى من القرار المطعون فيه تتنافى ومقتضيات المادة 9 من القانون التنظيمي رقم 14.113 المتعلق بالجماعات و المادة 153 من القانون التنظيمي رقم 59.11 المتعلق بانتخاب أعضاء المجالس الترابية، مما يجعله مشوبا بتجاوز السلطة لاتسامه بعيب مخالفة القانون، لأجل ذلك التمس الحكم بإلغاء القرار الصادر عن وزير الداخلية تحت عدد 2283.16 بتاريخ 23 شوال (28/07/2016) المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6489 ـ 4 ذو القعدة (8 أغسطس 2016) القاضي بتحديد تاريخ إجراء انتخابات جزئية لانتخاب أعضاء جدد بمجلس جماعة ال….. التابعة لعمالة مراكش.

وبناء على المقال الإصلاحي المدلى به من طرف الطاعن بواسطة نائبه بتاريخ 23/08/2016، الرامي إلى الإشهاد بإصلاحه لمقال الدعوى وذلك بجعلها موجهة ضد الوكيل القضائي للجماعات الترابية بدل المساعد القضائي للمملكة الكائن بمكاتبه بوزارة الداخلية.
وبناء على المذكرة الجوابية المدلى بها من طرف الوكيل القضائي للمملكة بجلسة 23/08/2016، الرامية من حيث الشكل إلى الحكم بعدم قبول الطلب لاستنفاذه بدعوى معروضة أمام المحكمة الإدارية بمراكش، باعتبار أن الطاعن تقدم بنفس الطعن أمام المحكمة الإدارية بمراكش بتاريخ 11/08/2016 فتح له الملف رقم 300/7110/2016 طلب بواسطته إلغاء نفس القرار المطعون فيه حاليا، و  من حيث الموضوع التمس فيها الحكم برفض الطلب، لكون الإطار القانوني المؤطر للنازلة و على أساسه صدر القرار المطعون فيه هي المقتضيات الواردة في المادتين 74 و75 من القانون التنظيمي رقم 14.113 المتعلق بالجماعات، باعتبار أن المجلس الجماعي …… انقطع عن مزاولة مهامه على إثر استقالة أكثر من نصف أعضائه المزاولين مهامهم وهي الحالة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 75  من القانون التنظيمي رقم 14.113 المتعلق بالجماعات التي تنص على أنه "وإذا انقطع المجلس عن مزاولة مهامه على إثر استقالة نصف عدد أعضائه المزاولين مهامهم على الأقل، بعد استيفاء جميع الإجراءات المتعلقة بالتعويض طبقا لمقتضيات القانون التنظيمي رقم 59.11، وجب انتخاب أعضاء المجلس الجديد داخل أجل ثلاثة (3) أشهر من تاريخ الانقطاع عن مزاولة مهامه"، وأنه يستشف من المقتضى المذكور أن وجود المجلس في حالة انقطاع عن مزاولة مهامه يستوجب إعادة انتخاب أعضاء المجلس برمته استنادا إلى صيغة العموم والإطلاق الواردة بها مقتضياته علما أن هذا النص هو الواجب التطبيق باعتباره نصا خاصا ينطبق على الحالة ويهم تدبير الجماعات وليس مقتضيات المادة 153 من القانون التنظيمي رقم 11.59، وأنه خلافا لما أثاره الطاعن فإن الرسالة الموجهة من وزير الداخلية لوالي جهة مراكش أسفي عامل عمالة مراكش، وردت في سياق الاستشارة التي طلبها الوالي من وزير الداخلية بخصوص إمكانية القيام بتجريد أعضاء المجلس غير المستقلين من عضويتهم من أجل تسوية وضعية المجلس، والتي أكد له فيها عدم إمكانية القيام بذلك مشيرا للمادة 153 سالفة الذكر، والتي تتضمن مجرد رأي ولا ترقى إلى درجة القرار الإداري حتى يمكن الاستدلال بها للقول بوجود تناقض بينها وبين القرار المطعون فيه لمجرد صدورهما من جهة واحدة، وفضلا عن ذلك فإن ما تضمنته تلك الرسالة من وجوب تطبيق المادة 153 السالفة الذكر، إنما أتى في سياق تطبيق المقتضى بشكل عام ليس إلا وليس اعتماده كأساس للتطبيق بأن يتم القيام بانتخابات تكميلية بخلاف تام لمقتضيات المادتين 74 و75 من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات، كما أن استناد الطاعن إلى المادة 153 للقول بإجراء انتخابات تكميلية للأعضاء المستقيلين في حالة فقدان المجلس الجماعي الثلث من أعضائه وليس بانتخاب جميع الأعضاء أي المجلس كله غير مؤسس، باعتبار أن القانون التنظيمي رقم 59.11  المتعلق بانتخاب مجالس الجماعات الترابية يتضمن الإطار العام، وقد سن المشرع قوانين تنظيمية تحدد كل منها انتخاب وتدبير كل نوع من هذه الجماعات وخص الجماعات المحلية سواء منها الحضرية أو القروية بالقانون التنظيمي رقم 14.113 والذي بالرجوع للفقرة السادسة من المادة 153 منه التي تنص على انه "إذا فقد مجلس جماعة ينتخب أعضاؤه عن طريق الاقتراع الفردي لأي سبب آخر غير الأسباب المشار إليها في الفقرة السابقة، الثلث على الأقل من عدد أعضائه، وجب إجراء انتخابات تكميلية في ظرف الثلاثة أشهر الموالية لتاريخ أخر شغور ما عدا إذا صادف ذلك الأشهر الثلاثة السابقة لتاريخ التجديد العام للمجالس الجماعية"، نجدها قد ربطت وجوب القيام بانتخابات تكميلية بحالة فقدان مجلس جماعة نسبة الثلث على الأقل من عدد أعضائه ولم تتضمن وضع حد لامتداد هذه النسبة ومنها حالة فقدان النصف أو أكثر من أعضائه، على باعتبار أن ذلك سيؤدي إلى فقد الأغلبية داخل المجلس، لذلك فإن المادة 75 من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات حددت النسبة للقيام بانتخاب المجلس بأكمله وليس القيام بانتخابات تكميلية في حالة انقطاع المجلس عن مزاولة مهامه باستقالة نصف الأعضاء على الأقل، وبالتالي فإن استقالة ثلث الأعضاء على الأقل يكون غير ممكن في حالة استقالة نصف الأعضاء فما فوق وهو ما عالجته المادة 75 السالفة الذكر، علما أن القانون الخاص يكون واجب التطبيق على القانون العام كما أن القانون اللاحق يقدم على القانون السابق، مشيرا إلى أن المادة 153 من القانون التنظيمي المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية، لا يمكن تطبيقها بشأن مسألة التعويض على أساس أننا أمام انتخاب مجلس مقترع بالانتخاب الفردي وليس باللائحة، وأن المادة 75 من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات نصت على وجوب القيام بانتخاب مجلس جديد ولم تفرق بين الأعضاء المستقيلين أو الشاغرين أو الذين ما زالوا أعضاء، وأن مقتضيات المادة 9 من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات التي تنص على حالات التجريد لا علاقة لها بنازلة الحال على اعتبار أن القرار المطعون فيه لم ينص على تجريد أعضاء المجلس من عضويتهم وإنما نص على إجراء انتخابات المجلس الجديد طبقا لمقتضيات المادة 75 من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات، الذي حدد الحالة التي يجب القيام فيها بهذه الانتخابات بعد ثبوت وجود الجماعة في نفس تلك الحالة والتي لا ينازع الطاعن بشأنها، الأمر الذي يجعل هذا الإدعاء عديم الأساس.        

وبناء على الوثائق الأخرى المدرجة بالملف.

وبناء على الإعلام بإدراج القضية بجلستين كانت آخرها الجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ 23/08/2016.
وبناء على المناداة على الأطراف ومن ينوب عنهم وحضورهم، فقررت المحكمة اعتبار القضية جاهزة، وأعطيت الكلمة للمفوض الملكي الذي التمس رفض الطلب، فتم حجز القضية للمداولة لآخر الجلسة.
 
وبعد المداولة طبقا للقانون

في الشكل:

حيث دفع الوكيل القضائي للمملكة بعدم قبول الطلب لاستنفاذه بدعوى معروضة أمام المحكمة الإدارية بمراكش، باعتبار أن الطاعن تقدم بنفس الطعن أمام هذه الأخيرة بتاريخ 11/08/2016 فتح له ملف رقم 300/7110/2016 والذي طلب بواسطته إلغاء نفس القرار المطعون فيه حاليا.
لكن حيث إنه خلافا لما ارتكز عليه الدفع المثار أعلاه، فإن المشرع لم يجعل إقامة نفس الدعوى أمام محكمتين مختلفتين من موجبات عدم القبول، وأنه لئن كان البت فيهما ينتج عنه احتمال صدور حكمين متناقضين، فإن البين من نص الفصلين 109 و49 من قانون المسطرة المدنية، أن الآلية الإجرائية التي جعلها المشرع بيد الخصوم لتلافي هذا التناقض، هي الدفع بإحالة الملف إلى المحكمة الأخرى المرفوع أمامها الطلب، وهو دفع لا يتعلق بالنظام العام بدليل عدم إمكانية إثارته في جميع مراحل الدعوى واشتراط التمسك به قبل كل دفاع في الجوهر وإلا كان غير مقبول، حسب البين من نص الفصل 49 من نفس القانون وتنصيص الفصل 109 منه صراحة على كون إثارة هذا الدفع ينبغي أن يتم بطلب من الأطراف، ولذلك فإن الجهة المطلوبة في الطعن لما لم تتمسك بهذا الدفع، ولم تؤسس دفعها بعدم القبول على ما يجعله منتجا، تكون المآخذ الشكلية التي أثارتها بهذا الصدد غير ذات أساس، وفضلا عن ذلك ولما كان الدفع بعدم القبول في هذه الحالة لا يتعلق بالنظام بدليل ربط المادة 49 الأخذ به بضرورة إثارته قبل كل دفاع في الجوهر، فإن الوكيل القضائي مثير الدفع لما لم يُدلِ بالملف بما يثبت رفع نفس الدعوى الحالية أمام المحكمة الإدارية بمراكش حسب ما تمسك به، أي بنسخة من مقال الطعن مؤشر عليها من كتابة ضبط المحكمة المذكورة، يكون دفعه غير ذي أساس من الواقع، لعدم ثبوت ما ارتكز عليه من وجود دعوى جارية بنفس الموضوع أمامها، الأمر الذي يجعل الدفع غير مؤسس ويتعين معه التصريح برده.

وحيث إنه فضلا عن ذلك فقد قدم الطلب مستوفيا لباقي الشروط الشكلية المتطلبة قانونا ، لذا فهو مقبول.

في الموضوع: حيث يهدف الطلب إلى الحكم بإلغاء قرار وزير الداخلية عدد 2283.16 بتاريخ 23 شوال (28/07/2016) المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6489 ـ 4 ذو القعدة (8 أغسطس 2016)، القاضي بتحديد تاريخ إجراء انتخابات جزئية لانتخاب أعضاء جدد بمجلس جماعة التابعة لعمالة مراكش.

وحيث أسس الطاعن طلبه على وسيلة فريدة مستمدة من خرق القرار المطعون فيه للقانون مجسدا في المادة 153 من القانون التنظيمي المتعلق بانتخاب أعضاء المجالس الترابية والمادة 9 من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات، لكونه قضى بإعادة الانتخابات بمجموع دوائر الجماعة، والحال أن المقاعد الشاغرة نتيجة استقالة بعض أعضاء المجلس لا تتعدى 18 مقعدا من أصل 29 عضوا، ولذلك يبقى من غير المبرر إجراء انتخابات في الدوائر التي لا يزال الأعضاء المنتخبون عنها مزاولين مهامهم.

وحيث إن الثابت من وثائق الملف، أن القرار المطعون فيه نص في مادته الأولى على أنه ""يدعى يوم الخميس 8 سبتمبر 2016 ناخبو مجموع الدوائر الانتخابية بجماعة التابعة لعمالة مراكش لانتخاب مجلس جماعي جديد"، وهو قرار صدر نتيجة تقديم ثمانية عشر (18) عضوا من أعضاء المجلس الجماعي  من أصل تسعة وعشرون عضوا (29) لاستقالتهم، معلنا بذلك وجوب إجراء انتخاب جميع أعضاء المجلس دون تمييزه بين الأعضاء المستقيلين وغير المستقيلين، حسب ما أكده الوكيل القضائي للمملكة بمذكرته الجوابية المدلى بها بتاريخ 23/08/2016، مبررا ذلك بما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 75 من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات التي تنص على أنه "وإذا انقطع المجلس عن مزاولة مهامه على إثر استقالة نصف عدد أعضائه المزاولين مهامهم على الأقل، بعد استيفاء جميع الإجراءات المتعلقة بالتعويض طبقا لمقتضيات القانون التنظيمي رقم 59.11، وجب انتخاب أعضاء المجلس الجديد داخل أجل ثلاثة (3) أشهر من تاريخ الانقطاع عن مزاولة مهامه".

وحيث تنص المادة 153 من القانون التنظيمي رقم 59.11 المتعلق بانتخابات أعضاء مجالس الجماعات الترابية، على أنه "إذا فقد مجلس جماعة ينتخب أعضاؤه عن طريق الاقتراع الفردي لأي سبب آخر غير الأسباب المشار إليها في الفقرة السابقة (يتعلق الأمر بحالة إلغاء الانتخابات)، الثلث على الأقل من عدد أعضائه، وجب إجراء انتخابات تكميلية في ظرف الثلاثة أشهر الموالية لتاريخ آخر شغور ما عدا إذا صادف ذلك الأشهر الثلاثة السابقة لتاريخ التجديد العام للمجالس الجماعية".

وحيث إن البين من هذه المادة أن ما يوجبه المشرع في حالة فقدان المجلس لثلث أعضائه على الأقل هو إجراء "انتخابات تكميلية"، وهي الصيغة التي يستفاد منها أن الانتخابات ينبغي أن تقتصر على الدوائر التي فقد الأعضاء المنتخبون عنها مقاعدهم من أجل تكملة التركيبة الناقصة للمجلس، بما يترتب عنه استمرار الأعضاء الذين لم يفقدوا مقاعدهم في شغل عضويته، ولما كان البين في النازلة أن عدد الأعضاء الذين قدموا استقالاتهم من مجلس جماعة السويهلة هو 18 عضوا من أصل 29 عضو، بما يتحقق معه تجاوز نسبة ثلث المقاعد المفقودة بالمجلس، فإن شروط إجراء انتخابات تكميلية حسب التحديد الوارد بالمادة المذكورة تكون قد تحققت، ما دام أن مقتضياتها رتبت نفس الجزاء بالنسبة لجميع حالات فقدان العضوية بما في ذلك الاستقالة كما في نازلة الحال، ومن ثم فإن القرار المطعون لما نحى خلاف ذلك وقرر إجراء انتخابات جزئية تشمل جميع دوائر الجماعة المذكورة، بما في ذلك الدوائر التي لا يزال الأعضاء المنتخبون عنها مكتسبين لصفة العضوية في المجلس، يكون قد خرق القانون.

وحيث دفع الوكيل القضائي للمملكة بكون المادة 153 المستدل بها أعلاه لا تنطبق على النازلة، باعتبارها مندرجة ضمن القانون التنظيمي رقم 59.11 وهو نص عام يتعلق بانتخابات أعضاء جميع مجالس الجماعات الترابية، بما في ذلك مجالس الجهات والأقاليم والعمالات، ولذلك لا تطبق مقتضياته بخصوص النازلة، لوجود نص خاص لاحق من حيث الصدور يتضمن أحكاما مختلفة تجعل الانتخابات في حالة استقالة نصف الأعضاء على الأقل شاملة لمجموع الدوائر، وهو القانون التنظيمي رقم 113.14 باعتباره قانون ينحصر سريانه على الجماعات ومقتضياته أولى بالتطبيق، إذ ينص في مادته 75 على أنه "إذا انقطع المجلس عن مزاولة مهامه على إثر استقالة نصف أعضائه المزاولين مهامهم على الأقل، بعد استيفاء جميع الإجراءات المتعلقة بمسطرة التعويض طبقا لمقتضيات القانون التنظيمي رقم 59.11، وجب إجراء انتخاب أعضاء المجلس الجديد داخل أجل ثلاثة أشهر من تاريخ انقطاعه عن مزاولة مهامه"

لكن حيث إنه بالرجوع للمادة 75 المتمسك بها من طرف الوكيل القضائي، يتبين أن مقتضياتها لا تتضمن ما يجعل انقطاع المجلس عن مزاولة مهامه بسبب استقالة نصف أعضاء المجلس الجماعي على الأقل سببا لإعادة انتخاب كامل الأعضاء، ذلك أن المقطع الأخير الذي ورد به "وجب إجراء انتخاب أعضاء المجلس الجديد" وفقا لما تمسك به الوكيل القضائي، لا يمكن اعتباره مدخلا لتفسير المادة المذكورة بكونها تجعل الانتخابات في هذه الحالة شاملة لمجموع الدوائر، ما دام أن منهجية تفسير النصوص القانونية تقتضي تجنب البحث في معنى الأخيرة بطريق تجزيئي، إذ لا يُتوصل إلى المقصود منها إلا بتفسيرها في شموليتها وتكاملها وربط بعضها ببعضها، من منطلق أن أول ما يُلجا إليه في فهم النصوص القانونية هو تفسيرها انطلاقا من نصوص القانون ذاتها، وإعمالا لذلك وبالرجوع للمادة 75 المذكورة يتبين تنصيصها على أن انتخابات أعضاء المجلس الجديد تُجرى، بعد استيفاء مسطرة التعويض، ولما كان البين من المادة 153 من القانون التنظيمي رقم 59.11 أن إعمال هذه المسطرة يقتضي تعويض العضو الذي فقد مقعده بعضو آخر، فإن ذلك يعني أن تقرير إجراء الانتخابات ينبغي أن يأخذ في الاعتبار الأعضاء الذي اكتسبوا العضوية عن طريق تطبيق مسطرة التعويض في هذه الحالة، ولذلك لا يمكن أن تشمل الانتخابات الدوائر التي يمثلونها، إذ من غير المستساغ أن يتقرر إكسابهم العضوية عن طريق المسطرة المذكورة بسبب استقالة الأعضاء وفق النسبة المحددة سلفا، وفي نفس الوقت إجراء انتخابات شاملة لمجموع الدوائر للسبب ذاته، بما يجعل مقاعدهم مصنفة ضمن المقاعد الشاغرة المقرر شغلها عن طريق الانتخابات المذكورة، وهو ما يؤكد أن قصد المشرع اتجه إلى الإبقاء على عضويتهم بالمجلس من غير أن تستهدف الانتخابات المنصوص عليها شغل مقاعدهم من جديد، ومن ثم فإن هذه الصيغة يستشف منها اتجاه قصد المشرع إلى الإبقاء بصورة أَوْلَى على الأعضاء الذين لم يفقدوا مقاعدهم أصلا نتيجة عدم تقديمهم للاستقالة، إذ أن عدم شمول الانتخابات للمقاعد التي تم شغلها عن طريق التعويض، يقتضي بالأولوية عدم شمولها للمقاعد التي لم تعرف حالة الشغور أصلا نتيجة عدم تقديم الاستقالة، وهذا الفهم للفقرة الثانية من المادة 75 أعلاه، يؤكده التمييز الواضح الذي ينتج عن مقارنتها بالفقرة الأولى التي جعلت حل المجلس يستوجب المرور مباشرة لإجراء انتخابات أعضاء المجلس الجديد، دون ربط ذلك باستيفاء مسطرة التعويض، بما يجعل الانتخابات في هذه الحالة شاملة لمجموع الدوائر، بينما جاءت الفقرة الثانية بخصوص حالة انقطاع المجلس عن مزاولة مهامه إثر استقالة نصف أعضائه على الأقل، بصيغة مختلفة عندما ربطت إجراء الانتخابات بسبقية استيفاء مسطرة التعويض، بما يستوجب استمرار من تقررت عضويتهم عن طريق التعويض إلى جانب من لم يفقدوا عضويتهم نتيجة عدم الاستقالة وعدم شمول الانتخابات للدوائر التي يمثلونها، ولو كان قصد المشرع غير هذا المعنى، لجاءت الفقرة الثانية المتعلقة بحالة الانقطاع مطابقة لما نصت عليه الفقرة الأولى بخصوص حالة حل المجلس (التي تتقرر بسبب امتناعه عن مزاوله مهامه مثلا حسب المادة 73 من القانون التنظيمي رقم 113.14) ، كما أن ورود المادة 75 بصيغة "وجب إجراء انتخاب أعضاء المجلس الجديد" لا تحمل في معناها ومبناها ما يمكن أن يستشف منه إجراء انتخابات تشمل جميع دوائر الجماعة التي استقال نصف أعضائها على الأقل، إذ يقصد بصيغة "أعضاء المجلس" أولئك الأعضاء الذين أصبحت مقاعدهم شاغرة بسبب الاستقالة دون غيرهم، ولا يعاكس هذا المَعنى عدم التنصيص اللفظي على ما يدل عليه، لكونه مستنبط من تقدير الكلام في سياقه المُؤَطر بما جاء في نفس الفقرة التي أوردت لفظ الأعضاء مقترنا بما أقدم عليه "نصفهم على الأقل" من تقديم استقالتهم، ولذلك فما تقرر بالنسبة لهم من انتخابات لتعويض مقاعدهم يظل هو الآخر متعلقا بـ "نصفهم على الأقل"، بما يستفاد منه الطابع غير الشامل لهذه الانتخابات التي يقتصر نطاقها على الدوائر التي فقدت ممثليها في المجلس، أما ما تضمنته نفس المادة من ربط الأعضاء المطلوب انتخابهم بـ "المجلس الجديد"، فجاءت مراعاة لكون المجلس أصبح في حالة انقطاع وفقا لما تقضي به الفقرة الأولى منها، ولذلك فتكملة تركيبته عن طريق ملأ المقاعد الشاغرة التي فاقت النصف يجعل منه مجلسا جديدا في مفهوم نفس المادة يستأنف مهامه بتركيبته الجديدة المستوفاة عن طريق الانتخابات التكميلية.

وحيث إنه لئن تعلقت الانتخابات في النازلة بالاقتراع الفردي، فإن ذلك لا تأثير له على ما ذهبت إليه المحكمة من تعليل مسطر أعلاه، إذ أنه لئن كانت مسطرة التعويض لا تتقرر إلا في حالة الاقتراع باللائحة، فإن عدم ارتباط النزاع في النازلة بهذا النوع من الانتخابات لا يعدم انطباق التعليل المشار إليه أعلاه على الاقتراع الفردي، من منطلق أن تفسير وجه تقييد المشرع لإجراء انتخاب أعضاء المجلس في حالة المادة 75 باستيفاء مسطرة التعويض وفقا لما ورد أعلاه، لا يستهدف الإلزام بسلوك هذه المسطرة في جميع الحالات، بل يهدف فقط إلى البحث في غاية المشرع من هذا التقييد للقول بوجوب استمرار الأعضاء المكتسبين للعضوية عن طريق مسطرة التعويض في حالة اللجوء إليها، للوصول عبر القياس من باب أولى إلى ما استهدفه من إبقاءٍ على المقاعد التي لم يقدم أصحابها استقالاتهم، ولذلك فإن عدم تطبيق مسطرة التعويض لتعلق الأمر بالاقتراع الفردي، لا يغير من حق الأعضاء غير المستقيلين في استمرار عضويتهم، لأن التفسير أعلاه يقتضي إقرار ما تم استنتاجه من أولوية استمرار الأعضاء غير المستقيلين في مزاولة مهامهم.
وحيث إنه استنادا إلى ذلك تكون المادة 153 من القانون التنظيمي رقم 59.11 المتعلق بانتخابات أعضاء مجالس الجماعات الترابية غير متضمنة لأي تعارض مع المادة 75 من القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات، ولذلك لا وجه لإعمال قاعدة النص الخاص يقيد النص العام لترجيح تطبيق القانون التنظيمي المذكور أخيرا وفقا لما تمسك به الوكيل القضائي للمملكة، ويبقى ما ساقته الجهة الطاعنة من دفوع لإظهار النتائج المختلفة المؤسسة على اختلاف نسبة الأعضاء المستقيلين المتطلبة لإجراء الانتخابات في كلا المادتين، غير مؤسس، إذ أن اشتراط المادة 153 أعلاه استقالة الأعضاء بنسبة الثلث على الأقل لترتيب الآثار المسطرة بها، في مقابل تنصيص المادة 75 على نسبة النصف على الأقل، يظل غير حامل لأي تعارض، ما دام أن سياق كلا المادتين مختلف عن الآخر، ذلك أنه من جهة أولى فاعتماد المشرع في المادة  153 من القانون التنظيمي رقم 59.11 على نسبة ثلث الأعضاء على الأقل جاء فقط بغاية تحديد شروط إجراء انتخابات تكميلية دون أي أثر آخر، بينما جاء نص المذكورة 75 من القانون التنظيمي للجماعات على استقالة الأعضاء بنسبة النصف على الأقل بهدف ترتيب ما قرره من ثبوت انقطاع المجلس عن مزاولة مهامه في هذه الحالة على أساس ورود هذه المادة ضمن الباب الثالث من القسم الأول من القانون التنظيمي المذكور المعنون بالنظام الأساسي للمنتخب، وجاء بعده النص على تنظيم انتخابات تعويض المقاعد الشاغرة بشكل تبعي، في انسجام مع ما تقتضيه المادة 153 من القانون التنظيمي رقم 59.11 على أساس أن تجاوز نسبة الأعضاء المستقيلين النصف يعني تجاوزها لنسبة الثلث التي تشترطها المادة الأخيرة لإجراء انتخابات تكميلية، ولذلك فإن التوفيق بين المادتين يؤدي لاعتبار استقالة نصف أعضاء المجلس على الأقل مؤديا لانقطاع المجلس عن مزاولة مهامه وتعيين لجنة خاصة بقرار السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية تمارس مهام المجلس ورئيسه إعمالا للمادة 74 من القانون التنظيمي للجماعات، ثم إجراء انتخابات تكميلية لتعويض المقاعد الشاغرة، بينما يؤدي استقالة ثلث الأعضاء على الأقل بما لا يصل للنصف، إلى إجراء انتخابات تكميلية دون اعتبار المجلس في حالة انقطاع ودون تعيين اللجنة المذكورة.

وحيث إنه تأسيسا على ما تم بسطه أعلاه، يكون القرار المطعون فيه لما قضى بإجراء انتخابات بمجموع دوائر جماعة السويهلة خارقا للمادة 153 من القانون التنظيمي رقم 59.11 المتعلق بانتخابات أعضاء المجالس الجماعية والمادة 75 من القانون التنظيمي 113.14 المتعلق بالجماعات مما يجعله مشوبا بعيب مخالفة القانون وهو بذلك متسم بتجاوز السلطة، الأمر الذي يبقى معه طلب إلغائه مبنيا على أساس قانوني سليم ويتعين الاستجابة له.
وحيث إن طلب النفاذ المعجل غير مبرر، خصوصا أمام صدور حكم قضى بإيقاف تنفيذ القرار المطعون فيه، مما يتعين معه التصريح برفضه.
  
المنطوق
 
وتطبيقا لمقتضيات القانون رقم 90/41 المحدث للمحاكم الإدارية.
 
لهذه الاسباب
 
قضت المحكمة الإدارية علنيا ابتدائيا وحضوريا:
 
في الشكل: بقبول الطلب
في الموضوع: بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب عن ذلك قانونا وبرفض باقي الطلب.
وبهذا صدر الحكم في اليوم والشهر والسنة المبين أعلاه.
 
إمضــــــاء:
 
الرئيس والمقرر                                                              كاتب الضبط    



via MarocDroit - موقع العلوم القانونية http://ift.tt/2bA0w1I

مدونة السير ومنشور وزير العدل يمنعان اعتراض المركبات بالطريق السيار


ذ/ بوستاني الغوتي محام بهيئة المحامين بالدار البيضاء
مدونة السير ومنشور وزير العدل يمنعان اعتراض المركبات بالطريق السيار

لقد عرف المشرع المغربي بمقتضى المادة 85 من مدونة السير الطريق السيار بأنها:" طريق ذات غرض خاص لا تتقاطع مع غيرها، وينفذ منها وإليها من منافذ خاصة معدة لذلك، ويقتصر المرور بها على المركبات التي تكون مجهزة بمحرك آلي وخاضعة للتسجيل..."

وتبعا لذلك فان هذه الخاصية المادية التي تتميز بها الطرق السيارة، قد انعكست على جانبها القانوني بأن خصتها مدونة السير بمجموعة من الإجراءات التي تختلف عن باقي الطرق العمومية، ولعل أهمها السماح للمركبات بالسير بها بسرعة أقصاها مائة وعشرون كلومتر في الساعة.
لذلك كان حكمة من المشرع المغربي منع اعتراض العربات او المركبات التي تسير غالبا بالسرعة القصوى أو تتجاوز ذلك، ولوكان سائقوها قد خالفوا أحكام السير بها بتجاوزهم للسرعة المحددة، وتم معاينة ذلك بالرادار أو بأي وسيلة أخرى، لما يحف اعتراضها الفوري من مخاطر على سلامة السائق والضباط أوالأعوان وباقي المركبات والسائقين الذين هم الآخرون يقودون سياراتهم بسرعة قصوى او تتجاوز الحد الأقصى.
 
فظرا لأن هذه الطرق لا يمكن أن ينفذ منها إلا من مخارج معدة لذلك حسب تعريف المادة 85 من مدونة السير، فإن هذه الخاصية تسمح للضباط والأعوان المكلفين بمراقبة ومعاينة المخالفات وجنح السير بها والتي يتم معاينتها آليا أوبأي وسيلة أخرى إلى ضبط مرتكبيها بنقط الأداء أوالخروج من الطريق السيار، مما يغني عن محاولة الاعتراض الفوري بالطريق السيار.

لذلك فان مدونة السير بالمادة 192 قد منعت اعتراض المركبات بالطريق السيار من طرف الضباط أو الأعوان المشار إليهم في المادة 190 من نفس المدونة.

فالمادة 192 من مدونة السير وهي تعدد الشروط المشتركة لسلامة المراقبة من الناحية القانونية والواقعية بالطرق العمومية و الطريق السيار من ضرورة حمل الضباط والأعوان للبطاقة أو الشارة التي تعرف بصاحبها... وضرورة التشوير عن بعد بوجود نقط مراقبة سواء بالليل أو النهار، فقد اضافت بفقرتها الأخيرة الى هذه الشروط المشتركة شرط خاص بالطريق السيار وهو تحديد الأمكنة المسموح فيهاباعتراض المركبات  بمفهوم المخالفة للمنع من اعتراضها بغير محطات الأداء ونقط الخروج، حيث جاء في الفقرة المذكورة ما يلي: "غير أن اعتراض المركبات على الطريق السيار من لدن الضباط والأعوان المذكورين، لا يمكن أن يتم إلا عند محطات الأداء وعند نقط الخروج من الطريق السيار."

وإذا كان المشرع بمدونة السير قد قرر بالمادة 81 عقوبة عدم الامتثال للأمر بالتوقف الموجه إلى السائق من قبل العون محرر المحضر أو أحد الموظفين أو الأعوان الكلفين بمعاينة المخالفات ... في غرامة من 1200 إلى 2000 درهم، فان المادة 193  لما أوجبت على السائق الامتثال قد  اشترطت ان يكون الامر بالتوقيف مستوف للشروط المشتركة  بين كافة الطرق العمومية وكذلك الخاصة بالطريق السيارةالمشار اليها بالمادة 192 والمتمثلة في  أن يتم توجيه الأمر بالتوقيف في الأماكن المحددة في المادة 192 من مدونة السير حصرا في نقط الخروج ومحطات الأداء، مما يبدو معه ان  المشرع قد اقر جزاءعلى عدم توفر الشرط المحدد في المادة 192 وهو افراغ الأمر بالتوقيف من محتواه لعدم قانونيته وجعل الامتناع عن تنفيذه او رفضه لا يشكل  مخالفة عدم الامتثال ويفرغ أيضا المحضر المحرر من حجيته.

وفضلا عن ذلك فان اعتراض المركبات بالطريق السيار يشكل مخالفة لمنشور السيد وزير العدل والحريات رقم 1 س 3 الصادر عنه بتاريخ 24/01/2012 حول مراقبة المخالفات بالرادار داخل الطرق السيارة والموجه الى السادة الوكلاء العامين لدى محاكم الاستئناف ووكلاء الملك لدى المحاكم الابتدائية باعتبارهم ضباط سامين للشرطة القضائية طبقا للمادة 19 من قانون المسطرة الجنائية والتي جاء فيها ما يلي:

"... لا يخفى عليكم ان القانون رقم 52.05 المتعلق بمدونة السير على الطرق ونصوصه التنظيمية قد اقر مجموعة من الضوابط القانونية الواجب مراعاتها من طرف الاعوان المكلفين بمراقبة ومعاينة مخالفات وجنح السير بالطرق السيارة، لا سيما فيما يخص وجوب تقيد أعوان المراقبة عند اعتراض المركبات على الطرق السيار بمحطات الأداء ونقط الخروج من الطرق السيار التزاما بمقتضيات الفقرة الثالثة من المادة 192 من مدونة السير على الطرق.

وبالنظر لما تشكله عملية اعتراض المركبات بالطرق السيارة خارج الأماكن المحددة أعلاه من خطورة على مستعملي الطريق وسلامتهم، وما يمكن ان يطال المحاضر المعدة على إثرها من جزاءات تفرغها من حجيتها القانونية في اثبات المخالفات، فاني اطلب منكم السهر على اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان التزام الاعوان المكلفين بمراقبة ومعاينة مخالفات وجنح السير بالطرق السيارة بالضوابط القانونية الخاصة باعتراض المركبات."



via MarocDroit - موقع العلوم القانونية http://ift.tt/2c4EohA

حكم المحكمة الإدارية بالرباط القاضي بإلغاء قرار وزير الداخلية بإعادة الانتخابات بمجموع دوائر جماعة السويهلة‎


المملكة المغربية المحكمة الإدارية بالرباط الضبط بالمحكمة الإدارية بالرباط أصل الحكم المحفوظ بكتابة قسم القضاء الشامل حكم رقم : 3185 بتاريخ : 23/08/2016 ملف رقم : 790/7110/2016
حكم المحكمة الإدارية بالرباط القاضي بإلغاء قرار وزير الداخلية بإعادة الانتخابات بمجموع دوائر جماعة السويهلة‎

 باسم جلالة الملك وطبقا للقانون
 
 
بتاريخ  16 غشت 2016

أصدرت المحكمة الإدارية بالرباط وهي متكونة من السادة:
شوقي لعزيزي.....................................رئيسا ومقررا
فتح الله الحمداني........................................... عضوا
هاجر السعيدي..............................................عضوا
بحضور محمد كولي.............................. مفوضا ملكيا
وبمساعدة سعيد الرامي........................... كاتبا الضبط
                         
الحكم الآتي نصه :
 
بين الطاعن :  …...
عنوانه : ……...
نائبه : ………..
 
                                               .................................................... من جهة
 
 
وبين المطلوبين في الطعن :
ـ الدولة في شخص رئيس الحكومة بمكاتبه بالرباط.
ـ وزير الداخلية بمكاتبه بالرباط.
ـ الوكيل القضائي للمملكة بمكاتبه بالرباط.
ـ الوكيل القضائي للجماعات الترابية بمكاتبه بوزارة الداخلية بالرباط.
 
                                 ................................................... من جهة أخرى
 
 
 
الــوقــائـــع
 
بناء على عريضة الطعن المسجلة بهذه المحكمة بتاريخ 15/08/2016، أورد فيها الطاعن بواسطة نائبه أنه مستشار جماعي فائز بعضوية ورئاسة جماعة ……. في انتخابات 2015، وأن مجموعة من المستشارين وفي إطار التواطؤ والاحتيال ولتحقيق أهداف شخصية قاموا بتقديم استقالات جماعية في غضون شهر ماي 2016 من مجلس الجماعة المذكورة، وأنه إثر ذلك أصدر والي جهة مراكش آسفي عامل عمالة مراكش، قرارا بتجريد جميع أعضاء المجلس التسعة والعشرون الحاليين لمجلس جماعة ا……. من صفة العضوية بالمجلس، فتقدم الطاعن بتظلم بشأنه، باعتبار أنه لم يقع أي سبب قانوني يبرر التجريد من العضوية أو الإعفاء منها أو العزل أو غيره، وأنه إثر ذلك راسل وزير الداخلية والي جهة مراكش آسفي عامل عمالة مراكش، مخبرا إياه بأنه طبقا للمادة 153 من القانون التنظيمي رقم 11.59 المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية، التي تنص على أنه في حالة فقدان مجلس جماعة ينتخب أعضاؤه عن طريق الاقتراع الفردي، الثلث على الأقل من عدد أعضائه، فإنه يتعين إجراء انتخابات تكميلية في ظرف الثلاثة أشهر الموالية لتاريخ آخر شغور وذلك قصد ملء المناصب الشاغرة فقط، وبالتالي لا يجرد الأعضاء غير المستقيلين من عضويتهم بالمجلس ، وأنه توصل بعد ذلك بمراسلة من والي الجهة عامل عمالة مراكش بتاريخ 27/06/2016، أخبره من خلالها أن الأعضاء غير المستقيلين لا يجردون من عضويتهم بمجلس الجماعة طبقا للمراسلة الصادرة عن وزير الداخلية سالفة الذكر، إلا أنه بتاريخ 28/07/2016 صدر قرار لوزير الداخلية تحت عدد 2283.16 قضى بتحديد تاريخ إجراء انتخابات جزئية لانتخاب أعضاء جدد بمجلس جماعة …. التابعة لعمالة مراكش، ونصت مادته الأولى على أنه "يدعى يوم الخميس 8 سبتمبر 2016 ناخبو مجموع الدوائر الانتخابية بجماعة …. التابعة لعمالة مراكش لانتخاب مجلس جماعي جديد"، و أو ضح الطاعن أن ما تضمنته المادة الأولى من القرار المطعون فيه تتنافى ومقتضيات المادة 9 من القانون التنظيمي رقم 14.113 المتعلق بالجماعات و المادة 153 من القانون التنظيمي رقم 59.11 المتعلق بانتخاب أعضاء المجالس الترابية، مما يجعله مشوبا بتجاوز السلطة لاتسامه بعيب مخالفة القانون، لأجل ذلك التمس الحكم بإلغاء القرار الصادر عن وزير الداخلية تحت عدد 2283.16 بتاريخ 23 شوال (28/07/2016) المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6489 ـ 4 ذو القعدة (8 أغسطس 2016) القاضي بتحديد تاريخ إجراء انتخابات جزئية لانتخاب أعضاء جدد بمجلس جماعة ال….. التابعة لعمالة مراكش.

وبناء على المقال الإصلاحي المدلى به من طرف الطاعن بواسطة نائبه بتاريخ 23/08/2016، الرامي إلى الإشهاد بإصلاحه لمقال الدعوى وذلك بجعلها موجهة ضد الوكيل القضائي للجماعات الترابية بدل المساعد القضائي للمملكة الكائن بمكاتبه بوزارة الداخلية.
وبناء على المذكرة الجوابية المدلى بها من طرف الوكيل القضائي للمملكة بجلسة 23/08/2016، الرامية من حيث الشكل إلى الحكم بعدم قبول الطلب لاستنفاذه بدعوى معروضة أمام المحكمة الإدارية بمراكش، باعتبار أن الطاعن تقدم بنفس الطعن أمام المحكمة الإدارية بمراكش بتاريخ 11/08/2016 فتح له الملف رقم 300/7110/2016 طلب بواسطته إلغاء نفس القرار المطعون فيه حاليا، و  من حيث الموضوع التمس فيها الحكم برفض الطلب، لكون الإطار القانوني المؤطر للنازلة و على أساسه صدر القرار المطعون فيه هي المقتضيات الواردة في المادتين 74 و75 من القانون التنظيمي رقم 14.113 المتعلق بالجماعات، باعتبار أن المجلس الجماعي …… انقطع عن مزاولة مهامه على إثر استقالة أكثر من نصف أعضائه المزاولين مهامهم وهي الحالة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 75  من القانون التنظيمي رقم 14.113 المتعلق بالجماعات التي تنص على أنه "وإذا انقطع المجلس عن مزاولة مهامه على إثر استقالة نصف عدد أعضائه المزاولين مهامهم على الأقل، بعد استيفاء جميع الإجراءات المتعلقة بالتعويض طبقا لمقتضيات القانون التنظيمي رقم 59.11، وجب انتخاب أعضاء المجلس الجديد داخل أجل ثلاثة (3) أشهر من تاريخ الانقطاع عن مزاولة مهامه"، وأنه يستشف من المقتضى المذكور أن وجود المجلس في حالة انقطاع عن مزاولة مهامه يستوجب إعادة انتخاب أعضاء المجلس برمته استنادا إلى صيغة العموم والإطلاق الواردة بها مقتضياته علما أن هذا النص هو الواجب التطبيق باعتباره نصا خاصا ينطبق على الحالة ويهم تدبير الجماعات وليس مقتضيات المادة 153 من القانون التنظيمي رقم 11.59، وأنه خلافا لما أثاره الطاعن فإن الرسالة الموجهة من وزير الداخلية لوالي جهة مراكش أسفي عامل عمالة مراكش، وردت في سياق الاستشارة التي طلبها الوالي من وزير الداخلية بخصوص إمكانية القيام بتجريد أعضاء المجلس غير المستقلين من عضويتهم من أجل تسوية وضعية المجلس، والتي أكد له فيها عدم إمكانية القيام بذلك مشيرا للمادة 153 سالفة الذكر، والتي تتضمن مجرد رأي ولا ترقى إلى درجة القرار الإداري حتى يمكن الاستدلال بها للقول بوجود تناقض بينها وبين القرار المطعون فيه لمجرد صدورهما من جهة واحدة، وفضلا عن ذلك فإن ما تضمنته تلك الرسالة من وجوب تطبيق المادة 153 السالفة الذكر، إنما أتى في سياق تطبيق المقتضى بشكل عام ليس إلا وليس اعتماده كأساس للتطبيق بأن يتم القيام بانتخابات تكميلية بخلاف تام لمقتضيات المادتين 74 و75 من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات، كما أن استناد الطاعن إلى المادة 153 للقول بإجراء انتخابات تكميلية للأعضاء المستقيلين في حالة فقدان المجلس الجماعي الثلث من أعضائه وليس بانتخاب جميع الأعضاء أي المجلس كله غير مؤسس، باعتبار أن القانون التنظيمي رقم 59.11  المتعلق بانتخاب مجالس الجماعات الترابية يتضمن الإطار العام، وقد سن المشرع قوانين تنظيمية تحدد كل منها انتخاب وتدبير كل نوع من هذه الجماعات وخص الجماعات المحلية سواء منها الحضرية أو القروية بالقانون التنظيمي رقم 14.113 والذي بالرجوع للفقرة السادسة من المادة 153 منه التي تنص على انه "إذا فقد مجلس جماعة ينتخب أعضاؤه عن طريق الاقتراع الفردي لأي سبب آخر غير الأسباب المشار إليها في الفقرة السابقة، الثلث على الأقل من عدد أعضائه، وجب إجراء انتخابات تكميلية في ظرف الثلاثة أشهر الموالية لتاريخ أخر شغور ما عدا إذا صادف ذلك الأشهر الثلاثة السابقة لتاريخ التجديد العام للمجالس الجماعية"، نجدها قد ربطت وجوب القيام بانتخابات تكميلية بحالة فقدان مجلس جماعة نسبة الثلث على الأقل من عدد أعضائه ولم تتضمن وضع حد لامتداد هذه النسبة ومنها حالة فقدان النصف أو أكثر من أعضائه، على باعتبار أن ذلك سيؤدي إلى فقد الأغلبية داخل المجلس، لذلك فإن المادة 75 من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات حددت النسبة للقيام بانتخاب المجلس بأكمله وليس القيام بانتخابات تكميلية في حالة انقطاع المجلس عن مزاولة مهامه باستقالة نصف الأعضاء على الأقل، وبالتالي فإن استقالة ثلث الأعضاء على الأقل يكون غير ممكن في حالة استقالة نصف الأعضاء فما فوق وهو ما عالجته المادة 75 السالفة الذكر، علما أن القانون الخاص يكون واجب التطبيق على القانون العام كما أن القانون اللاحق يقدم على القانون السابق، مشيرا إلى أن المادة 153 من القانون التنظيمي المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية، لا يمكن تطبيقها بشأن مسألة التعويض على أساس أننا أمام انتخاب مجلس مقترع بالانتخاب الفردي وليس باللائحة، وأن المادة 75 من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات نصت على وجوب القيام بانتخاب مجلس جديد ولم تفرق بين الأعضاء المستقيلين أو الشاغرين أو الذين ما زالوا أعضاء، وأن مقتضيات المادة 9 من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات التي تنص على حالات التجريد لا علاقة لها بنازلة الحال على اعتبار أن القرار المطعون فيه لم ينص على تجريد أعضاء المجلس من عضويتهم وإنما نص على إجراء انتخابات المجلس الجديد طبقا لمقتضيات المادة 75 من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات، الذي حدد الحالة التي يجب القيام فيها بهذه الانتخابات بعد ثبوت وجود الجماعة في نفس تلك الحالة والتي لا ينازع الطاعن بشأنها، الأمر الذي يجعل هذا الإدعاء عديم الأساس.        

وبناء على الوثائق الأخرى المدرجة بالملف.

وبناء على الإعلام بإدراج القضية بجلستين كانت آخرها الجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ 23/08/2016.
وبناء على المناداة على الأطراف ومن ينوب عنهم وحضورهم، فقررت المحكمة اعتبار القضية جاهزة، وأعطيت الكلمة للمفوض الملكي الذي التمس رفض الطلب، فتم حجز القضية للمداولة لآخر الجلسة.
 
وبعد المداولة طبقا للقانون

في الشكل:

حيث دفع الوكيل القضائي للمملكة بعدم قبول الطلب لاستنفاذه بدعوى معروضة أمام المحكمة الإدارية بمراكش، باعتبار أن الطاعن تقدم بنفس الطعن أمام هذه الأخيرة بتاريخ 11/08/2016 فتح له ملف رقم 300/7110/2016 والذي طلب بواسطته إلغاء نفس القرار المطعون فيه حاليا.
لكن حيث إنه خلافا لما ارتكز عليه الدفع المثار أعلاه، فإن المشرع لم يجعل إقامة نفس الدعوى أمام محكمتين مختلفتين من موجبات عدم القبول، وأنه لئن كان البت فيهما ينتج عنه احتمال صدور حكمين متناقضين، فإن البين من نص الفصلين 109 و49 من قانون المسطرة المدنية، أن الآلية الإجرائية التي جعلها المشرع بيد الخصوم لتلافي هذا التناقض، هي الدفع بإحالة الملف إلى المحكمة الأخرى المرفوع أمامها الطلب، وهو دفع لا يتعلق بالنظام العام بدليل عدم إمكانية إثارته في جميع مراحل الدعوى واشتراط التمسك به قبل كل دفاع في الجوهر وإلا كان غير مقبول، حسب البين من نص الفصل 49 من نفس القانون وتنصيص الفصل 109 منه صراحة على كون إثارة هذا الدفع ينبغي أن يتم بطلب من الأطراف، ولذلك فإن الجهة المطلوبة في الطعن لما لم تتمسك بهذا الدفع، ولم تؤسس دفعها بعدم القبول على ما يجعله منتجا، تكون المآخذ الشكلية التي أثارتها بهذا الصدد غير ذات أساس، وفضلا عن ذلك ولما كان الدفع بعدم القبول في هذه الحالة لا يتعلق بالنظام بدليل ربط المادة 49 الأخذ به بضرورة إثارته قبل كل دفاع في الجوهر، فإن الوكيل القضائي مثير الدفع لما لم يُدلِ بالملف بما يثبت رفع نفس الدعوى الحالية أمام المحكمة الإدارية بمراكش حسب ما تمسك به، أي بنسخة من مقال الطعن مؤشر عليها من كتابة ضبط المحكمة المذكورة، يكون دفعه غير ذي أساس من الواقع، لعدم ثبوت ما ارتكز عليه من وجود دعوى جارية بنفس الموضوع أمامها، الأمر الذي يجعل الدفع غير مؤسس ويتعين معه التصريح برده.

وحيث إنه فضلا عن ذلك فقد قدم الطلب مستوفيا لباقي الشروط الشكلية المتطلبة قانونا ، لذا فهو مقبول.

في الموضوع: حيث يهدف الطلب إلى الحكم بإلغاء قرار وزير الداخلية عدد 2283.16 بتاريخ 23 شوال (28/07/2016) المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6489 ـ 4 ذو القعدة (8 أغسطس 2016)، القاضي بتحديد تاريخ إجراء انتخابات جزئية لانتخاب أعضاء جدد بمجلس جماعة التابعة لعمالة مراكش.

وحيث أسس الطاعن طلبه على وسيلة فريدة مستمدة من خرق القرار المطعون فيه للقانون مجسدا في المادة 153 من القانون التنظيمي المتعلق بانتخاب أعضاء المجالس الترابية والمادة 9 من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات، لكونه قضى بإعادة الانتخابات بمجموع دوائر الجماعة، والحال أن المقاعد الشاغرة نتيجة استقالة بعض أعضاء المجلس لا تتعدى 18 مقعدا من أصل 29 عضوا، ولذلك يبقى من غير المبرر إجراء انتخابات في الدوائر التي لا يزال الأعضاء المنتخبون عنها مزاولين مهامهم.

وحيث إن الثابت من وثائق الملف، أن القرار المطعون فيه نص في مادته الأولى على أنه ""يدعى يوم الخميس 8 سبتمبر 2016 ناخبو مجموع الدوائر الانتخابية بجماعة التابعة لعمالة مراكش لانتخاب مجلس جماعي جديد"، وهو قرار صدر نتيجة تقديم ثمانية عشر (18) عضوا من أعضاء المجلس الجماعي من أصل تسعة وعشرون عضوا (29) لاستقالتهم، معلنا بذلك وجوب إجراء انتخاب جميع أعضاء المجلس دون تمييزه بين الأعضاء المستقيلين وغير المستقيلين، حسب ما أكده الوكيل القضائي للمملكة بمذكرته الجوابية المدلى بها بتاريخ 23/08/2016، مبررا ذلك بما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 75 من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات التي تنص على أنه "وإذا انقطع المجلس عن مزاولة مهامه على إثر استقالة نصف عدد أعضائه المزاولين مهامهم على الأقل، بعد استيفاء جميع الإجراءات المتعلقة بالتعويض طبقا لمقتضيات القانون التنظيمي رقم 59.11، وجب انتخاب أعضاء المجلس الجديد داخل أجل ثلاثة (3) أشهر من تاريخ الانقطاع عن مزاولة مهامه".

وحيث تنص المادة 153 من القانون التنظيمي رقم 59.11 المتعلق بانتخابات أعضاء مجالس الجماعات الترابية، على أنه "إذا فقد مجلس جماعة ينتخب أعضاؤه عن طريق الاقتراع الفردي لأي سبب آخر غير الأسباب المشار إليها في الفقرة السابقة (يتعلق الأمر بحالة إلغاء الانتخابات)، الثلث على الأقل من عدد أعضائه، وجب إجراء انتخابات تكميلية في ظرف الثلاثة أشهر الموالية لتاريخ آخر شغور ما عدا إذا صادف ذلك الأشهر الثلاثة السابقة لتاريخ التجديد العام للمجالس الجماعية".

وحيث إن البين من هذه المادة أن ما يوجبه المشرع في حالة فقدان المجلس لثلث أعضائه على الأقل هو إجراء "انتخابات تكميلية"، وهي الصيغة التي يستفاد منها أن الانتخابات ينبغي أن تقتصر على الدوائر التي فقد الأعضاء المنتخبون عنها مقاعدهم من أجل تكملة التركيبة الناقصة للمجلس، بما يترتب عنه استمرار الأعضاء الذين لم يفقدوا مقاعدهم في شغل عضويته، ولما كان البين في النازلة أن عدد الأعضاء الذين قدموا استقالاتهم من مجلس جماعة السويهلة هو 18 عضوا من أصل 29 عضو، بما يتحقق معه تجاوز نسبة ثلث المقاعد المفقودة بالمجلس، فإن شروط إجراء انتخابات تكميلية حسب التحديد الوارد بالمادة المذكورة تكون قد تحققت، ما دام أن مقتضياتها رتبت نفس الجزاء بالنسبة لجميع حالات فقدان العضوية بما في ذلك الاستقالة كما في نازلة الحال، ومن ثم فإن القرار المطعون لما نحى خلاف ذلك وقرر إجراء انتخابات جزئية تشمل جميع دوائر الجماعة المذكورة، بما في ذلك الدوائر التي لا يزال الأعضاء المنتخبون عنها مكتسبين لصفة العضوية في المجلس، يكون قد خرق القانون.

وحيث دفع الوكيل القضائي للمملكة بكون المادة 153 المستدل بها أعلاه لا تنطبق على النازلة، باعتبارها مندرجة ضمن القانون التنظيمي رقم 59.11 وهو نص عام يتعلق بانتخابات أعضاء جميع مجالس الجماعات الترابية، بما في ذلك مجالس الجهات والأقاليم والعمالات، ولذلك لا تطبق مقتضياته بخصوص النازلة، لوجود نص خاص لاحق من حيث الصدور يتضمن أحكاما مختلفة تجعل الانتخابات في حالة استقالة نصف الأعضاء على الأقل شاملة لمجموع الدوائر، وهو القانون التنظيمي رقم 113.14 باعتباره قانون ينحصر سريانه على الجماعات ومقتضياته أولى بالتطبيق، إذ ينص في مادته 75 على أنه "إذا انقطع المجلس عن مزاولة مهامه على إثر استقالة نصف أعضائه المزاولين مهامهم على الأقل، بعد استيفاء جميع الإجراءات المتعلقة بمسطرة التعويض طبقا لمقتضيات القانون التنظيمي رقم 59.11، وجب إجراء انتخاب أعضاء المجلس الجديد داخل أجل ثلاثة أشهر من تاريخ انقطاعه عن مزاولة مهامه"

لكن حيث إنه بالرجوع للمادة 75 المتمسك بها من طرف الوكيل القضائي، يتبين أن مقتضياتها لا تتضمن ما يجعل انقطاع المجلس عن مزاولة مهامه بسبب استقالة نصف أعضاء المجلس الجماعي على الأقل سببا لإعادة انتخاب كامل الأعضاء، ذلك أن المقطع الأخير الذي ورد به "وجب إجراء انتخاب أعضاء المجلس الجديد" وفقا لما تمسك به الوكيل القضائي، لا يمكن اعتباره مدخلا لتفسير المادة المذكورة بكونها تجعل الانتخابات في هذه الحالة شاملة لمجموع الدوائر، ما دام أن منهجية تفسير النصوص القانونية تقتضي تجنب البحث في معنى الأخيرة بطريق تجزيئي، إذ لا يُتوصل إلى المقصود منها إلا بتفسيرها في شموليتها وتكاملها وربط بعضها ببعضها، من منطلق أن أول ما يُلجا إليه في فهم النصوص القانونية هو تفسيرها انطلاقا من نصوص القانون ذاتها، وإعمالا لذلك وبالرجوع للمادة 75 المذكورة يتبين تنصيصها على أن انتخابات أعضاء المجلس الجديد تُجرى، بعد استيفاء مسطرة التعويض، ولما كان البين من المادة 153 من القانون التنظيمي رقم 59.11 أن إعمال هذه المسطرة يقتضي تعويض العضو الذي فقد مقعده بعضو آخر، فإن ذلك يعني أن تقرير إجراء الانتخابات ينبغي أن يأخذ في الاعتبار الأعضاء الذي اكتسبوا العضوية عن طريق تطبيق مسطرة التعويض في هذه الحالة، ولذلك لا يمكن أن تشمل الانتخابات الدوائر التي يمثلونها، إذ من غير المستساغ أن يتقرر إكسابهم العضوية عن طريق المسطرة المذكورة بسبب استقالة الأعضاء وفق النسبة المحددة سلفا، وفي نفس الوقت إجراء انتخابات شاملة لمجموع الدوائر للسبب ذاته، بما يجعل مقاعدهم مصنفة ضمن المقاعد الشاغرة المقرر شغلها عن طريق الانتخابات المذكورة، وهو ما يؤكد أن قصد المشرع اتجه إلى الإبقاء على عضويتهم بالمجلس من غير أن تستهدف الانتخابات المنصوص عليها شغل مقاعدهم من جديد، ومن ثم فإن هذه الصيغة يستشف منها اتجاه قصد المشرع إلى الإبقاء بصورة أَوْلَى على الأعضاء الذين لم يفقدوا مقاعدهم أصلا نتيجة عدم تقديمهم للاستقالة، إذ أن عدم شمول الانتخابات للمقاعد التي تم شغلها عن طريق التعويض، يقتضي بالأولوية عدم شمولها للمقاعد التي لم تعرف حالة الشغور أصلا نتيجة عدم تقديم الاستقالة، وهذا الفهم للفقرة الثانية من المادة 75 أعلاه، يؤكده التمييز الواضح الذي ينتج عن مقارنتها بالفقرة الأولى التي جعلت حل المجلس يستوجب المرور مباشرة لإجراء انتخابات أعضاء المجلس الجديد، دون ربط ذلك باستيفاء مسطرة التعويض، بما يجعل الانتخابات في هذه الحالة شاملة لمجموع الدوائر، بينما جاءت الفقرة الثانية بخصوص حالة انقطاع المجلس عن مزاولة مهامه إثر استقالة نصف أعضائه على الأقل، بصيغة مختلفة عندما ربطت إجراء الانتخابات بسبقية استيفاء مسطرة التعويض، بما يستوجب استمرار من تقررت عضويتهم عن طريق التعويض إلى جانب من لم يفقدوا عضويتهم نتيجة عدم الاستقالة وعدم شمول الانتخابات للدوائر التي يمثلونها، ولو كان قصد المشرع غير هذا المعنى، لجاءت الفقرة الثانية المتعلقة بحالة الانقطاع مطابقة لما نصت عليه الفقرة الأولى بخصوص حالة حل المجلس (التي تتقرر بسبب امتناعه عن مزاوله مهامه مثلا حسب المادة 73 من القانون التنظيمي رقم 113.14) ، كما أن ورود المادة 75 بصيغة "وجب إجراء انتخاب أعضاء المجلس الجديد" لا تحمل في معناها ومبناها ما يمكن أن يستشف منه إجراء انتخابات تشمل جميع دوائر الجماعة التي استقال نصف أعضائها على الأقل، إذ يقصد بصيغة "أعضاء المجلس" أولئك الأعضاء الذين أصبحت مقاعدهم شاغرة بسبب الاستقالة دون غيرهم، ولا يعاكس هذا المَعنى عدم التنصيص اللفظي على ما يدل عليه، لكونه مستنبط من تقدير الكلام في سياقه المُؤَطر بما جاء في نفس الفقرة التي أوردت لفظ الأعضاء مقترنا بما أقدم عليه "نصفهم على الأقل" من تقديم استقالتهم، ولذلك فما تقرر بالنسبة لهم من انتخابات لتعويض مقاعدهم يظل هو الآخر متعلقا بـ "نصفهم على الأقل"، بما يستفاد منه الطابع غير الشامل لهذه الانتخابات التي يقتصر نطاقها على الدوائر التي فقدت ممثليها في المجلس، أما ما تضمنته نفس المادة من ربط الأعضاء المطلوب انتخابهم بـ "المجلس الجديد"، فجاءت مراعاة لكون المجلس أصبح في حالة انقطاع وفقا لما تقضي به الفقرة الأولى منها، ولذلك فتكملة تركيبته عن طريق ملأ المقاعد الشاغرة التي فاقت النصف يجعل منه مجلسا جديدا في مفهوم نفس المادة يستأنف مهامه بتركيبته الجديدة المستوفاة عن طريق الانتخابات التكميلية.

وحيث إنه لئن تعلقت الانتخابات في النازلة بالاقتراع الفردي، فإن ذلك لا تأثير له على ما ذهبت إليه المحكمة من تعليل مسطر أعلاه، إذ أنه لئن كانت مسطرة التعويض لا تتقرر إلا في حالة الاقتراع باللائحة، فإن عدم ارتباط النزاع في النازلة بهذا النوع من الانتخابات لا يعدم انطباق التعليل المشار إليه أعلاه على الاقتراع الفردي، من منطلق أن تفسير وجه تقييد المشرع لإجراء انتخاب أعضاء المجلس في حالة المادة 75 باستيفاء مسطرة التعويض وفقا لما ورد أعلاه، لا يستهدف الإلزام بسلوك هذه المسطرة في جميع الحالات، بل يهدف فقط إلى البحث في غاية المشرع من هذا التقييد للقول بوجوب استمرار الأعضاء المكتسبين للعضوية عن طريق مسطرة التعويض في حالة اللجوء إليها، للوصول عبر القياس من باب أولى إلى ما استهدفه من إبقاءٍ على المقاعد التي لم يقدم أصحابها استقالاتهم، ولذلك فإن عدم تطبيق مسطرة التعويض لتعلق الأمر بالاقتراع الفردي، لا يغير من حق الأعضاء غير المستقيلين في استمرار عضويتهم، لأن التفسير أعلاه يقتضي إقرار ما تم استنتاجه من أولوية استمرار الأعضاء غير المستقيلين في مزاولة مهامهم.
وحيث إنه استنادا إلى ذلك تكون المادة 153 من القانون التنظيمي رقم 59.11 المتعلق بانتخابات أعضاء مجالس الجماعات الترابية غير متضمنة لأي تعارض مع المادة 75 من القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات، ولذلك لا وجه لإعمال قاعدة النص الخاص يقيد النص العام لترجيح تطبيق القانون التنظيمي المذكور أخيرا وفقا لما تمسك به الوكيل القضائي للمملكة، ويبقى ما ساقته الجهة الطاعنة من دفوع لإظهار النتائج المختلفة المؤسسة على اختلاف نسبة الأعضاء المستقيلين المتطلبة لإجراء الانتخابات في كلا المادتين، غير مؤسس، إذ أن اشتراط المادة 153 أعلاه استقالة الأعضاء بنسبة الثلث على الأقل لترتيب الآثار المسطرة بها، في مقابل تنصيص المادة 75 على نسبة النصف على الأقل، يظل غير حامل لأي تعارض، ما دام أن سياق كلا المادتين مختلف عن الآخر، ذلك أنه من جهة أولى فاعتماد المشرع في المادة  153 من القانون التنظيمي رقم 59.11 على نسبة ثلث الأعضاء على الأقل جاء فقط بغاية تحديد شروط إجراء انتخابات تكميلية دون أي أثر آخر، بينما جاء نص المذكورة 75 من القانون التنظيمي للجماعات على استقالة الأعضاء بنسبة النصف على الأقل بهدف ترتيب ما قرره من ثبوت انقطاع المجلس عن مزاولة مهامه في هذه الحالة على أساس ورود هذه المادة ضمن الباب الثالث من القسم الأول من القانون التنظيمي المذكور المعنون بالنظام الأساسي للمنتخب، وجاء بعده النص على تنظيم انتخابات تعويض المقاعد الشاغرة بشكل تبعي، في انسجام مع ما تقتضيه المادة 153 من القانون التنظيمي رقم 59.11 على أساس أن تجاوز نسبة الأعضاء المستقيلين النصف يعني تجاوزها لنسبة الثلث التي تشترطها المادة الأخيرة لإجراء انتخابات تكميلية، ولذلك فإن التوفيق بين المادتين يؤدي لاعتبار استقالة نصف أعضاء المجلس على الأقل مؤديا لانقطاع المجلس عن مزاولة مهامه وتعيين لجنة خاصة بقرار السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية تمارس مهام المجلس ورئيسه إعمالا للمادة 74 من القانون التنظيمي للجماعات، ثم إجراء انتخابات تكميلية لتعويض المقاعد الشاغرة، بينما يؤدي استقالة ثلث الأعضاء على الأقل بما لا يصل للنصف، إلى إجراء انتخابات تكميلية دون اعتبار المجلس في حالة انقطاع ودون تعيين اللجنة المذكورة.

وحيث إنه تأسيسا على ما تم بسطه أعلاه، يكون القرار المطعون فيه لما قضى بإجراء انتخابات بمجموع دوائر جماعة السويهلة خارقا للمادة 153 من القانون التنظيمي رقم 59.11 المتعلق بانتخابات أعضاء المجالس الجماعية والمادة 75 من القانون التنظيمي 113.14 المتعلق بالجماعات مما يجعله مشوبا بعيب مخالفة القانون وهو بذلك متسم بتجاوز السلطة، الأمر الذي يبقى معه طلب إلغائه مبنيا على أساس قانوني سليم ويتعين الاستجابة له.
وحيث إن طلب النفاذ المعجل غير مبرر، خصوصا أمام صدور حكم قضى بإيقاف تنفيذ القرار المطعون فيه، مما يتعين معه التصريح برفضه.
  
المنطوق
 
وتطبيقا لمقتضيات القانون رقم 90/41 المحدث للمحاكم الإدارية.
 
لهذه الاسباب
 
قضت المحكمة الإدارية علنيا ابتدائيا وحضوريا:
 
في الشكل: بقبول الطلب
في الموضوع: بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب عن ذلك قانونا وبرفض باقي الطلب.
وبهذا صدر الحكم في اليوم والشهر والسنة المبين أعلاه.
 
إمضــــــاء:
 
الرئيس والمقرر                                                              كاتب الضبط    



via MarocDroit - موقع العلوم القانونية http://ift.tt/2bMw0VI

الهجرة واللجوء والإسلاموفوبيا .. حطب الانتخابات بأوروبا وأمريكا


الهجرة واللجوء والإسلاموفوبيا .. حطب الانتخابات بأوروبا وأمريكا

تعيش أكثر من منطقة في العالم مخاضا فريدا وتحولات متسارعة يطبعها تسارع الأحداث الدولية وتشابك الفاعل السياسي بالمؤشر الاقتصادي والمؤثرات الاجتماعية وتفاوت درجات القوة والتأثير بين هذه المكونات، إضافة إلى كثرة تسخير كل طرف للأذرع الإعلامية والمنظمات التابعة له للخوض في كل شيء وشن حرب مفتوحة على الطرف المقابل باستعمال جميع الأساليب حتى الدنيئة منها؛ وهو ما يجعل الفاعل السياسي، خصوصا المرشحين للانتخابات، يتفنن في وسائل "التنكيل الانتخابي" لتحقيق غاية الفوز بعدد أكبر من الأصوات حتى وإن كان ذلك على حساب التوجه الإيديولوجي أو البرنامج السياسي الذي بني عليه الإطار الحزبي.
 

إن العرض السياسي الذي أصبحنا نلحظه في العديد من الدول الأوروبية، التي يفترض على أنها نماذج عريقة في الديمقراطية والعمل السياسي، لم يعد مبنيا على توجه إيديولوجي يرسم خارطة طريق الأحزاب ويحدد حلفاءها وخصومها ويقدم برنامجا مجتمعيا متماسكا وفريدا؛ بل أصبح مسودة قابلة للمراجعة والتعديل في أي وقت تحت تأثير المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياق السياسي، وهو ما تكون له في الغالب نتائج سلبية أكثر مما يمكن جنيه من مصالح.
 

على سبيل المثال، الوزير الأول البريطاني دافيد كامرون انتهى سياسيا واختفى من الـساحة بسـرعة البرق، بعد فوز استفتاء خروج بلاده من الاتحاد الأوروبي؛ وهو الاستفتاء الذي لم يكن في حسبان كامرون أنه سيخرجه من النافذة وينهي مساره السياسي، نظرا لضعف إنجازات حكومته ومحاولتها تصدير أزمات بريطانيا الاقتصادية والاجتماعية وتهديد موقعها ضمن الدول العظمى.
 

من جهة أخرى، فإن الوضع في إسبانيا لا يختلف كثيرا؛ فقد جرى حل البرلمان وإعادة الانتخابات مرتين. ومع ذلك لم تسفر هاتان المرتان عن أغلبية مطلقة لهذا التيار أو ذاك، وتم فقط تشتيت انتباه الناخب الإسباني نحو قضايا خارجة عن حياته اليومية؛ بل حتى الحركات الاحتجاجية مثل بوديموس لم تحقق ذلك الاكتساح المرتقب في انتخابات يونيو 2016، نظرا لغياب العرض السياسي الناجح في برامج الأحزاب الإسبانية، وحلولا واقعية تخرج البلاد من تداعيات الأزمة الاقتصادية وهو سبب كافي لشلل الحياة التشريعية والتنفيذية في البلاد.
 

في هذا السياق، يبدو أن سنة 2017 ستعرف "القيامة الانتخابية "، في العديد من مناطق العالم؛ كلندن ومدريد وباريس وواشنطن وغيرها. وبما أننا نُدرك أن اللعبة السياسية بقواعدها غير الثابتة تعتمد على عـنصر "المصلحة" فقط، فإننا نتوقع أن تعرف ملفات الهجرة واللجوء والإسلاموفوبيا حطبا سيشعل لهيب الحملات الانتخابية في جل هذه الدول وشماعة تعلق عليها جميع المشاكل الاجتماعية التي تمر بها بعض الدول الأوروبية وكذا الولايات المتحدة.
 

فالمرشح الجمهوري للرئاسيات الأمريكية دونالد ترامب لا يعتمد في حملته الانتخابية على برنامج يحمل عرضا سياسيا يقنع به الناخب الأمريكي، ويقدم له حلولا تعده بغد أفضل، وبتعايش داخلي بين السود والبيض وبتماسك مجتمعي وسياسية خارجية مبنية على نشر السلم والديمقراطية عبر العالم؛ بل اختار التهجم على المهاجرين وعلى الرؤوس أشهد ببناء جدار على طول الحدود المكسيكية لوقف الهجرة وطرد جميع المسلمين.
 

أما في فرنسا، فقد وفرت تداعيات الأزمة الاقتصادية ومخلفات ولاية ساركوزي، خصوصا في السياسات الاجتماعية إضافة إلى الاكتواء بنار الإرهاب، تربة خصبة لفرنسوا هولاند الذي تصفه التحليلات بأنه واحد من أسوء رؤساء فرنسا. ومن ثم، رجحت كفة اليمين المتطرف، وجعلت خطاباته المبنية منذ البداية على العنصرية ورفض الأجانب وتخويف الفرنسيين من المكون المسلم تتفوق على جميع التوجهات السياسية في بلد المبادئ الثلاثة.
 

بدورها، لم تجد حكومة مانويل فالس الحلول الواقعية لكل المشاكل المرتبطة بالحياة اليومية للفرنسيين، فاختارت أن تشغلهم بأمور غير ذات أهمية؛ فالنقاش الدائر حول البوركيني مثلا يدخل في جزء كبير منه ضمن حملات التمويه وتشتيت انتباه الرأي العام، للفرار من تقديم إجابات صريحـة عن الاحتجاجات ضد "قانون الشغل"، وعن ارتفاع معدلات البطالة التي وصلت إلى درجة 10،3% أي ضعف معدلات إنجلترا وألمانيا، إضافة إلى إطالة مدة الطوارئ في بلد ديمقراطي وبلد الحرية والمساواة والأخوة.
 

لقد كان على مانويل فالس التفكير في إجابات مقنعة بخصوص سياسة المدينة واندماج الأجانب في المجتمع الفرنسي والغنى الذي يتيحه التعدد، بدل مسايرة ضغوطات اليمين المتطرف والهروب إلى الأمام وإشعال المزيد من أسباب الكراهية والحقـد بين الفرنسيين مــن ديانات مختلفة؛ فالنساء بـ"البوركيني" على الشاطئ هُن النساء أنفسهن بالحجاب أو الجلابة المغربية في الشارع وفي المتاجر الكبرى والمطارات والإدارات الفرنسية. وأين هو الضرر في اختيار المرأة بكل حرية لباسها، سواء في الشاطئ أو في الشارع؛ بما أن الأمر لا يشكل أية مخالفة للقوانين ولا يهدد حرية الآخرين أو سلامة المواطنين؟
 

إن ما يهم الناخب الـفرنسي، بالدرجة الأولى، ليس هو لباس البحر؛ وإنما هو محاربة البطالة وتخفيض الأعباء الضريبية، سواء على الأفراد أو المقاولات. وما يهم الشباب الفرنسي، بالدرجة الأولى، هو توفير فرص الشغل والبحث العلمي. وما يهم النشطاء الحقوقيين هو الدفاع عن مبادئ الجمهورية والدولة العلمانية التي تضمن حقوق الأقليات في ممارسـة شعائرهم الدينة وحرية المعتقد واحترام الخصوصيات الثقافية.
 

لقد جعل غياب عرض سياسي مقبول الاشتراكيين في فرنسا يقبلون بالهزيمة حتى قبل بداية الرئاسيات المرتقبة سنة 2017؛ ولن يكون أمام الناخب الـفرنسي سوى خطاب اليمين المتطرف أو حزب "الجمهوريين"، الذي دشن رئيسه نيكولا ساركوزي حملته بإصدار كتاب "الكل من أجل فرنسا" والذي تضمن أفكارا لمشروعه السياسي غير المبتعد كثيرا عن كلاسيكيات اليمين المتطرف، أي محاربة الهجرة والتضييق على المهاجريـن ومحاولة ضبط وتنظيم الإسلام بفرنسا وتعليق التجمع العائلي. كما بشر بخطة "شينغن" ثانية وحصر هذا الفضاء فقط على حاملي الجنسية، من دون إغفال التعديلات التي تخص قانون الجنسية الفرنسية، مرورا باستعادة التنافسية وتقوية مؤسسات الدولة.
 

خلاصة القول، فإن القاسم المشترك بين كل هذه التمارين الديمقراطية، سواء في بريطانيا أو الولايات المتحدة أو فرنسا وإسبانيا، هو الفقر في العرض السياسي لبرامجهم الانتخابية؛ وهو ما يسهم سلبا في فقدان الثقة في الفاعل السياسي والعزوف عن سياسة ليسـت بطعم العيش المشترك، بل سياسة قائمة على تـصدير المشاكل الداخلية خارج الحدود، أو تعليقها على الأجانب خصوصا المهاجرين والمسلمين داخل الحدود.

 
 



via MarocDroit - موقع العلوم القانونية http://ift.tt/2bAU2l0

قراءة مختصرة في اتفاقية لاهاي الدولية المتعلقة بإلغاء إلزامية التصديق بتاريخ 5 أكتوبر 1961 - نظام الأبوستيل وأثاره على الفعالية الدولية للعقود الرسمية.


L’efficacité internationale des actes Notarié et la formalité d’apostille من إعداد الأستاذ : عثمان بنمنصور موثق أستاذ جامعي زائر بجامعة ابن زهر خبير في انتقال الثروات
قراءة مختصرة في اتفاقية لاهاي الدولية المتعلقة بإلغاء إلزامية التصديق بتاريخ 5 أكتوبر 1961 - نظام الأبوستيل وأثاره على الفعالية الدولية للعقود الرسمية.

قراءة مختصرة في اتفاقية لاهاي الدولية المتعلقة بإلغاء إلزامية التصديق بتاريخ 5 أكتوبر 1961 - نظام الأبوستيل وأثاره على الفعالية الدولية للعقود الرسمية.
كما هو معلوم فقد صدر بموجب الظهير الشريف رقم 1.15.149 بتاريخ 12 يناير 2016 المنشور بالجريدة الرسمية عدد6440 المتعلق بالمصادقة على الاتفاقية الدولية المتعلقة بإلغاء إلزامية التصديق على العقود العمومية الأجنبية الموقعة بلاهاي في 5 أكتوبر 1961 والمعروفة اختصارا "بنظام الأبوستيل"Régime de l’apostille .
وبدخول هذه الاتفاقية حيز التنفيذ يومه الأحد 14 غشت 2016 (عمليا 15 غشت 2016) فإن جميع العقود العمومية الأجنبية الصادرة بالمغرب بما فيها العقود الرسمية التي يتلقاها الموثقون والمراد الإدلاء بها لدى الدول التي صادقت على هذه الاتفاقية الدولية  تخضع  بموجب هده الخيرة إلى  شكلية  الأبوستيل .formalité d’apostille
نفس الإجراء الشكلي يطبق على العقود العمومية الصادرة عن الدول التي صادقت على هذه  الاتفاقية المذكورة والمراد الإدلاء بها لدى الدولة المغربية باعتبارها دولة منضمة.
  للإحاطة بهذا الموضوع وبشكل مختصر سنحاول دراسته من خلال المحوريين التاليين :

     أولا :مفهوم شكلية الأبوستيل (notion de l’apostille)

بالرجوع إلى مقتضيات المادة الثانية من اتفاقية لاهاي بشأن إلغاء إلزامية التصديق على العقود العمومية   فإن المقصود  بشكلية الأبوستيل  أو المصادقة – شهادة الأبوستل – هو الإجراء الشكلي الذي يثبت به الأعوان الدبلوماسيون و القنصليون التابعون للدولة المراد الإدلاء فيها بالوثيقة أو صحة التوقيع أوصفة الموقع وعند الاقتضاء نوع الختم أو الطابع الذي تحمله الوثيقة.

وبهذا يمكن القول بأن شهادة الأبوستل  ماهي إلا إجراء شكلي يرمي فقط إلى التصديق على التوقيع (la véracité de la signature) وصفة الموقع  (la qualité de signataire) وكذا التعريف بالختم (identification du sceau ) دون المساس بمحتوى الوثيقة أو العقد .

وعليه لا يجب الخلط بين مؤسسة الأبوستل ومؤسسة الصيغة التنفيذية  (Exequatur) ؛ حيث أن الأولى تعتبر إجراء شكلي فقط لا دخل له في مضمون الوثيقة، بينما الثانية إجراء في الموضوع يرمي إلى النظر في مضمون ومحتوى الوثيقة أو العقد لتأكد من عدم مساس أي بند من بنودها للنظام العام الوطني طبقا لمقتضيات المادة 430 وما يليها من قانون المسطرة المدنية.

وهنا يطرح التساؤل التالي :هل يمكن الاكتفاء بإجراء الأبوستل (شهادة الأبوستيل) التي يتم إلحاقها بالعقد أو الوثيقة لكي يصبح  قابلا للإدلاء به لدى السلطات الأجنبية من أجل تنفيذه أم انه يستلزم تذييله بالصيغة التنفيذية لكي يصبح نافدا ، وبهذا فهل يمكن القول  أن قبول  وسماع دعوى تذييل العقد أو الوثيقة  بالصيغة التنفيذية سيتوقف على شرط الإدلاء بشهادة الأبوستيل التي تلحق بالعقد موضوع التذييل؟

جوابا على هذين السؤالين  يمكن القول بأن الأبوستيل بحكم طابعه الشكلي الذي يرمي إلى الإشهاد على صحة التوقيع والختم أو الطابع وعند الاقتضاء صفة الموقع لا يعفي خضوع العقود العمومية الصادرة عن الدول الأجنبية قبل الإدلاء بها وتنفيذها لإجراء التذييل بالصيغة التنفيذية كضمان لعدم مساس بنود العقد للنظام العام الوطني .

فمثلا لو افترضنا عقد شهرة بضم الشين  (Acte de Notoriété ) تم توثيقه من طرف موثق فرنسي يثبت  ويشهد بموجب هذا العقد على وفاة زوجة فرنسية غير مسلمة وتاركة أبناء من رجل  مغربي مسلم ولها عقار بالمغرب .

بموجب اتفاقية لاهاي بشأن إلغاء إلزامية التصديق يتم منح شهادة الأبوستيل من طرف السلطات الفرنسية المختصة حسب مقتضيات المادة السادسة من هذه الاتفاقية  لعقد الشهرة المراد الإدلاء به للدولة المغربية قصد تنفيذه داخل التراب المغربي، لكن رغم هذا الإجراء لا يمكن لهذا العقد تنفيذه لكونه يتنافى مع النظام العام المغربي (خصوصا مقتضيات المادة 332 من مدونة الأسرة بمثابة قانون 03-70 : لا توارث بين مسلم وغير مسلم ولا بين من نفي الشرع نسبه) وبالتالي تبقى فعالية هدا العقد معلقة (إشكالية الفعالية الدولية للعقود)

وهو نفس الاتجاه  الذي سلكته الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية، عملا بالمذكرة عدد 22/2016.في شان اتفاقية  لاهاي الدولية المتعلقة بإلغاء إلزامية التصديق بتاريخ 5 أكتوبر 1961  الموجهة إلى السادة المحافظين العقاريين بكون إجراء الابوستيل لا يعفي  كإجراء شكلي من التذييل بالصيغة التنفيذية.

ثانيا: شروط ونطاق تطبيق نظام الأبوستيل

 شروط تطبيق نظام الأبوستيل
 
 
يمكن أن نستشف من بنود  اتفاقية لاهاي في شأن إلغاء إلزامية التصديق عن العقود العمومية الأجنبية  أن خضوع هذه العقود والوثائق  لنظام الأبوستيل يستدعي توفر  شرطين أساسيين:

أ-عدم التعرض على الدولة المنظمة للاتفاقية :

إن دخول الاتفافية  الدولية لاهاي لنظام الأبوستيل  بين الدولة المنضمة والدول المتعاقدة يتوقف على استكمال مسطرة إجرائية، بحيث تقوم وزارة الشؤون الخارجية الهولندية بصفتها منسقا في هذه الاتفاقية بتبليغ وثيقة الانضمام إلى الدول المتعاقدة والدول المنضمة، على أن تقوم هذه الدول باستخدام  حقها في الاعتراض عند الاقتضاء وإبلاغ الاعتراضات المحتملة إلى وزارة الشؤون الخارجية الهولندية في أجل أقصاه ستة أشهر من تلقي التبليغ بالانضمام، على أن تدخل الاتفاقية حيز التنفيذ بمرور ستين يوما الموالية لانتهاء أجل الاعتراض (Objection) .

للإشارة فإن وزارة الشؤون الخارجية الهولندية بصفتها الجهة المختصة لتلقي الاعتراضات  قد سجلت اعترض الدولة الألمانية على انضمام المملكة المغربية، وعليه فإن نظام الأبوستيل لا تسري أحكامه بين الدولة المعترضة (ألمانيا) والدولة المنضمة ( المملكة المغربية).
 
ب- عدم وجود اتفاقية ثنائية أو جماعية بين الدولة المنضمة والدول المتعاقدة
 
يشترط  لسريان اتفاقية لاهاي لنظام الأبوستيل، عدم وجود اتفاقية دولية ثنائية كانت أم جماعية بين الدول المتعاقدة والدولة المنضمة كما هو منصوص عليه في المادة الثالثة ،حيث لا يسري الإجراء الشكلي (الأبوستيل) إذا تم إلغاء، أو تبسيط ، أو إعفاء الوثيقة من المصادقة بموجب القوانين، أو الضوابط ،أو التطبيقات سارية المفعول في الدولة التي يجب الإدلاء فيها بالوثيقة ،أو في حالة اتفاق بين دولتين متعاقدتين أو أكثر.

يشترط كذلك لتطبيق هذا الإجراء الشكلي عدم التنصيص في الاتفاقية الثنائية أو الجماعية على إجراءات شكلية أكثر صرامة وتعقيد تخص المصادقة على التوقيع، أوالختم، أو عند الاقتضاء الطابع وصفة الموقع وذلك عملا بمقتضيات المادة الثامنة من اتفاقية لاهاي.

بمعنى أن الدولة المنضمة أو المتعاقدة التي وضعت شروطا خاصة وأكثر صرامة لإجراءات المصادقة (التصديق على صحة التوقيع، أو الختم، أو صفة الموقع) ضمن اتفاقية ثنائية أو جماعية، لا يسري العمل بمقتضيات اتفاقية لاهاي  في شان إلغاء إلزامية المصادقة على الوثائق العمومية الأجنبية بينهما.
 
من الأمثلة لهذا النوع من الاتفاقيات الثنائية نستحضر الأمثلة التالية: ​
 
المثال الأول: البروتوكول الإضافي لاتفاقية التعاون القضائي والملحق بهما المؤرخين ب 5 اكتوبر1957 المتعلقة بتمديد الاتفاقية إلى المنازعات الإدارية وبإحداث سلطة مركزية في ميدان المساعدة القضائية وبالتخلي عن إجراء التصديق الموقع بالرباط في 10 غشت 1981:
 
بمقتضى هذه الاتفاقية فإنه يمكن للوثائق أو العقود الصادرة عن المملكة المغربية الإدلاء بها أمام السلطات الفرنسية دون أي إجراء شكلي متمثل في التصديق، نفس الأمر بالنسبة للوثائق أو العقود الصادرة عن الدولة الفرنسية والمراد الإدلاء بها أمام السلطات المغربية .
 
المثال الثاني: الاتفاقية الثنائية بين فرنسا وألمانيا بتاريخ 13 سبتمبر 1971بشان الإعفاء من التصديق:
 
بمقتضى هذه الاتفاقية الثنائية فإن عقد الوكالة الرسمية المنجزة من طرف موثق بفرنسا  (Procuration authentique ) والمراد الإدلاء بها للسلطات الألمانية لا تخضع لإجراء الأبوستيل وذلك لوجود اتفاقية ثنائية بين الدولتين تعفي من إجراء التصديق .
 
المثال الثالث : حالة خاصة الاتفاقية الثنائية المبرمة بين فرنسا والبرتغال بتاريخ 20 يوليو 1983بشأن الإعفاء من التصديق:
 
تكمن خصوصية هذه الاتفاقية الثنائية  في كون السلطات البرتغالية ترفض تنفيذ الوثائق والعقود الصادرة عن الدولة الفرنسة، حيث تستلزم البرتغال إلحاق هذه  الوثائق أو العقود بشهادة الأبوستيل من طرف السلطات الفرنسية المختصة كشرط لتنفيذها، في حين أن السلطات الفرنسية لا تستلزم الإدلاء بشهادة الأبوستيل لتنفيذ الوثائق أو العقود الصادرة عن الدولة البرتغالية وذلك عملا بالاتفاقية الثنائية.

بمعنى أن السلطات البرتغالية تستلزم خضوع الوثائق والعقود العمومية الأجنبية لنظام الأبوستيل(اتفاقية لاهاي) كشرط للتنفيذ فوق ترابها، بينما فرنسا لا تشترط ذلك نظرا لوجود اتفاقية ثنائية تعفي من التصديق بين الدولتين.
 
نطاق تطبيق نظام الابوستيل
 

ميزت الاتفاقية موضع هذا البحث قسمين من الوثائق والعقود:
 
النوع الأول
 
تناولت المادة الأولى من اتفاقية لاهاي لنظام الأبوستيل أربعة أنواع من الوثائق أو العقود العمومية  التي تخضع لإجراء الأبوستيل وهي:
 
الوثائق الصادرة عن سلطة أو موظف تابع لمحاكم الدولة بما في ذلك الوثائق الصادرة عن النيابة العامة ،أو كتابة الضبط، أو الأعوان (المفوضين القضائيين)
ويدخل في حكم هذه الوثائق جميع الوثائق الصادرة عن السلطة أو الدولة وكذلك مختلف الأحكام والقرارات والأوامر الصادرة عن المحاكم (Les actes judicaires).
كذلك تدخل في نطاق هذا الإجراء، الوثائق الصادرة عن المفوضين القضائيين (محاضر التبليغ.....) Les actes extrajudiciaires.

 
الوثائق الإدارية  (Les actes administratifs)
 
بمعنى جميع الوثائق الصادرة عن الإدارات العمومية في حدود اختصاصها.
 
  • العقود التوثيقية ( Les actes notariés).
  • التصريحات الرسمية كبيانات التسجيل والتأشيرات محددة الأجل والمصادقات  على التوقيع ، المضمنة بالعقود العرفية .
     
ب) النوع الثاني

تم الإشارة إلى هذا النوع من الوثائق في الفقرة الأخيرة من المادة الأولى من الاتفاقية وهي  حتما عقود ووثائق لا تدخل في نطاق إعمال الابوستيل.

 
  • الوثائق الصادرة عن الأعوان الدبلوماسيين.
  • الوثائق الإدارية ذات الصلة المباشرة بالمعاملات التجارية أو الجمركية.
 
وعليه،  فشهادة الأبوستيل كإجراء شكلي يرمي إلى الإشهاد بصحة التوقيع، أو الختم، أوصفة الموقع لا يشكل في حد ذاته شرط لصحة العقد، بحيث أن تخلف هذا الإجراء الشكلي لا يبطل العقد ولا يحول دون فعاليته، لكن قد يتم المساس بهذه الفعالية وتعليقها في حالة تمسك أحد طرفي العقد مثلا بعدم التنفيذ لغياب هذا الإجراء، كما يمكن للقاضي عدم سماع دعوى تذييل العقد بالصيغة التنفيذية  في حالة غياب إجراء الأبوسيل وفي هذه الحالة  يعتبر الأبوستيل شرط أساسي في البت في الصيغة التنفيذية  .

عملا بالمذكرة عدد 22/2016 فإن المحافظ على الأملاك العقارية  قد يمتنع عن تنفيذ العقد الأجنبي المدلى به  رغم وجود شهادة الأبوستيل، إلا بعد الإدلاء بالصيغة التنفيذية طبقا لمقتضيات المادة 430 وما يليه من قانون المسطرة المدنية . 

بعض المراجع المعتمدة
 
-Droit International Privé et Communautaire : Pratique notariale.- MARIEL REVILLARD ,DEFRENOIS 2016
- Manuel Apostille Manuel sur le fonctionnement pratique de la Convention Apostille( Conférence de La Haye de droit international privé 2013)
 
- مذكرة الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية،   عدد22/2016
-اتفاقية لاهاي بشان إلغاء إلزامية المصادقة على الوثائق العمومية الأجنبية (5 اكتوبر1961.
-الاتفاقيات الثنائية في الميدان القضائي بين المملكة المغربية وباقي دول العالم  - إصدارات مركز الدراسات والأبحاث الجنائية بمديرية الشؤون الجنائية والعفو سلسلة اتفاقيات – يناير13
 

 

*نموذج من الابوستيل وفق مقتضيات المادة 04 من اتفاقية لاهاي (5 اكتوبر 1961)



via MarocDroit - موقع العلوم القانونية http://ift.tt/2bs6Lrd